تفسير الحلم فراسة

مصطفى عكاشةنائب مدير قطاع الشذون القانونية و مفسر أحلام

باتت الأحلام وتفسير الرؤى تشغل بال المجتمع علي نحو لافت خلال الآونة الأخيرة وهو الأمر الذي يتضح جلياً من خلال كثرة البرامج التي تفسر الأحلام بالإذاعة أو التلفزيون أو المطبوعات التي خصصت جزءاً لهذا الغرض. ومن الملفت أن رجال الدين أو مفسري الأحلام باتوا كالمشاهير وتتصدر صورهم صفحات الصحف والمجلات للدعاية والإعلان عن برامجهم.

كيف كانت البداية؟

عملت بمشروع تحسين التعليم الثانوي بالبنك الدولي وكنت مسئولاً عن إعداد المؤتمرات كما أنني شديد الإهتمام بالشأن العام والقضايا العامة وكذلك تفسير الأحلام وفقاً لما ورد بالقرأن والسنن من دلائل.

ماذا عن عالم تفسير الأحلام ؟

ليس للحلم مدرسة معينة تصف معناه فللنوم خمس مراحل منها مرحلة يتذكر فيها الإنسان الحلم جيداً ويكون نومه غير عميق ولكن عند النوم بعمق لا يتذكر الحلم جيداً. والحلم يأتي نتيجة أحداث تفاعل معها الفرد ضمن إطار بعينه بعكس الرؤية فهي من عند الله ويتذكرها كاملة وأحيانا تكون رسالة واضحة وأحيانا لا يتم تفسيرها بل تخضع تقع للإحساس.

هل تفسير الأحلام من إختصاص علماء النفس أم من إختصاص رجال الدين؟

دراسة الأحلام كظاهرة فسيولوجية ونفسية تتكرر كل ليلة بإنتظام ولها وظائفها الفسيولوجية والنفسية للحفاظ على التوازن الإنفعالى والذاكرة والتعلم من إختصاص علماء الفسيولوجيا وعلماء النفس ممن لم يشغلوا أنفسهم كثيراً بمحتوى الأحلام ولابتفسيرها إلا فى نطاق ضيق لأن الأحلام فى نظرهم تؤدى وظيفتها وإن لم تفسر أو لم يتذكرها صاحبها على الإطلاق شأنها شأن الوظائف الفسيولوجية الأخرى كالتنفس ونبض القلب وحركة الأمعاء فتلك الوظائف تعمل تلقائياً ونستفيد منها ولو لم نعلم كأشخاص عاديين كيف تعمل. أما دراسة محتوى الحلم وتفسيره وفك رموزه، فقد إهتم بها الإنسان منذ فجر التاريخ ومارسها الكهنة والفلاسفة وعلماء الدين وبعض علماء النفس ممن يرون أنه ما دامت هناك مشاهد وأحداث ذات معنى بالأحلام فلابد أن لها فائدة فهى إما نافذة على العالم النفسى الداخلى للإنسان أو نافذة على عالم الغيب الذى لايدركه الإنسان فى يقظته ومعروف أن الإنسان شغوف بالإطلاع على الغيب سواء النفسي أو الكوني.

كيف نفسر الأحلام المليئة بالرموز سواء المباشرة أو غير المباشرة ؟

يظل الأساس في فك رموزها ولكنها مشكلة إذ لايوجد إتفاق على مفاتيح فك رموز الحلم علي أساس علمي تم إختباره وثبتت صحته وصدقه وثباته وكل ماقيل فى هذا الأمر هي مجرد إجتهادات شخصية متضاربة. والسبب في ذلك أن لكل شعب ولكل جماعة بل لكل فرد رموزه الخاصة فى الحلم فالكلب مثلاً يعتبر لدي بعض الشعوب رمزاً للوفاء فيما يري فيه آخرون رمزاً للعدوان والثعبان لدي البعض رمزاً للآلهة المقدسة ولدي الآخر رمزاً للتسلل الخبيث فيما يراه بعض علماء النفس التحليليين رمزاً لعضو الرجل التناسلى ولذا فمن الصعب وضع مفتاح موحد تفسر عليه الأحلام وهذا لايمنع من وجود بعض الرموز المشتركة بين البشر ولكنها ليست الغالبة، يميل علماء الفسيولوجيا لإعتبار الأحلام بوجه عام تغيرات كيميائية ذات تأثيرات عضوية خارجية أو داخلية يترجمها المخ لأحداث تدخل بمحتوى الحلم. أما النوع الخاص الذى يطلق عليه بالمفهوم الديني الرؤية فله شأن آخر إذ وضعت له شروط للتفسير وحاول البعض فصلها عن بقية أنواع الأحلام برغم صعوبة التفرقة بين أنواع الأحلام والرؤى بشكل يقيني.

ما هي حقيقة الرؤى والأحلام التي يراها الإنسان في منامه؟

ما أن يأوي الإنسان لفراشه ويغمض عينيه ويسيطر عليه النوم حتى يجد نفسه بعالم آخر يختلف تماماً عن عالم اليقظة من حيث المقاييس والحدود والأوصاف فيتجول النائم بعالم الأحلام والرؤى ويشاهد الماضي والحاضر والمستقبل فإذا به تارة يعود لصباه وأخرى يرى نفسه شيخاً طاعناً بالسن وقد يدخل بحرب مدمِّرة مع عدو واقعي أو إفتراضي أو يرى نفسه وهو يعالج سكرات الموت أو يرى ثروة عظيمة ومكانة مرموقة ينعم بكل خير ويعيش بين الورود و الرياحين وقد يرى بعض الصالحين من الأحياء أو الأموات وغيرها من المشاهدات العجيبة التي يرتاح الإنسان لرؤية بعضها ويتمنى لو أنها طالت واستمرت بدون انقطاع وقد ينزعج من مشاهدة كثير من الأحلام المفزعة وما أن ينقطع شريط الأحلام حتى يسأل الإنسان نفسه عن حقيقة تلك المشاهد وتطابقها مع الواقع ومن ثم عليه أن يدرك أن لتلك المشاهد تأثيرات سلبية أو إيجابية على حياته ولا بُدَّ من الإعتراف بأن حقيقة الرؤى والأحلام لا تزال خافية حتى على العلماء مما يفسر إختلاف نظراتهم في تفسير تلك المشاهد وفمنهم من حاول حصر الأحلام في البعد النفسي فقط.

كيف نجعل الرؤية صادقة؟

أن إمكانية التوفيق لرؤية الرؤى الصالحة تتماشي وفقاً لآداب أو سنن خاصة يتبعها الفرد فتصبح رؤيته صالحة وهناك قسماً من الرؤى يكون خارجاً عن إرادة الإنسان ولا يمكنه التحكم فيه لكن هناك مجموعة من الآداب والسنن تمكِّن الإنسان من توفير شروط الرؤى الصادقة القابلة للتعبير كأن ينام على طهارة وأن يستعيذ بالله من الشيطان ويذكر الله قبل النوم.

لمن ترجع أهلية التعبيرعن الرؤية؟

يحتاج تأويل الرؤية لأهلية خاصة وعلى من أراد تأويل رؤيته وتفسير أحلامه مراجعة من يمتلك الأهلية والموهبة وليس كل من يدعي القدرة على ذلك.

كيف نتجنب مشاهدة الأحلام المزعجة؟

لنجنب أنفسنا مشاهدة الأحلام المزعجة علينا أن نأخذ بعين الإعتبار الآداب والسنن الشرعية الكفيلة ببيان السلوك الفكري والعملي للإنسان والتي تؤثر على حياة الإنسان خلال اليقظة وكذلك خلال ساعات النوم فسلوك الإنسان وأخلاقه ومعاشرته للناس والأسرة ومسكنه وطعامه وإلتزامه الديني من الأمور المؤثرة على سلامة النوم وراحة الإنسان وهناك كثير من النصائح للأطباء وأخرى نفسية وصحية ينصح بها علماء النفس.

ما التفسير العلمي لمن يحلمون بمعظم ما يمر بهم؟

أنا ضد أن يتعلق الإنسان بالرؤى فصحيح أنها سنة موجودة ولها وزنها في الشرع، لكن أن يبني الإنسان حياته على الرؤى فتلك مصيبة فملخص الرؤية أنها إشارة فقط تبشر بأمر ما سيحدث أو تنذر بشيء علي وشك الحدوث.

ماذا عن الذين لا يحلمون على الإطلاق؟

لا يوجد أحد لا يحلم، لكن معنى لا يحلم أنه ينسى الحلم عند الإستيقاظ وكثيراً ما نقرأ بمقدمات الكتب التي تتناول تفسير الرؤى والأحلام، عن مسألة التوقيت ومدلولاته وأود أن أؤكد أن تفسير الأحلام والرؤى فراسة وليس دراسة وقد تأتي الدراسة بعد الفراسة وأعني بالفراسة الموهبة والنورانية والشفافية التي يمن بها الله على المفسر فيتسنى له التفرقة بين رؤي الصيف مثلاً ورؤي الشتاء، إذ من الصحيح أن تفسير الرؤي والأحلام يختلف من وقت لآخر ومن شخص لآخر بل أكثر من ذلك من بلد لآخر وجميعها أمور تعود في المقام الأول للمفسر.

ما الشروط الواجب توافرها في مفسري الأحلام والرؤي؟

عليهم أولاً الإلمام التام بالظروف الدينية والثقافية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية المحيطة ومعرفة الرموز السائدة بالبيئة ودلالتها مع توفر القدرة على الإستماع الجيد والفهم العميق وربط جزئيات الحلم بعضها ببعض ثم ربطها بظروف حياة المريض للخروج بصورة كلية ذات معنى،القدرة على توصيل رؤيته لمعانى الحلم ليزيد قدرته على الإستبصار بعالمه الداخلى وبإحتياجاته ورغباته وصعوباته فى محاولة للإستفادة من كل تلك الأشياء ومع هذا لا نعتبر هذا تفسيراً للأحلام وإنما تداعيات حول الحلم يقوم بها صاحب الحلم ويساعده فيها المعالج وهي تداعيات وثيقة الصلة بحياة الشخص نفسه وتعطيه فرصة جيدة لقراءة عالمه الداخلي وربطه بعالمه الخارجي فتكتمل رؤيته وتتسع مستويات إدراكه كما تحتاج لمعرفة قوية باللغة الدينية ورموزها ومدلولاتها والمعتقدات الدينية السائدة بمجتمع الرائي والثقافات السائدة حوله أو المؤثرة فيه. وأي قراءة أو تفسير للحلم يسقط بعداً من تلك الأبعاد يجعله ناقصاً أو مشوهاً أو مغلوطاً ومع كل هذا علينا أن نعترف أن التعامل مع الحلم كالتعامل مع نص أدبي أو فني نقوم بقراءته نقدياً والقراءة النقدية قد تقترب أو تبتعد من النص الأصلي وقد تنتقص منه أو تضيف إليه ولكنها في النهاية ليست النص الأصلي وليست معلومات مؤكدة وموحدة بل يظل النص الأصلي يحتمل كثير من القراءات والتأويلات والتداعيات وربما هذا الغموض هو الذي جعل تفسير الأحلام يقع بأيدي كثير من المدّعين والمشعوذين ومزيفي الوعي واللاوعي.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda