الحرارة عرض مش مرض

إعداد:  أ.د. أحمد السعيد يونس

تزداد في تلك الأيام نسبة الإصابة بإرتفاع درجة الحرارة والإلتهابات بأنواعها نظراً لتغير حرارة الأجواء المحيطة بنا ويحدث هذا غالباً عند الإنتقال من فصل الصيف إلى الشتاء أو العكس، وما يحدث بشكل متكرر أن تضع الأم يدها على رأس طفلها فتشعر بسخونته فتذهب فوراً إلى الطبيب مُنزعجة ومُرددة العبارة الشهيرة «يا دكتور إلحقني، حرارة إبني مُرتفعة».

إن الحمى أو إرتفاع درجة الحرارة هي السبب الأول لزيارة طبيب الأطفال في جميع أنحاء العالم وتقريباً 95% من الأطفال يزورون الطبيب في السنة الأولى من العمر بسبب هذه الشكوى، والحمى عرض وليست مرضاً فكل حرارةٍ تنتج عن مرضٍ ما لكن العكس غير صحيح. تتغير درجة حرارة الجسم خلال اليوم. فمعدل درجة الحرارة الطبيعي هو 37درجةً مئويةً لكنها قد تنخفض الى 36.1 بين الساعة 4- 6صباحاً وقد ترتفع إلى 37.5بين الساعة 6- 8مساءً. وتتأثر درجة الحرارة بحرارة الجو المحيطة بالطفل وبكثرة الملابس التي يرتديها. ودرجة حرارة الجسم الطبيعية عند حديثي الولادة 35.5- 37.5درجةً مئويةً وعند الأطفال والبالغين 36.5- 37.5درجةً مئويةً وتعتبر مرتفعةً إذا كانت أكثر من 37.5درجةً مئويةً ، ويمكن قياسها بعدة طرق.

ماهية قياس الحرارة

يتم قياس الحرارة عن طريق الإبط وهي الطريقة الأكثر أماناً لحديثي الولادة والأطفال تحت 6سنوات بعدها يتم القياس عن طريق الفم وهو الأسهل للأطفال المتعاونين فالطفل يجب أن يبقى الثيرمومتر تحت اللسان لفترة من الوقت بينما الطفل الأصغر سناً قد يعضه ويكسره. يتم أيضاً قياس الحرارة عن طريق فتحة الشرج وهوغير مريح للطفل لكنه يعطي قياساً دقيقاً للحرارة الداخلية والتي تكون مرتفعة لو تجاوزت 38 درجة ولا يُنصح بإستخدامه لحديثي الولادة وللمصابين بالبواسير وأمراض القولون. أما قياس الحرارة عن طريق الأذن بإستخدام الثيرمومتر الإلكتروني، فهو سهل ودقيقٌ وسريع النتيجة وأخيراً، يتم قياس الحرارة عن طريق الجلد بإستخدام الثيرموميتر الشريطي ويتم بواسطة شريطَ يوضع على الجبهة لكنه غير دقيقٍ. ولا تدل درجة الإرتفاع على خطورة الحالة المرضية فبعض الأمراض الخطيرة كالدفتيريا تكون مصحوبةً بحرارةٍ خفيفةٍ بينما تكون إلتهابات الجهاز التنفسي الفيروسية مصحوبةً بحرارةٍ عاليةٍ قد تصل إلي 40 درجة وتأتي في الأغلب مصحوبةً بعلاماتٍ أخرى. وأحياناً يسبق إرتفاع الحرارة ظهور الطفح الجلدي كما في الحصبة والحصبة الألمانية.

أسباب إرتفاع درجة حرارة الجسم

تعتبر الحرارة إستجابة طبيعية من الجسم لمقاومة الأمراض الجرثومية التي تغزوه وإرتفاع درجة الحرارة يُساعد جهاز المناعة علي العمل بشكل جيد، كما أن معظم الفيروسات والبكتيريا تعمل وتتكاثر في درجة حرارة الجسم الطبيعية فإرتفاع درجة الحرارة يُثبط تلك الجراثيم. هذا ولا تُسبب الحرارة تلفاً للدماغ إلا إذا تجاوزت42 درجة مئوية ومعظم حالات الحرارة لا تؤدي للتشنجات الحرارية كما لا يعني إرتفاع الحرارة الشديد مرضاً صعباً فبعض الأمراض الخطيرة يُصاحبها إرتفاع مُعتدل لدرجة الحرارة فتخفيض الحرارة لا يؤدي إلى سرعة شفاء المريض من المُسبب الرئيس وأخيراً لا يُسبب التسنين إرتفاع درجة الحرارة سواء الشديدة أو المتوسطة. تعمل خافضات الحرارة على خفض الحرارة بصورة مؤقتة بيد أنها لا تكافح الجراثيم المُسببة للإلتهاب ومن ثم تُعاود الحرارة الإرتفاع حتى يتخلص الجسم من المايكروب المُسبب والذي يستغرق عادة 2-3 أيام. وفي بعض الإلتهابات كالإنفلونزا، يستغرق الأمر 5-7 أيام وإذا كان السبب وجود الباكتيريا، يجب إعطاء الطفل مضاد حيوي لتبدأ الحرارة بالإنخفاض بعد 48 ساعة من بدء تناول المضاد بإنتظام.

إرتفاع الحرارة ليس دوماً خطير

ينبغي دوماً مراجعة الطبيب عند الشعور بالقلق كما ينبغي توخي الحذر بصورة أكبر مع الأطفال الرضع وخاصة من تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر إذ لا تعتبر إصابتهم بالحمى أمراً عادياً، يمكن أيضاً أن تكون أكثر خطورة إذا كان الطفل مُصاباً بحمى مصحوبة بأعراض أخرى. قد يكون إرتفاع الحرارة إشارة على إصابة الطفل بمرض أكثر خطورة. هناك أيضاً عدد من الأعراض التي يجب الإحتراس منها كأن يشعر الطفل بالنُعاس أو الخمول أو إمتنع عن تناول المياة لأكثر من ثماني ساعات أو إذا تناول أقل من نصف الكمية التي إعتاد أن يشربها خلال الـ24 ساعة الماضية ويشمل ذلك الرضاعة من الثدي أو الزجاجة (البيبرونة) لدي الأطفال الصغار. وإذا كان طفلك يعاني من هبوط في اليافوخ (المنطقة الطرية على الرأس) مع وجود أعراض أخرى منها جفاف الشفتين وتحوّل البول إلى اللون الأصفر القاتم والتبوّل بصورة أقل من المعتاد، فقد تكون تلك الأعراض مؤشرات لإصابة الطفل بالجفاف.

أساسي عند حدوث الحمى 

عند إصابة الطفل بالحمي، يُفضل تخفيف ملابسه قدر الإمكان مع عدم تعريضه للتيارات الهوائية الشديدة. يجب أيضاً إعطاء الطفل السوائل بصورةٍ مُكثفة لأن الجسم -عند نقص سوائله- ترتفع درجة حرارته علي نحو لافت مع عمل كمادات أعلي الجبهة وحول الرقبة وتحت الإبط. ويجب تجنب وضع الطفل تحت الماء البارد بصورة مباشرة تماماً ويُمكن غسل جسم الطفل بالماء العادي. من الممكن -في تلك الحالة- إعطاء الطفل خافض للحرارةٍ عن طريق الفم أو تحاميل شرجية بحسب وزنه كما في نشرة الدواء المُرفقة به لكن يجب الحذر عند إستخدام مثل تلك العقاقير. أوضحت دراسة لعدد من الباحثين بمجال التمريض في أستراليا أن 50% من الأطفال ممن يُصابون بإرتفاع درجة حرارة الجسم يتلقون من والديهم جرعاتٍ غير مناسبةٍ من الأدوية الخافضة للحرارة فيما تؤكد الدراسة علي أن حالات التسمم نتيجة تناول جرعاتٍ تتجاوز الحد المسموح به قد تضاعفت نحو ثلاث مرات خلال العشرين عاماً الماضية مما أسفر عن زيادة قلق الوالدين عند إرتفاع درجة الحرارة. في الواقع، ليس من السهل ألا تقلق الأم عندما ترتفع حرارة الطفل ويبدأ في البكاء، لكن إعلمي أن إرتفاع درجة الحرارة نادراً ما يكون مُؤذياً. فهو ليس سوي جزء من مقاومة الطفل للعدوى والأمراض. نعم، قد يكون إرتفاع درجة الحرارة أكثر خطورة -إلي حد ما- إذا كان عمر طفلك أقل من ستة أشهر إذ لا يٌعد مثل هذا الإرتفاع لدى الأطفال أمراً عادياً ويُمكن أن يكون مؤشراً على وجود مشكلة ما. عندها، إتصلي بطبيبك على الفور.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda