مي زيادة أديبة النسمات والهمسات..

تقول عن نفسها في رسالة لصديقة لها: “أصحيح أنك لم تهتدي بعد إلى صورتي، فها هى: استحضري فتاة سمراء كالبن أو كالتمر الهندى، كما يقول الشعراء، أو كالمِسك كما يقول متيم العامرية، وضعي عليها طابعاً سديمياً من وجد وشوق وذهول وجوع فكرى لا يكتفي، وعطش روحي لا يرتوي، يرافق ذلك جميعاً استعداد كبير للطرب والسرور، واستعداد أكبر للشجن والألم- وهذا هو الغالب دوماً- وأطلقي على هذا المجموع مى…”

هي مي زيادة الكاتبة والشاعرة ،اسمها الحقيقي ماري إلياس زيادة ،ولدت في الناصرة بفلسطين سنة 1886م، ونشأت في أسرة ذات علم وثقافة، حيث كان أبوها اللبناني الأصل يدرس في أحد المعاهد الحكومية. كانت وحيدة الأبوين، ولهذا فقد بذل الاثنان معاً كل ما بوسعهما لتثقيفها، وتفجير مكامن مواهبها ،وعندما بلغت الرابعة عشر من عمرها انتقل بها أهلها إلى لبنان. وأدخلت مدرسة الراهبات في عينطورة، بدأت كتابتها في جريدة المحروسة ومجلة الزهور،أتقنت مي تسع لغات أوروبية فهماً وكتابة؛ منها الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والإيطالية واليونانية الحديثة فضلاً عن إتقانها الموسيقى والغناء.

أنشأت، وهي في مصر، منتدى أدبياً كانت مجالسه تعقد كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع. وكان الأدباء، والمفكرون، والشعراء، ورجال السياسة يترددون على هذا المنتدى، للاستماع والاستمتاع بما كان يجري فيه من مناقشات، وحوارات فكرية، وثقافية متنوعة، فقد كان صالون مي ينبض بالحرارة ، لأن صاحبة الصالون كانت جميلة ، وكان كل أديب من الأدباء يتردد على هذا الصالون يتصور أن مي تخصه بعواطفها ، فكان يتبارى كل أديب في عرض أحسن ما عنده، فكان لهذا تأثير كبير في تنشيط الحركة الأدبية في ذلك الوقت، من أعلام من كان يحضر هذا المنتدى، أحمد لطفي السيد، وطه حسين، وخليل مطران، ويعقوب صروف، وإسماعيل صبري، ومصطفى صادق الرافعي، وولي الدين يكن، وأنطون الجميل. أحدثت كتاباتها الصحفية، والأدبية، وخطبها التي كانت تلقيها في المناسبات المتعددة، وترجماتها المختلفة، ولا سيما عن اللغة الفرنسية – دوياً كبيراً في جميع الأوساط الفكرية والثقافية في لبنان ومصر، بل وفي العالم العربي بأكمله.

كانت ميى ذات علم واسع إلى جانب العذوبة والإحساس العميق المرهف الذي كانت تتصف به فقد عرفت بشخصية المعرفة والطموح الفكري والفني، وأيضاً اتصفت بالجرأة الأدبية والاعتزاز بالنفس والثقة بالذات. وعلى الرغم من كل هذه الصفات الإيجابية التي كانت تتصف بها إلا أنها كانت حزينة،ولكنها لا تظهر ألمها إلا لنفسها. كانت ذات موهبة أدبية فريدة، نمتها بالمطالعة، وشحذتها بالتحليل والمقارنة، وساعدها في ذلك، ذكاء حاد، وحيوية دفاقة، ونشاط لا يعرف الحد. وقد وهبها الله سبحانه وتعالى، ذوقاً فنياً مرهفاً، وعمقاً تفكيرياً ملحوظاً وإحساساً أدبياً فياضاً. قال عنها مصطفى عبد الرازق «أديبة جيل، كتبت في الجرائد والمجلات، وألفت الكتب والرسائل، وألفت الخطب والمحاضرات، وجاش صدرها بالشعر أحياناً، وكانت نصيرة ممتازة للأدب، تعقد للأدباء في دارها مجلساً أسبوعياً، لا لغو فيه ولا تأثيم، ولكن حديث مفيد وسمر حلو وحوار تتبادل فيه الآراء، في غير جدل ولا مراء».

وفي مجلسها يقول إسماعيل صبري باشا: “إن

لم أمتع بمي ناظري غداً أنكرت صبحك يا يوم الثلاثاء”. قالت جوليا دمشقيّة: “لم أرَ في حياتي خطيباً اشرأبت إليه الأعناق، وشخصت إليه الأحداق كمى، فكانت، وهي تخطب، كأنَّ أجفان سامعيها مشدودة إليها بالأهداب، وما ذلك إلا لأنه اجتمع في الخطيبة أهم مقومات الخطابة”.

وهذه المقومات التي تشير إليها الكاتبة هي : سلامة الذوق، ومراعاة مقتضى الحال، ورخامة الصوت وطاقته الانسيابية الفريدة وغيرها من المقومات التي تميزت بها ميى. كما أغرم بها العديد من كتاب وشعراء ذلك الزمان..ومنهم العقاد وطه حسين.

نهاية القلب الكسير
كان صالون مي يستضيف العديد من الأدباء والشعراء وصفوة المجتمع الأدبي في مصر في ذلك الوقت، وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام مى حبباً روحياً ألهم بعضهم روائع من كتاباته. أما قلب مى زيادة، فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده، رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة وكان اتصالهما ببعضهما فقط عن طريق الرسائل التي تعد إعجازاً في فن الكتابة بين هامتين من هامات الأدب جبران ومي، وقد دامت المراسلات بينهما لعشرين عاماً: من 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك عام 1931 والتي مثلت لمي الضربة القاصمة والأخيرة في حياتها
رغم الشهره والمجد اللذين حازت عليهما مي إلا أنها عاشت محرومة من السعادة وراحت البال..فقد عانت كثيراً من مصائب الدهر وغدر الزمان وكان أشدها عليها هو وفاة والديها ثم بعد ذلك توفي جبران خليل جبران فكانت الفاجعة الكبرى
الكتاب أعلى المبيعات. من أهم جهود عفاف كنفاني هو دعم منظمة «العودة» والتي تحمي حقوق الفلسطينيين في معسكرات اللجوء حيث قامت ببيع العديد من المقتنيات الفنية الخاصة بها من أجل تقديم ربحها لهذه المنظمة، وقد اختيرت للفوز بواحدة من أهم الجوائز الفنية في عام 2001

فاعتزلت مي الكتابة والناس وحاولت التغلب على أحزانها بالسفر والترحال ولكنها لم تستطع أن تهرب من أحزانها فعادت مرة أخرى إلى مصر وهي تعاني من الضعف والهزال لتعيش وحدتها وألمها و قد تعرضت لمكيدة من أقاربها بلبنان للحصول على ثروتها فقاموا بإيداعها مستشفى الأمراض العقلية بالعصفورية في لبنان وهب المفكر اللبناني أمين الريحاني وشخصيات عربية كبيرة إلى إنقاذها، ورفع الحجْر عنها. وعادت مى إلى مصر لتتوفى بالقاهرة في 19 (نوفمبر) 1954.

أشهر أعمالها..
– أزاهير حلم: ديوان شعر باللغة الفرنسية.
– كلمات وإشارات: مجموعة الخطب الاجتماعية ، وفيها عالجت حالة بؤس وشقاء اليتيم والفقير.- سوائح فتاة: بعض النظريات والآراء التي اقترحها عليها الأديب ولي الدين يكن.- المساواة: كتاب فريد في اللغة العربية، درست فيه قضية الطبقية الاجتماعية وكيفية نشوئها وعرضت الكثير من الحلول العملية.- الصحائف: وهو يشتمل على مقدمة قيمة في النقد الأدبي، ثم على قسمين، خصصت أحدهما لصحائف بعض الأشخاص، وخصصت الآخر لرحلات السندباد البحري وهو وصف لعدد من رحلاتها لأوروبا في العطلات. إقامة العديد من المعارض في العديد من بلدان العالم.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda