الجَبَنَة مذاق بسحر النوبة

للقهوة الأسواني طقوسها وعاداتها فهي إرث تقافي وإجتماعي لسكان المنطقة حيث يتجمع الأهل والأصدقاء لتبادل الأخبار والترويح عن النفس والجبنة هي المشروب الرسمي لأهل أسوان وواجب الضيافة المعتمد بما يقابل الشاي والقهوة في ربوع مصر، جلساتها وطقوسها تجبرك على الإنبهار فهي قعدة محورها تناول فنجان أو فناجين القهوة في جلسة ذات طقوس خاصة تصلح لأن تكون رواية وهي عادة يبدأ بها اليوم وينتهي، وعلي مر العصور، ظلت جلسة القهوة ملتقي كبار القوم للدردشة قبل التفرغ لأعمالهم كما أن لها مكانة رفيعة فهي رمز للكرم والشهامة وتختلف طقوسها بالنوبة عن باقي الأقاليم فضلاً عن اعتبارها عادة حميدة إذ تجمع الناس لتبادل الأخبار والتواصل فيما يراها البعض جلسات نميمة وخاصة لدي النساء بيد أنه في جميع الأحوال تلعب نتلك القعدة دوراً كبيراً وفي دعم لغة الحوار واكتساب مهارات التواصل وضرورة الإستماع للغير وإن لم يرق لنا حديثه كما أنها تقوي أواصر المحبة والتآخي بين الأهل والأصدقاء وأبناء القرية أو العشيرة ومن شدة تعلق أهل النوبة بقعدتهم تنتابهم الدهشة الشديدة عندما يعزمونك على فنجان قهوة وتقول إنك لست من روادها أو أنك لاتشربها فإن ساقتك الأقدار إلى هناك فإشرب القهوة ولو كنت لا تحبها كيلا تصبح بمثابة نكتة وسخرية بين الناس فهي هوية مميزة للسكان هناك،

وللقهوة موعدين الأولي في الصباح الباكر والثاني ليلاً مع نهاية اليوم. أما عن أدوات القهوة، فهي في الأغلب من الطين الفخاري وسواء كانت قعدة القهوة في المنزل أو بأحد المواقع التجارية فلها طقوس بعينها فغالباً ما تكون الأرض مفروشة بالرمل ومرشوشة بالماء إضافة إلي وجود أدواتها المزركشة بالألوان الزاهية إضافة إلى بنابر وتكون في الأغلب منسوجة بسعف الدوم أو النخيل وتتميز تلك البنابر أو المقاعد بكون إرتفاعها لا يزيد عن الأربعين سنتيمتر مع وجود مجموعة مقاعد صغيرها يطلق عليها الناس الطقاطيق، ومن أدوات القهوة أيضاً موقد فحم نباتي يطلق عليه كانون مع قدح من الخشب يسمى قلاية أو مقلاة وهو الإناء الذي يحمص به البن وفندك أداة لسحق البن يصاحبه بتعطيش قضيب من الحديد ثم إناء يعرف بإسم الشرقرق وهو الإناء الذي تحضر فيه القهوة ثم مبخر أو مخبر كما يحلو للبعض تسميته كناية عن الأخبار،

كانت هناك عادة ال زالت سارية حتي اليوم يستعمل فيها بخور التيمان المسبع أي مكون من سبعة أصناف من ضمنها ما يسمى بالشب يبخر بها من يعتقد أنه مسحور، ثم الجَبَنَة وهي إناء فخاري سوداني مع الوقاية وهي المقعد الذي توضع عليه هذه الجبنة التي غالباً ما تكون مزخرفة بكثير من أنواع الخرز الصغير في أشكال فلكولورية وفي المنازل غالباً ما تدير جلسة القهوة أكبر النساء سناً بإعتبارها أكثرهن خبرة في صناعتها وطقوسها وعاداتها والجميع يفضلون البن الحبشي فهو أعظم هدية يقدمونها للضيوف إن كان هنالك ضيوف في الجلسة.

وفي شرق السودان، هناك أيضاً للقهوة طقوس خاصة بشربها سواء أثناء إعدادها أو إحتسائها حيث تقوم المرأة بإعدادها في المنزل بينما يقوم الرجل بإعدادها في الأسواق والمجالس حيث يتجمع الأهل والأصدقاء لتبادل الأخبار والترويح عن النفس. يشكل إستخدام الأدوات التقليدية في صناعة القهوة عنصراً مؤثراً على مزاج من يتناولون القهوة أو الجَبَنَة ويتم تحضير مقدار القهوة بعدد من ينتظرها دون زيادة أو نقصان،

قد يتناول الفرد الواحد يومياً أكثر من 40 فنجاناً من الجَبَنَة وأحيناً في السهرة الواحدة واذا كان هناك ضيف فلا يحق له أن يترك أية بواقي للقهوة بداخل الفنجان حيث يعتبر هذا الأمر بمثابة إهانة للمضيف فلابد أن يشرب الضيف أكثر من ثلاث فناجين، وإذا لم يقم بهز الفنجان عقب الفراغ من الشراب فهذه دليل على أنه لا يريد المزيد من الجبنة وإذا كان هناك ضيف لا قبول في وجوده لا يقدم له المشروب تعبيراً عن الإستياء والإعتراض على وجوده.

ولتجهيز الجبنة خطوات بسيطة حيث تشعل النار علي موقد من مواقد الفحم وتتم عملية التحميص اليدوي للبن الأخضر عن طريق قليه بداخل إناء مصنوع من الفخار حتى يتحول لون البن الأحمر إلى بنى غامق وتستغرق عملية التحميص نحو ثلاث دقائق ويضاف أثنائها إلى البن قليل من حبات القرنفل أو الحبهان أو الزنجبيل بحسب النكهة التي يطلبها الضيف ثم يتم قلي البن حتي يصير بني أو أسود اللون مع بعض الأهازيج والغناء التراثي والبخور ومن ثم يوضع البن فيما يسمي الفندك ومعه آله لطحن البن تسمي يد الفندك وبعد ذلك يتم وضع الشرغرغ بداخل الموقد الفحمي وتكون الفناجين موجودة في مائدة وبجوارها السكر ومعها ملعقة لتذويب السكر وبعد فوران البن في الشرغرغ يتم صبها في الجَبَنَة وتوضع على مقدمتها الضيقة ما تسمى بالليفة وهي خيوط رفيعة من أشجار الدوم في الشرق والنخيل في الشمال والغرض من تلك الليفة هي بمثابة مصفاة لتنقية القهوة من الشوائب ومنها علي الفناجين مصنوعة من الخزف الصينى الملون وتشرب لجلسة تستمر عن طريق إعادة غلي ما تبقى من قهوة مع زيادة الماء كمرحلة ثانية.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda