التوتر مشكلة العصر

د. حاتم حمادة: إستشارى أمراض نفسية وعصبية

لماذا‭ ‬زاد‭ ‬الإقبال‭ ‬علي‭ ‬العيادة‭ ‬النفسية‭ ‬اليوم؟

يعانى الكثيرون حالياً من القلق النفسي والتوتر الزائد وعدم القدرة على التوافق النفسي والإجتماعي. يحاول الفرد كثيراً علاج مشكلاته النفسية بنفسه ويبذل كثير من الجهد للتعامل مع آلامه النفسية وقلقه وإضطراباته بإتباع أساليبه الخاصة ومقتراحات المحيطين به والتى تدفع به في الأغلب للإتجاه الخاطئ وخاصة إن كانت حالته متدهورة. وفي ظل الأحداث التي نمر بها في الوقت الراهن وفي ظل تناقضات العصر وإحباطاته وتزايد الأزمات والضغوط التى يواجهها الفرد، إزدادت أهمية الطبيب النفسي وتزايدت الحاجة إلي المتخصصين. ويبقي التحدي الأكبر في موقف رجل الشارع من الطب النفسى وله أسبابه التى تعود في الأغلب لثقافة المجتمع وهو الأمر الذي دعا بعض علماء الطب النفسى لإبتكار وسائل علاجية يمارسها الفرد بنفسه دون اللجوء للطبيب النفسى إلا فى حالات الضرورة القصوي التي تستدعي الطرق التقليدية للعلاج والتي ملها أغلب الناس حتي من هم في حاجة ماسة إليها فالجميع اليوم يبحث عن الجديد والمبتكر ولا يريد التمسك بالوسائل التقليدية التي فقدت قيمتها وأهميتها لدي الكثيرون.

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬والقلق‭ ‬الزائد؟

قبل البدء في سرد النصائح، علينا أن نعلم جيداً أنه هناك توتر جيد وهو التوتر الذى لا يزيد عن نسبة 20%. هذا التوتر هو الذى يجعلنا نذهب للعمل يومياً ويملؤنا حرص على الحياة بوجه عام وإصرار علي تحقيق الأهداف. لكن إذا تطور الأمر لدرجة أن يتحول التوتر إلي أداة ضغط على نسبة الإستمتاع بالحياة فهنا يكون توتر غير جيد ومؤذى لصاحبه. عندما تقل نسبة الإستمتاع بالحياة، تزيد نسبة التوتر فيبدأ الشخص بتفادى الإجتماعيات والذهاب للعمل لمدة أسابيع كما يبدأ في التقوقع ويعزف عن رؤية من حوله. وعلي الرغم من كون التوتر مشكلة العصر. إلا أنه كم مهمل تماماً فى مصر. وللتوتر نوعان، التوتر الموجه والتوتر العام، أما التوتر الموجه كما في حالة الفوبيا والتوتر اللحظى والذى يستغرق تقريباً 15 دقيقة وهو الذى يأتى فى وقت معين حينها يشعر الشخص بأبشع الأحاسيس وكأنه سيموت خلال ثوانى معدودة. نأتى للنصائح والخطوات التي ينبغي إتباعها للتخلص من التوتر والقلق، ما أكثر الأطباء الذين يسدون النصح والإرشاد ويبقي التحدي الحقيقي في التنفيذ. سأعطى نصائح سهلة إذا إعتدنا عليها. سنتفادى كثير من المشاكل. أولاً النفس ويُساعد تنظيمه على التخلص من التوتر ولكن التنفس الصحيح هو الذى يأتى من البطن لا من الصدر فأغلبية الناس تتنفس من الصدر وهو خطأ شائع ويجب التمرين عليه يومياً لمدة 20 دقيقة ليصبح الفرد في غضون 10 أسابيع قادر على التنفس من البطن. ثاني النصائح هي سرعة التنفس والتى تمثل بدورها عاملاً هاماً فالطب يقول أن النفس يكون ما بين 14 أو 20 فى الدقيقة الواحدة ولكن الأطباء النفسيين بعد الكثير من الأبحاث قالوا أن الإنسان عليه أن يتنفس فى حدود 6 فى الدقيقة. عندما أجلس مع المريض لأول مرة أقول له أرسم لى كيف تتخيل تنفسك فإذا كان إنسان متوتر فأجد لديه مشاكل فى التنفس. هناك على الإنترنت والأندرويد والأى فون برامج لتعليم كيفية تنظيم النفس.

‮«‬‭ ‬التنفس‭ ‬الصحيح‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬يأتى‭ ‬من‭ ‬البطن‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬الصدر‭ ‬وهو‭ ‬خطأ‭ ‬شائع‮»‬

والتنفس العميق الذى يأتى من البطن ثلاث مرات يعطى إحساساً بالراحة. ثالثا،ً الإحساس بالقلب بمعنى أنه عندما يأخذ الشخص النفس العميق، عليه أن يشعر بالقلب. أما رابعاً والأهم فهو التفكير بشئ تحبه، فإذا كان الفرد مُحب للأطفال، عليه التفكير بأولاده وإذا كان محباً للبحر، عليه تخيل نفسه فى جزيرة وهكذا. بالإضافة لكل ذلك، ينبغي أن تكون مسامحاً والحل الفعال أيضاً أن تبتسم فالإبتسامة تحل الكثير من المشاكل فضلاً عن شكر الناس فهذا يعود إليك فى المقام الأول لا على من تشكرهم، فالشخص الناقد بقدر ما ينتقد من حوله يزداد توتره. من الأساسي أيضاً الحفاظ علي صفاء الذهن عند القيام بتلك التمرينات. خامساً، الإسترخاء التدريجى للعضلات فقد يشكو الفرد من ألم برقبته ويكون في الأغلب السبب أن أعصابه مشدودة فى وقت لا يتطلب شد أعصاب. سادساً يجب ممارسة الرياضة بإستمرار وخاصة الرياضات الديناميكية. وأخيراًً، تجنب العمل فى الويك إند» والفصل التام فى الإجازة، إجازة يعنى إجازة.

هل‭ ‬لدينا‭ ‬كشعب‭ ‬لدينا‭ ‬مشاكل‭ ‬نفسية‭ ‬بعينها؟

علينا الجزم بأن لدينا الكثير من المشاكل ولكنها لم تأتى بعد ثورة يناير كما يحلو للكثيرون التندر بل تعود جذورها لثورة عبد الناصر، لدينا مشكلتين يلعبان دور هام فى حياتنا، ففي أعقاب ثورة ناصر، أصبح لدينا مجتمع ممزوج مما نتج عنه كثير من المشاكل. هناك أيضاً مشكلة سى السيد وعلاقة الولد بالبنت والرجل بالمرأة والتى تتسبب فى كثير من المشاكل فضلاً عن المشاكل النفسية التى تفاقمت إثر ثورة يناير فهناك حالة من التخبط والتعتيم على المستقبل فلا يعلم أحد شئ. وتظل المشاكل النفسية بإزدياد لافت منذ إندلاع الثورة. ونصيحتى لمن يريد أن يعيش فى مصر لمدة 10 سنوات أن «يكبر دماغه ولا يفكر فى شئ».

ماذا‭ ‬عن‭ ‬العلاج‭ ‬النفسى‭ ‬الذاتى؟

لنجيب على هذا السؤال يجب أولاً معرفة ماهية العلاج النفسي والذي يعني تحديد أسباب الصراع والإضطراب لدي الفرد عن طريق فحص أفكاره وإنفعالاته وسلوكه ثم محاولة تغييره وتخليصه من الإدراك الخاطئ لنفسه وللآخرين وتقوية ثقته بنفس ليصبح أكثر قدرة على التكيف مع نفسه ومع المجتمع وتنمو لديه القدرة على علاج المشكلات والإنتاج والإبداع وأن يكون أكثر وعياً وإتزاناً وذلك بالطبع فى حدود قدراته الشخصية وبالدرجة والنوعية التى يختارها هو بنفسه. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه بالتالى هو «هل يستطيع الفرد أن يكتشف بنفسه مصادر الصراع والتوتر فى داخله وأن يتعرف على الأفكار الخاطئة والإنهزامية المشوهة والمبالغات الإنفعالية التى تدفعه الى المرض وسوء التوافق النفسى والإجتماعى؟ هل يستطيع أن ينمى وعيه وإستبصاره إلى الدرجة التى تمكنه من ذلك؟ وهل يستطيع أن يتعلم أن يعبر عن نفسه وعن إنفعالاته خارج إطار العلاقة العلاجية التقليدية وأن يعدل أفكاره وسلوكياته الخاطئة والسلبية؟ كل تلك الأسئلة وغيرها يمكن جمعها فى شكل سؤال آخر هو «هل يمكن أن يكون هناك علاج نفسى ذاتى؟ والإجابة بكل تأكيد إيجابية فالعديد من مدارس العلاج النفسى الحديثة أصبحت تعترف بأن الإنسان قادر بالفعل على توجيه سلوكه من خلال المعرفة الواعية والتدريب المنظم على تعديل أفكاره وسلوكه طبقاً لقواعد العلاج النفسى الحديثة. أحياناً تكون تصرفات الفرد غير مفهومة بالنسبة له وبالصدق مع النفس وإستمرار الشخص فى ملاحظة أفكاره وتصرفاته ونتائجها وتسجيل ذلك وتأمله ودراسته بشكل منتظم يمكنه من خلاله فهم أسباب ودوافع سلوكياته وتصرفاته خاصة عندما تتكرر بالمواقف المختلفة. يمكن للإنسان أيضاً إكتشاف أسباب الخلل والتوتر والإضطراب وعلاجها والتخلص منها ولو بدرجة محدودة. ولقد إتجهت أبحاث ودراسات المعالجين النفسيين والسلوكيين مؤخراً لإبتكار عدة طرق وسبل يمكن للفرد العادى ممارستها دون الإستعانة بمعالج نفسى وأطلقوا عليها أساليب الضبط الذاتى وتعتمد على رغبة الفرد فى تعديل سلوكه وبلوغ درجة أرقى من النمو والصحة النفسية.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda