لكل مسجد قصة.. هل تعرفها؟

من مشرق العالم العربي لمغربه، تقبع المساجد العتيقة في صمت تحكي قصص الماضي وتشهد علي عصور ولت وحضارات ذهبت وأخرى لا تزال.. ويبقي الأصل قصة عالقة بالأذهان.. حكاية وراء كل مسجد وذكريات لا تموت..

الأموي.. أول مأذنة
فى قلب دمشق، يقوم الجامع بمنطقة مقدسة من معبد وثني قديم. كان له برج في كل ركن من أركانه الأربعة واستعمله المسلمون للأذان ولا يزال أحدها قائماً بالركن الجنوبي الغربي. تأثر الوليد في بنائه بالمسجد النبوي بالمدينة من حيث الحرم المسقف والصحن المحاط بالأورقة ويتألف من صحن كبير مستطيل الشكل وإيوان رئيسي 136م وعمقه 37م وبالرواق ثلاثة صفوف من الأعمدة الموازية لجدار القبلة ارتفاعها 15م وفي وسطها صف من الأعمدة المتعامدة علي جدار القبلة تقوم فوقها قبة حجرية أضيفت لاحقاً. رواق القبلة مسقوف أيضاً علي هيئة مقببة وتحيط بالصحن أروقة أخري تحدها أقواس محمولة علي دعائم وبعضها مدبب والآخر علي شكل حدوة الفرس. فوق تلك العقود صف من النوافذ المستطيلة يعلوها جزء نصف دائري. أمر الوليد بزخرفة الجامع وإنشاء الجملونات الواقفة علي الأعمدة كما أقام قبة النسر والواجهة المطلة علي الصحن. كان أول ظهور للمآذن في عمارة المساجد بالجامع الأموي الكبير وتشير المصادر التاريخية إلي أن الوليد بن عبدالملك أنفق في إنشائه خراج الإمبراطورية لسبع سنوات كما استغرق إنشاؤه تسع سنوات، ويشكل الصحن والحرم أهم أجزاء الجامع فالصحن واسع باتجاه العرض. أما الحرم، فيتألف من ثلاثة أجنحة و68 دعامة. في الجنوب، محراب المالكية أو الصحابة وأقدم محراب بالعالم الإسلامي ثم الشافعي والحنابلة. وفي الوسط، المحراب الكبير ومقصورة الخطيب. وللجامع عدة أبواب أحدهما للزيارة ويفتح علي الحرم وثلاثة أبواب علي الصحن وهي باب الساعات الشرقي «باب جيرون» والغربي «باب البريد» والشمالي «باب العمارة أو الفراديس» الذي جاء في موقع بيت عمر بن عبدالعزيز. وهناك بابان صغير في الشرق والغرب. وأهم مايميز تصميمه الداخلي نقوش الفسيفساء، أما السقوف فاستعمل في بنائها الخشب المنقوش بالأشكال النباتية وبالألوان الزرقاء والذهبية والحمراء والخضراء.

زيتونة.. الجامع الجامعة
أول جامعة في تاريخ الحضارة الإسلامية قبل الأزهر وكان له دوراً هاماً فى نشر الثقافة الإسلامية بالقارة الإفريقية مع ترسيخ الملامح العامة للهوية العربية الإسلامية في تونس ودول المغرب. في القرن السابع الهجرى، بدأ الجامع يلعب دوراً أوسع فى نشر مناهج الثقافة وارساء التعاليم الاسلامية والحضارة العربية وإحياء التراث العربى فى دول المغرب كما ساهم بدور كبير في الحياة العلمية والثقافية الأمر الذى حفظ للمنطقة شىء من هويتها الأصلية فى مواجهة الاستعمار السياسي والحضارى. وكماالقلاع والحصون من الوسائل الدفاعية التي تحفظ للناس أمنهم، هناك حصونا أقوي وهي حصون حفظ العقيدة والثقافة والعلم، ويشكل الزيتونة بتونس أحد أهم هذه الحصون التي حمت التراث العربي الإسلامي علي مدي أربعة عشر قرناً من الزمان وكان سلاحه الكلمة والفكر ومادته المعرفة. أخذ الجامع شكل الجامعة في عهد الحفصيين في القرن الثالث عشر وكانت تقام فيه حلقات تدريس المواد الأساسية كالأدب والتاريخ والفسلفة الدينية واللغوية. وفي عام 1933، تحول -رسمياً- لجامعة وألحقت به مكتبة ضمت أكثر من 40000 عمل ومخطوطات نادرة. ولا تزال تنتشر حوله العديد من المكتبات المليئة بالمراجع والمصادر الدينية واللغوية. ولا يزال الزيتونة صرحاً إسلامياً وعلميا يشع بنوره بكونه منارة للعلم وأحد الروافد الأساسية التى واجهت ببسالة محاولات الاستعمار الفرنسي المستميتة في الفصل بين ماضي المجتمع العربي المغربي وحاضره ومستقبله.

الحسن الثاني.. تحت الماء
مسجد الحسن الثاني المشيد فوق الماء.. تلك القلعة الدينية الشامخة التي تحبس الأنفاس ببنائها الشاهق ودقة تفاصيلها وروعتها، بدأ البناء عام 1986 لينتهي عام 1993، وساهم في بنائه 2500 عامل بناء و10000 حرفي عملوا ليلاً ونهاراً علي مدي نحو سبع سنوات تقريباً ليخرجوا بتلك الجوهرة للوجود. مساحة المسجد أكثر من تسعة هكتارات وعدد أعمدته 2500 عمود واستعمل في تزيينه أكثر من 65000 طن من الرخام الثمين، يقع المسجد مباشرة أمام المحيط الأطلسي بل إن جزءاً منه يقع بالفعل فوق المحيط الأمر الذى يجعل منه أعجوبة فنية ومعمارية. وتعتبر مأذنته الأطول من نوعها في العالم بارتفاع 210 أمتار، وهي مربعة الشكل طول كل ضلع حوالي 30متراً، وينطلق منها ليلاً شعاع من الليزر باتجاه الكعبة الشريفة مداه 30 كيلو متراً، أما القاعة الرئيسية فعلي شكل مستطيل بعرض 100 متر وطول 200 متر وتتسع لأكثر من 25000 مصلي دون الصحن الذي يتسع لأكثر من 80000 مصلي. وقد أعلنت السلطات أن حوالي 120000 مصلي اجتمعوا في المسجد لأداء صلاة التراويح ليلة 27 من رمضان مما يعطى انطباعاً عن مدى اتساعه. أما هندسته، فمغربية أندلسية وقد زين بزخارف من خشب الأرز والفسيفساء المغربي الشهير بدقته وروعة تصميماته بالإضافة للنقوش علي الجبس. أما الأسمنت المستعمل فى البناء، فتم تطوير نوع خاص تبلغ درجة تحمله أربعة أضعاف أجود الأنواع المعروفة آنذاك. ورغم كونه بناء دينىاً، فهو لا يفتقر للتكنولوجيا، اذ تم تزويده بنظام لأشعة الليزر تجعل منظره ليلاً آية في الروعة كما يفتح السقف آلياً عن طريق نظام خاص للتهوية، ويضم العديد من الحمامات العادية وحمامات البخار ومكتبة ومدرسة لتعليم القرآن وقاعة للمؤتمرات ويمكن أن تراه بوضوح من مدينة المحمدية المجاورة للدار البيضاء.

القرويين .. والمنارة المربعة
جامع القرويين في مدينة فاس المغربية، بني عام 859 م وقامت ببنائه فاطمة الفهرية التي وهبت كل ما ورثته لبناء المسجد. كان أهل المدينة وحكامها يقومون بتوسعة المسجد وترميمه فأضاف اليه الأمراء الزناتيون بمساعدة من أمويي الأندلس حوالي 3 آلاف متر مربع وقام بعدهم المرابطون بتوسعة أخرى. ولا تزال الصومعة المربعة بالمسجد قائمة من عهد الأمراء الزناتيين وتعد أقدم منارة مربعة في بلاد المغرب. قام المرابطون بإجراء إضافات على المسجد فغيروا من شكله الذي اتسم ببساطة العمارة والزخرفة والبناء إلا أنهم حافظوا على ملامحه العامة. ولعل أبرز ما تركه المرابطون هو المنبر الذي لا يزال قائماً إلى اليوم. بعد المرابطين، قام الموحدون بوضع الثريا الكبرى والتي تزين المسجد الفاسي إلى اليوم.لمسجد القرويين سبعة عشر بابا وجناحان يلتقيان في طرفي الصحن الذي يتوسط المسجد. كل جناح يحتوي على مكان للوضوء من المرمر، وهو تصميم مشابه لتصميم صحن الأسود في قصر الحمراء في الأندلس.عرف الجامع المزيد من الاهتمام في مجال المرافق الضرورية فزين بالعديد من الثريات والساعات الشمسية والرملية وأضيفت للمسجد مقصورة القاضي والمحراب الواسع وخزانة الكتب والمصاحف. طراز الجامع المعماري بشكل عام هو الطراز المعماري الأندلسي.بعد بناء الجامع قام العلماء بإنشاء حلقات لهم فيه، كان يجتمع حولها العديد من طلاب العلم، وبفضل الاهتمام الفائق بالجامع من قبل حكام المدينة المختلفين تحولت فاس إلى مركز علمي ينافس مإاكز علمية ذائعة الصيت كقرطبة وبغداد.يعتقد أن القرويين قد انتقل من مرحلة الجامع إلى مرحلة البداية الجامعية في العهد المرابطي، حيث قام العديد من العلماء باتخاذ المسجد مقرا لدروسهم.

مسجد السلطان حسن
أنشأ المسجد السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون . بدأ البناء في سنة 1356 ميلادية واكتمل بعدها بسبع سنوات في 1363. قتل السلطان قبل أنتهاء البناء ولم يعثر على جثمانه، ولم يدفن في الضريح الذي بناه في المسجد خصيصا بل دفن فيه ولداه فيما بعد. يعتبر هذا المسجد بحق أعظم المساجد المملوكية وأجلها شأنا فقد جمع بين ضخامة البناء وجلال الهندسة، وتوفرت فيه دقة الصناعة وتنوع الزخرف، كما تجمعت فيه شتى الفنون والصناعات فنرى دقة الحفر في الحجر ممثلة في زخارف المدخل العجيبة.أما باب المسجد النحاسى المركب الآن على باب جامع المؤيد فيعتبر مثلا رائعا لأجمل الأبواب المكسوة بالنحاس المشغول على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محفورة ومفرغة بزخارف دقيقة. وهناك على أحد مدخلى القبة بقى باب مصفح بالنحاس و الذهب والفضة على أشكال وهيئات زخرفية جميلة جديرة بإقناعنا بعظيم ما يحويه هذا المسجد من روائع الفن وما أنفق في سبيله من أموال طائلة، ونظرا لضخامة بناء المدرسة فقد كان المماليك المتمردون على حكامهم بقلعة الجبل المواجهة للمدرسة ، يتحصنون بمباني المدرسة وينصبون المدافع بأعالي المئذنتين لقصف القلعة بالقذائف وقد كتب لهم النصر غير مرة على المتحصنين بالقلعة،  وإذا كانت طلقات المدافع لم تفلح في النيل من مدرسة السلطان حسن فان عوامل عدة قد تضافرت على سلبها بعض نفائسها. فقد سرقت بسطها الفاخرة في وقت غير معروف واستولى السلطان المؤيد شيخ المملوكي باب المدخل الرئيسي المصفح بالنحاس ونقله إلى مسجده القائم بقرب باب زويلة وفى القرن التاسع استولى تجار العاديات على بعض أبواب المدرسة الداخلية المكفتة بالذهب والفضة وقد آل احد هذه الأبواب بعد طول تطواف إلى السفارة الفرنسية بالجيزة وهو الآن يغلق على مدخل السفارة المواجه لحديقة الحيوان بالجيزة.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda