أمهات السينما فنانات حرمن من حلم الأمومة

فنانات كثيرات أثرن فى السينما المصرية بإتقانهن أداء دور الأم بالرغم من عدم إنجابهن، حيث فى حياتهن الخاصة من الأبناء، فمنهن من عاشت دون زواج، ومنهن من أصبن بمرض منعها من الإنجاب وكان أداؤهن لدور الأم مقنعاً لدرجة جعلت وجودهن بالأفلام إشارة إلى الحنان، وعندما نحتفل بذكرى عيد الأم، نتذكر دورهن على الفور كما ان السينما المصرية ليس مجرد دور وإنما صورة وحالة إن وصلت إلي الجمهور فستظل راسخة في ذهنه دائماً بأن تلك الممثلة هي الأم ولايراها المشاهد في أي دور أخر بعيداً عن دور الأم. وعلي شاشة السينما قدمت عدد كبير من الفنانات أدوار الأم بإقتدار وبإحترافية جعلت صورتها تأتي إلي ذهن المشاهد كلما ذُكرت كلمة الأم أمامه،

إشتهرت بلقب أم السينما واعتبرها الكثيرون مثالاً حياً للحزن لدرجة أنه تم إطلاق اسمها على كل من يبكون كثيراً، قدمت الدور بتلقائية شديدة فتركت أثراً لا ينمحي بداخل كل مشاهدها كأم، ومن أعمالها الخالدة في هذا الإطار أولاد الذوات والجنة تحت قدميها والسقا مات وقنديل أم هاشم ولك يوم يا ظالم ودعاء الكروان والشموع السوداء وأريد حلاً وبداية ونهاية. تلك السيدة التى جسدت دور الأم أمام الكاميرا فقط. أمينة رزق لم تكن يوما أماً لأنها لم تتزوج مطلقاً فهى عذراء السينما المصرية، فنانة الزمن الجميل ورمز الحنان المتدفق والأم الحنون، امتازت بالأداء الدرامي وأدائها لدور الأم والمرأة المثالية،

ولدت أمينة محمد رزق فى 15 أبريل 1910 بطنطا. لأسرة محافظة وانتقلت بعد وفاة عائلها للإقامة بحي روض الفرج بالقاهرة. بدأت دراستها في مدرسة ضياء الشرق عام 1916 ثم انتقلت ووالدتها للعيش مع خالتها الفنانة أمينة محمد إثر وفاة والدها وكان عمرها 8 سنوات.ظهرت أمينة رزق لأول مرة على خشبة المسرح عام 1922حيث قامت بالغناء بجوار خالتها بإحدى مسرحيات فرقة علي الكسار في مسارح روض الفرج وانتقلت للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي عام 1924وشاركت بالتمثيل في معظم مسرحيات وهبي الذي إرتبطت به أستاذاً وفناناً ولم تتزوجه رغم حبها الشديد له، كان هذا الإنتقال وراء شهرة أمينة رزق التي أصبحت إحدى الشخصيات الأساسية بالمسرحيات التي قدمتها الفرقة وكذلك في الأفلام التي أنتجها. وفي عام 1925 أسند لها وهبي أول دور «ليلى» في مسرحية «الذبائح»، وفي عام 1930 أسند لها أدوار البطولة بالتبادل مع الفنانة فردوس حسن، بعد خروج فردوس حسن من الفرقة في الثلاثينيات أصبحت أمينة رزق بطلة الفرقة بلا منازع وظهرت أمام وهبي في العديد من المسرحيات منها راسبوتين وأولاد الفقراء وبنات اليوم والطمع وعطيل وفاجعة على المسرح وحب عظيم ورجل الساعة والدنيا مسرح كبير والدم الملوث وغيرها. وفي مايو 1944، بعدما حل يوسف وهبي فرقة رمسيس انضمت الفنانة أمينة رزق للفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى.

 أمينة رزق

أمينة رزق

وفي عام 1958 إلتحقت بالمسرح القومي مع سائر أفراد فرقة رمسيس وأمضت أكثر من ربع قرن ضمن بطلاتها المعدودات حيث تألقت بعشرات العروض منها النسر الصغير شهرزاد وشهريار وإيزيس ومجنون ليلى وبداية ونهاية وطعام لكل فم وغيرها. أما في السينما، بزغ نجم أمينة رزق كممثلة قديرة تهز مشاعر الجمهور في فيلم أولاد الذوات عام 1933 ثم توالى ظهورها في أفلام عديدة منها المجد الخالد والدكتور وقلب امرأة وأولاد الفقراء وعاصفة على بيت وكليوباترا والبؤساء وأريد حلاً كما شاركت بالعديد من المسلسلات الإذاعية منها ألوان من الحب ومسلسل الأستاذ أبو المكارم والمسرحية الإذاعية شكوى ضد مجهول.وكانت تؤدي في غالبية الأعمال التي قدمتها دور الأم بدء من عام 1945 ولم تكن تجاوزت 35 من عمرها في فيلم الأم، تتالت أدوار الأم بمختلف الأفلام مثل دعاء الكروان وبورسعيد وبداية ونهاية، وكذلك قدمت في الأدوار التي قدمتها صورة الزوجة العاقلة والمضحية من أجل أبنائها.ولن ينسى أبدا تاريخ السينما المصرية دورها العظيم في فيلم بداية ونهاية لنجيب محفوظ الذي قام بإخراجه الفنان صلاح أبوسيف عام 1960 ولعبت فيه دور أم مصرية فقيرة يموت زوجها فتحاول تربية أولادها الأربعة من بعده وسط أجواء من الفقر المدقع وهناك أفلام التوت والنبوت وقنديل أم هاشم وعودي يا أمي والمجرم وبورسعيد وأريد حلاً والتلميذة وبائعة الخبز، شاركت في بطولة نحو 500 مسرحية ونحو 200 عمل سينمائي وعُينت عضواً بمجلس الشورى المصري في مايو 1991كما حصلت على وسام الإستحقاق من الدرجة الأولى من قبل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ورفضت في سنواتها الأخيرة فكرة الإعتزال برغم حادث السيارة الذي تعرضت له وأصابها بكسور في ساقها. توفيت أم السينما العذراء في 24 أغسطس 2003 عن عمر يناهز 93 عاماً بالقاهرة.

من منا لا يشعر بكل هذا الحنان المتدفق عندما تتحدث تلك المرأة بصوتها الدافيء الرخيم وطيبتها التي تتفجر من ملامح وجهها، قدمت دور الأم الأحن والأدفأ في السينما وكذلك المربية وتنوع أداؤها من اللهجة الصعيدية في إبن النيل إلي اللهجة الفلاحي في الأفوكاتو مديحة إلي العامية في هذا هو الحب.لم تنجب الفنانة الراحلة فردوس محمد أطفالاً. لكن الله خلقها أماً بالفطرة وعوضها عن عدم الإنجاب بأن جعلها أم السينما المصرية.

فردوس محمد

فردوس محمد

تدين فردوس محمد بهذا الدور إلي المخرج محمد كريم الذي قدمها لأداء دور الأم رغم صغر سنها وقتها (28عاماً) وذلك في فيلم دموع الحب غير أن هناك حدثاً آخر شهدته كواليس فيلم دموع الحب جعل فرودس محمد ترتبط بدور الأم وتقريباً يرتبط بها إرتباطاً كلياً ومهما تظهر أمهات يظل الأصل والسر عندها فعندما سافر طاقم الفيلم إلي باريس لتصوير بعض اللقطات عامل الجميع الفتاة ذات الـ28 ربيعاً علي أنها أمهم فكانت هي المسئولة عن ترتيب إقامتهم والمسئولة يومياً عن إعداد وجبات الغداء لمجموعة الفيلم وفوجيء الجميع بأنها أحضرت معها من القاهرة الملوخية والبامية اليابسة وبالتالي لم يفقد الجميع خلال إقامتهم في باريس إحساسهم بالبيت وبالأكل المصري. لم تنجب فردوس محمد رغم أنها تزوجت مرتين مرة وهي صغيرة وتم طلاقها سريعاً ومرة أخري حين تزوجت من الممثل والمونولوجست محمد إدريس وهو الزواج الذي يعتبر من أغرب زواجات الوسط الفني. أثناء عمل فردوس محمد في أحد عروض الفرقة تلقت الفرقة دعوة لتقديم عروضها في فلسطين، لكن القوانين في مصر آنذاك لم تكن تسمح بسفر الفنانات غير المتزوجات ووقعت الفرقة في ورطة لأن الفنانة الراحلة كانت تقوم بدور رئيسي في المسرحية ولا يمكن إلغاؤها أو إستبدالها بأخرى متزوجة.‏ صاحب الفرقة فوزي منيب وجد الحل في زواج فردوس محمد من أحد أعضاء الفرقة زواجاً صورياً ووافقت فرودس محمد على الإقتراح فتم اختيار المونولوجست محمد إدريس لهذه المهمة وسافر الإثنان ضمن الفرقة إلى فلسطين، وقدمت الفرقة عروضها لأيام عديدة.

فردوس محمد

فردوس محمد

في إحدى الليالي، وبعد إنتهاء العرض المسرحي فاجأ محمد إدريس فردوس محمد بأنه يحبها ويطلبها للزواج فعلاَ فوافقت واحتفلت الفرقة بزفافهما بالفندق الذي تقيم فيه وتحول الزواج الصوري إلى زواج حقيقي واستمر لمدة خمسة عشر عاماً انتهى بوفاة محمد إدريس.‏ ومن الفنانين الذين عملت معهم الراحلة نجم الكوميديا الراحل نجيب الريحاني الذي كان يتفاءل بوجودها معه في أي فيلم يمثل فيه وعندما قام الريحاني ببطولة فيلم غزل البنات مع ليلى مراد لم يجد دوراً لفردوس محمد فرفض التمثيل في الفيلم حتى اضطر منتجا الفيلم أنور وجدي ومحمد عبد الوهاب لإيجاد دور لها فقامت بدور مربية ليلى مراد في الفيلم. قدمت فردوس محمد دور الأم فى العديد من الأفلام مثل حكاية حب ورد قلبى والمجرم والملاك الصغير وسيدة القصر وشباب إمرأة والبنات والصيف، ولكنها لم تحظ بنعمة الإنجاب رحلت فى يوم 22 سبتمبر عام 1961 إثر إصابتها بمرض السرطان عن عمر يناهز خمسة وخمسين عاماً وبعد رحيلها ترددت شائعات تفيد بأن لديها إبنة كانت تخفى حقيقة أمرها وتتظاهر بأنها إبنة أختها وذلك بسبب وفاة أبنائها المستمر فور ولادتهم ولكن هذه المعلومة غير موثقة ولا أصل لها.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda