حريصة سيدة لبنان

رُفع تمثال السيدة العذراء الذي يحتضن في قاعدته كنيسة صغيرة ويقود اليه درجٌ لولبيّ. وعلى بعد أمتار، يقع دير مار بطرس البيزنطي الكاثوليكي وكنيسة مار بطرس المتعددة القبب. تغطي جدران الكنيسة الذهبية رسوم موزاييك من الطراز البيزنطي وتمثال المسيح والعذراء والعشاء السري وغيرها من مشاهد الإنجيل. ويتميّز محيط حريصة بكثرة الكناثس والأديرة التي تقارب العشرين. الفكرة الأولى كانت عام 1904 عندما إحتفلت الكنيسة الجامعة باليوبيل الخمسيسني لإعلان البابا بيوس التاسع عقيدة الحبل بلا دنس عام 1854 حين فكر البطريرك الماروني مار الياس الحويك والقاصد الرسولي في لبنان وسوريا المطران كرلوس دوفال بإنشاء أثر دينيٍ يخلّد ذكرى تثبيت عقيدة الحبل بلا دنس ويشيد بمحبة شعب لبنان لمريم على مر الأجيال.

حريصة سيدة لبنان

حريصة سيدة لبنان

رأي الحبر بعد إستشارة أساقفة وكهنة أن يطلق على ذلك الأثر لقب «سيدة لبنان». تلك الفكرة العائدة إلى الحبرين ممن خلّد التاريخ ذكرهما، كان لها التأثير القوي فعملت في النفوس عمل الخميرة في العجين. وقع الإختيار على المحلة المدعوة «الصخرة» في قمة تلة حريصة. والصخرة هي رابية فتّانة تطل على مدينة جونية والبحر المتوسط وتشرف على بيروت والجبل، تقع في جوار السفارة البابوية التي كانت تسمى القصادة الرسولية على مقربة من بكركي مقر البطريرك الماروني. فكأن العناية الإلهيّة أوحت للمسؤولين إختيار تلك الرابية لترمز بجمالها إلـى روعة وقداسة مريم العذراء سيدة لبنان. أما النُصب (التمثال) فهو من صنع فرنسا. وهو من البرونز المسكوب طوله ثمانية أمتار ونصف، قطره خمسة عشر طنًا. وهو فريد في جماله. تبسط العذراء ذراعيها نحو العاصمة بيروت، ولسان حالها يقول «تعالوا إليّ أيها الراغبون فيّ، وأشبعوا من ثماري». قاعدة التمثال مبنية من الحجر الطبيعي ترتفع بنحو عشرون متراً، محيطها الأسفل أربعة وستون متراً، والأعلى إثنا عشر متراً. أما الصعود إلى قمتها على قدمي التمثال، فيتم على درج لولبي من مائة وأربع درجات. تمّ إنجاز المعبد الصغير مع التمثال في أواخر عام 1907، على يد الملتزم إبراهيم مخلوف وتحت إشراف الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الأب شكرالله خوري.

حفلة التدشـين

حريصة سيدة لبنان

حريصة سيدة لبنان

مع إطلالة عام 1908، بدأت الوفود تتقاطر بأعلامها وأخوياتها من كل أنحاء لبنان. وعند العاشرة صباحاً، بدأ الإحتفال الديني بمباركة القاصد الرسولـي فريديانو جيانيني ثم إحتفل غبطة البطريرك بالقداس الحبّري يعاونه بعض الأساقفة والكهنة، وناب عن متصرف جبل لبنان عزتلو بربر الخازن أمير الاي الجند اللبناني مع موظفين آخرين وإختتم الإحتفال بالكشف عن أيقونة سيّدة لبنان فـي ساحة المعبد وأعلن اليوم عيداً سنوياً لسيدة لبنان. الولاية حيث أن المعبد المزار تمّ تشييده من قبل البطريرك الـمارونـي والقـاصد الرسولـي، آلت الـملكيّة والولاية للكنيستين الـمارونية واللاتينيّة وأسندت خدمة معبد سيّدة لبنان وإدارته إلـى جمعيّة الـمرسلين اللبنانيين وتمّ التسليم الرسمي في دار القصـادة الرسولية فـي حريصـة عام 1908 وذلك بشخص الرئيس العام أنذاك الاب يوسف مـبارك ومنذ أن تسلّـمت جـمعيّة الـمرسلين اللبنانيين الـموارنة إدارة الـمعبد، قامت بإنشاءات عديدة بعد شراء عقارات قريبة إليه وأوصلته إلـى صورته الحالية كمزار لبنانـي وعالـمي مما دفع أحدهم لأن يكتب في سجل الـمعبد «أجادوا بما جدّدوا حول معبدكِ الـمقدّس. جدّدي في قلوبنا العواطف اللائقة لعبادتكِ. وجدّدي في لبنان الحياة الـمسيحيّة، يا أم الحياة والصلاح!».

مزار الشرق

حريصة سيدة لبنان

حريصة سيدة لبنان

لا غرابة من أن تصبح حريصة البلدة الصغيرة قطب بلدان الشرق الـمـسيحي فمن بيت لحم خرج الـمسيح ومن مغارة لورد تدفقت العجائب وفوق رابية حريصة إرتفعت مليكة السماء كالأرز في لبنان. فـفي الأساس لم يقصد البطريرك الـماروني ولا القاصد الرسولي سوى إقامة أثر تذكاري، لكن محبّة اللبنانيين عامة والـمسيحيين خاصة لـمريم العذراء جعلت من هذا الـمعبد محجّاً مقدّساً ومزاراً عالـمياً. أهم الأحداث والـمواسم التي مرّت على مزار «سـيدة لبنان» هو اليوبيل الخمسيني لتشييده عام 1954. وهي أيضاً الذكرى الـمئوية لتحديد عقيدة الحبل بلا دنس. في هذا اليوبيل مثل البابا بيوس الثاني عشر نيافة الكردينال أنجلو رونكلي الذي أصبح فيما بعد البابا يوحنا الثالث والعشرين مع إزدياد توافد الناس إلـى هذا الـمزار، أرسى حجرها الأساسي البطريرك بولس الـمعوشي عام 1970، بعدما تمَّ إختيار تصميم مبتكر ورائع وضعه الـمهندس بيار فؤاد الخوري. شيّدت هذه البازليك بعونه تعالى وبمساهمة الـمؤمنين ومنذ عام 1990 بوشرت فيها الإحتفالات الكبيرة إذ تتسع لأربعة آلاف مؤمن يمكنهم الجلوس ومشاهدة تمثال العذراء من خلال واجهة زجاجيّة عرضها 20 متراً وعلوها 42 متراً. إرتفاع قبة الأجراس 62 متراً.

حريصة سيدة لبنان

حريصة سيدة لبنان

مزار العذراء سيّدة لبنان علامة ناطقة بعبادة مريم الراسخة عبر تاريخنا. رفعناه على قمة الجبل أثراً وطنياً ودينيًّا خالداً كما إنها من أجمل الأماكن السياحية في لبنان التي قصدها السياح العرب والأجانب من قمة روعة المنظر من أعلي الجبل وهي أيضاً يمكن الوصول إليها من خلال التليفريك.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda