الحنة عالم خاص

 

ليلة الحناء من الليالي الجميلة التي تبقى خالدة في ذهن العروس وتبقى لها ذكرياتها الرائعة إذ يجتمع أصحاب وصديقات العروسة وأقاربها وجيرانها ومعارفها من البنات والنساء ويحيطوا بها و يغنولها، هذه العادة رغم قدمها إلا أنها ما زالت مستمرة إلى عصرنا هذا مع إختلاف بسيط بسبب التطور مع ملاحظة أن بعض العادات قد تزيد من مدينة لأخرى أو من دولة لأخرى ولكن المتفق عليه هو الإقبال الكبير للسيدات علي الحنة فرسم الحنة تراث شعبي قديم له جذوره السودانية وفن عريق له جمهوره. وتُعد ستونة من أشهر فنانات الحنة في مصر وهى سودانية جاءت وإستقرت بمصر لتُمارس عملها مع فرقتها الغنائية فهي خريجة فنون جميلة قسم رسم وتصوير، فنانة، مُطربة ومُمثلة، تُغني بالأفراح والمهرجانات وسبق وأحييت حفلات غنائية بأوروبا لديها ثلاث ألبومات وجاري التحضير للرابع بيد إنها تعتبر الحنة هواية وليست الأساس فيما يرجع سبب شهرتها بالحنة هو إرتباطها بالأفراح فعندما تأتي العروس للإتفاق معها علي ليلة الحنة يكون من أجل أن تحنيها وتغني لها.

من السودان إلي القاهرة.. كيف كانت الرحلة؟

جئت من السودان أجل الغناء فمصر هي الموطن الحقيقي للشهرة وكل المطربين يأتون من جميع أنحاء العالم إلي مصر حتي يشتهروا فلم لا تأتي السودان كذلك وهي الأقرب إليها. مصر هي هوليوود الشرق ونقطة الإنطلاقة تبدأ دوماً منها. وللحق، عندما جئت إلي مصر، لم أكن أتوقع أن أحقق كل هذا الإنتشار وفأنا اليوم صرت أصبحت مشهورة ليس فقط في مصر ولكن علي مستوي العالم بأسره وحصلت علي العديد من الجوائز الذهبية والفضية بجانب ذهابي إلي كل الدول للغناء فقد ذهبت إلي كندا وماليزيا والدنمارك وبلجيكا وغيرها من الدول العربية والأوروبية والأمريكية والآسيوية. أكثر بلد أحببتها هي ألمانيا فالشعب الألماني يُقدر الفنان بشكل كبير ولهم حس رفيع إزاء الفنان وأقرب جائزة لقلبي هي حب الناس.

حدثينا عن طقوس ليلة الحنة؟

شاركت في العديد من ليال الحنة داخل مصر وخارجها. فقد ذهبت إلي حنة بنت رئيس أبو ظبي كما ذهبت إلي السعودية والكويت وهولندا وغيرها من الدول. عندما أذهب إلي أي بلد أقوم، بالمزج ما بين الفلكلور المصري والسوداني والفولكور الخاص بالبلد التي أذهب إليها. تُخاطبني العروس هاتفياً للإتفاق علي الحنة فأطلب منها أن تأتي إلي لأراها ومن ثم أستطيع تحديد حجمها لأقوم بإعداد الملابس المناسبة لها. وبالنسبة لي، تبدأ ليلة الحنة بذهاب الشخص المسئول عد تركيب الخاصة بالDJ إلي منزل العروس للإشراف علي كافة الترتيبات والتفاصيل الفنية ثم تصل الفرقة بعد وصول الضيوف ويقومون بعمل أربع عروض قبل أن أصل، ثم يلبسون العروس الملابس الخاصة بالأغنية التي سأغنيها، وعندما يكون العريس موجوداً بالحنة وهو ما يحدُث أحياناً، يرتدي طقمين أحدهما سوداني والآخر مصري أو عربي ونقوم بعمل عرض خاص للعروسين فتضع العروس قدميها بخضرة وتحضر والدة العروس سكر نبات ولبن وبارفان وصينية وأقوم بتلبيس العروسين تاج من الورد ثم يتبادلون اللبن وسكرالنبات. بعد الإنتهاء من تلك الطقوس، يقوم العريس بتوزيع السكر علي البنات ويرُش البرفان علي أيديهن حتي يتزوجوا في القريب، وكل هذه الطقوس سودانية فاللبن دليل الرحمة والخير، ونستخدم السكر حتي تبقي العروس جميلة أمام زوجها، أما الخضرة، فتٌشير للحياة الخضراء أمامهم. نأتي بالحنة من السودان وهي عبارة عن أكثر من خلطة منها الحنة وبارفان بالإضافة للخلطة السحرية التي يتم وضعها عليها لتُصبح غامقة وتستمر لمدة أطول.وهناك الحنة السوداء وهي حنة الرسم المعروفة والحنة الحمراء وهي حنة عادية ولكنها تحتاج لتحضير كبير ليتم الرسم بها. وللعلم، لا يُوجد حنة تُضر الجسم أو تؤذيه ولكن هناك أجسام حساسة وربما شديدة الحساسية ونظراً لإحتواء الحنة علي البارفان، فقد يصاب أصحاب الجلد الحساس بالإلتهابات.

الحنة بين الأمس واليوم

نعم، إختلفت الحنة كثيراً عما سبق. بالنسبة لمصر، لم يكن هناك في الماضي ليلة حنة بل كانت عُبارة عن تجمُع للناس لتناول الطعام وسماع الأغاني وتبادل الأحاديث فأنا التي أوجدت الحنة السودانية بمصر واليوم أصبح الجميع يهتمون بعمل الحنة لدرجة أن هناك بعض الأشخاص يسمون نفسهم ستونة. أما في السودان، فم تختلف الحنة عما سبق فطقوسنا علي عهدها لا تتغير ونحن كشعب شديدي التمسك بتقاليدنا وعاداتنا الخاصة. مازالت الطقوس ذاتها موجودة فالعريس والعروس لهما حنة. تكون حنة العروس نهاراً بحضور الصديقات وسيدات العائلة. أما العريس، فتكون حنته ليلاً ويدعو إليها أقرب الناس إليه. ومن طقوس ليلة الحنة للعروس أن يكون هناك سرير معين تم تحضيره خصيصاً لهذا اليوم ويتم فرشه بملاية يطلق عليها «الحنبل» وتلبس العروس طاقم جديد ويتم تحنيتها ثم يأتي العريس مع أهله ويقرأ القرآن علي رأس العروس ويقوم الناس بتنقيط العروس بحسب مقدرتهم المادية. أما حنة العريس، فتكون حنة مُختلطة وتقوم أم العروس بعمل كل أنواع المأكولات والمخبوزات فيما يلبس العريس طاقم بلدي تُهديه إليه أم العروس ويتلقي بدوره «النُقطة» كما يجلس أيضاً علي سرير جديد. وتكون حنة العريس قبل الحنة بعدة أيام ليستطيع الرقص ليلة الحنة وتُعرف بالحنة السرقة. وللعلم، هناك أيضاً حنة للرجل في مصر ولكنها منتشرة علي نطاق ضيق وتكون في الأغلب مُختلطة ويحضرها أفراد العائلتين والأصدقاء ويعود عدم إنتشار حنة الرجل في مصر لإختلاف العادات والتقاليد بين البلدين. أما عن مكان ليلة الحنة، فيعود إختياره لأفراد العائلة ففي الأغلب يكون في بيت العروس ولكن أحياناً تقوم أم العريس بعمل حنة العروس ببيتها.

ما هي أحدث خطوط الحنة؟

لا يوجد تجديد بالحنة عموماً فهي فولكلور ولكن ترتبط الرسمة التي نضعها للعروس بفستان الفرح كما تهتم العروس بصورة خاصة بالرسومات الداخلية علي كافة مناطق الجسم. بالنسبة للمدعوات، فيكون إختيار الرسومات علي أساس موديل الفستان وفتحاته سواء كانت من الأمام أو من الخلف. ورسومات الحنة في الأساس هي الورود وأوراق الشجر ولكن أحيانا أقوم برسم أشكال هندسية أو حروف صينية أو رسومات فرعونية كما أن هناك طلب على رسم القلوب والحروف و الأسماء، ويمكنني تنفيذ هذه الأشكال حسب رغبة كل عميل علي حدة. خلال الحفل، أقوم بغناء العديد من الأغنيات الخاصة بي وأختتم دائماً بأغنية «الليلة الحنة». هناك أيضاً علاقة وثيقة ما بين الحنة والشمع، فالشمع دليل علي الرومانسية المُفرطة والفرح والبهجة والسعادة لذا يُستخدم في الأفراح والسهرات الرومانسية والسبوع والحنة بحيث يتم إشعاله ووضعه في صينية تعبيراً عن الفرح والبهجة ببداية حياة جديدة. إجمالاً، أري أن أنسب يوم للحنة هو قبل الفرح بيومين وليس ليلة الفرح لأن العروس تبذل مجهود كبير في الحنة من خلال الرقص وإستبدال الملابس ومشاركة الجميع الفرح وعليه قد تبدو شاحبة أو مُتعبة بعض الشيء في اليوم الذي يليه.

هل تدوم الحنة طويلاً؟

في الأغلب تستمر الحنة علي الجسم لمدة أسبوعين تقريباً بيد أن تلك الفترة تتفاوت ما بين إذ تختلف المُدة الزمنية بإختلاف نوع البشرة فالبشرة الدهنية تكون أقل إحتفاظاً بالحنة عن غيرها ولا تستمر الرسومات عليها لمدة أسبوعين، هناك أنواع أخرى من البشرة تحتفظ بالحنة لفترة أطول من ذلك. وللعلم، لا يُمكن إزالة الحنة علي الإطلاق فهي تأخذ وقتها وإذا حاولتي إزالتها ستجرحي نفسك ولن تحصلي علي النتيجة التي تريدينها إذ لن تتمكني من إزالتها، أما إذا كانت الحنة لا زالت طرية، فيمكن تنظيفها بواسطة الليمون.

نصيحتك للعروس

علي العروس أن تستعد جيداً قبل الفرح بفترة كافية ولا تترك أي شيء للصدفة أو للحظة الأخيرة ومن الخطورة الإعتقاد الخاطيء أنه لا زال هناك وقت فعلي العروس ألا تُؤجل كثير من التفاصيل لآخر شهر حتي تستطيع الإستمتاع الجيد بليلة الحنة والفرح فهناك بعض البنات يلغون الحنة لأنه ليس هناك الوقت لها في ظل إنشغالهن بالعديد من التفاصيل الأخري أو بسبب الإعياء الذي يصيب العروس أحياناً من حراء التفاصيل الكثيرة التي تُشرف عليها في آخر لحظة.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda