نزار قباني.. شاعر المرأة أم قاهرها؟

يُقدس ويحترم ويعشق المرأة بجميع حالاتها وكل صورها وشماهدها.. لعبت حواء دور البطولة المُطلقة بأغلب أعماله وإحتلت دوماً لديه موقع الصدارة. إنها الأم والأخت والحبيبة والعشيقة والإبنة.. إنها كل شيء وشيء من أي شيء.

 

ولد في دمشق عام 1923م من عائلة دمشقية عريقة وهي أسرة قباني.حصل على البكالوريا من مدرسة الكُلية العلمية الوطنية بدمشق ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945م. يقول نزار قباني عن نشأته «وُلدت في بيت وسيع، كثير الماء والزهر من منازل دمشق القديمة، والدي توفيق القباني، تاجر وجيه في حيه، عمل بالحركة الوطنية ووهبها حياته وماله. تميز أبي بحساسية نادرة وبحُبه للشعر ولكُل جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح. إمتازت طفولتي بحُب عجيب للإكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها الأولي ومُطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عُنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشر من عمري، كُنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وأُلطخ كل ما تقع عليه يدي بحثاِ عن أشكال جديدة. ثم إنتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن تلك الهواية».

 

من الخارجية لأحضان القلم
عام 1939م، كان فى رحلة بحرية مع المدرسة لروما حيث كتب أولى أبياته الشعرية مُتغزلاً فى الأمواج والأسماك وكان وقتها فى السادسة عشر من عمره، ويٌعد الخامس عشر من أغسطس 1939م تاريخ ميلاده الشعرى. وفى عام 1941م، إلتحق بكلية الحقوق فى جامعة دمشق ونشر خلال دراسته أولى دواوينه الشعرية بعنوان «قالت لى السمراء» وقام بطبعه على نفقته الخاصة وقد أثار ديوانه الأول جدلاً بالأوساط التعليمية وقتها. إلتحق بعد تخرجة بالعمل الدبلوماسي وتنقل خلاله ما بين القاهرة وأنقرة ولندن ومدريد وبكين بيد أنه تركه في ربيع 1966م وأسس في بيروت داراً للنشر تحمل إسمه وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية بدأ خلالها أولاً بكتابة الشعر التقليدي ثم إنتقل إلى الشعر العمودي وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث علي نحو لافت. هذا ويٌعد قباني مُؤسس مدرسة شعريه وفكرية مميزة لا تزال إثازها حية حتي اليوم. تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية وكان ديوان «قصائد من نزار قباني» والصادر عام 1956م نقطة تحول في شعره إذ ضم قصيدة «خبز وحشيش وقمر» التي تعرضت للنقد اللاذع من قبل المجتمع العربي وأثارت ضده عاصفة شديدة حتى طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي. تميز قباني أيضاً بنقده السياسي القوي ولعل من أشهر قصائده في هذا المضمار «هوامش على دفتر النكسة» وكان ذلك عام 1967م وتناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل. من أبرز أعماله أيضاً «حبيبتي» (1961م) و«الرسم بالكلمات» (1966م) و«قصائد حب عربية» (1993م). تعرض قباني لمواقف شكلت خلفيته الشعرية وأثقلتها منها إنتحار شقيقته التي أُجبرت على الزواج من رجل لم تحبه. عند سؤاله إن كان يري نفسه ثائراً، أجاب «إن الحب في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره، أريد تحرير الحس والجسد العربي بشعري فالعلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا غير سليمة». تزوّج قباني مرتين، الأولى من إبنة عمه «زهراء آقبيق» وأنجب منها هدباء وتوفيق والثانية من العراقية «بلقيس الراوي» وأنجب منها عُمر وزينب. تُوفي إبنه توفيق في السابعة عشرة من عمره مصاباً بالقلب وكانت وفاته صدمة كبيرة لوالده الذي رثاه في «إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني». وعام 1982، قُتلت بلقيس الراوي في إنفجار السفارة العراقية ببيروت وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً لديه ورثاها أيضاً بقصيدة تحمل إسمها وبعدها، ترك بيروت وتنقل بين باريس وجنيف حتى إستقر في لندن حيث قضى الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته وكتب أشعاره مُثيراً للمعارك والجدل وخاصة قصائده السياسة خلال التسعينات مثل «متى يعلنون وفاة العرب؟» و«المهرولون».

 

كلمات عاشت وقصائد خالدة
تسابق أبرز المطربين العرب للحصول على قصائد نزار قباني ومنهم أم كلثوم وغنت له أغنيتين «أصبح عندى الآن بندقية» و«رسالة عاجلة إليك» وقام محمد عبد الوهاب بتلحينهم كما غني عبد الحليم حافظ من أشعاره «رسالة من تحت الماء» و«قارئة الفنجان» من ألحان من محمد الموجى، وغنت له نجاة الصغيرة «ماذا أقول له؟» و«متى ستعرف كم أهواك» و«أسألك الرحيل» و«سيد الكلمات» و«أيظن» ولحنها عبد الوهاب كما غنت فايزة أحمد من قصائده «رسالة من إمرأة» من الحان محمد سلطان، وغنت له فيروز «وشايه» و«لا تسألونى ما إسمه حبيبى» من ألحان الرحبانى وأيضاً ماجدة الرومى و«بيروت ست الدنيا» و«كلمات» و«مع الجريدة» و«أحبك جداً» و«طوق الياسمين» و«وعدتك». غني له أيضاً طلال الملاح «جاءت لتمشى بإستحياء والخوف يطاردها» من ألحانه وجاء كاظم الساهر بأروع أغنياته من أشعار القباني منها «قولى أحبك» و«زيدينى عشقاً» وأشهد» و«هل عندك شك؟» و«علمنى حبك» و«مدرسة الحب» و«تقولين الهوى» و«الرسم بالكلمات» و«أجلس فى المقهى» و«الحب المستحيل» و«صباحك سكر» و«حبيبتى والمطر» و«التحديات» و«لو لم تكونى» وممنوعة أنت» و«البغدادية». وغنت له أصالة «إغضب» و«القصيدة الدمشقية». أما لطيفة، فغنت له «يا قدس» و«تلومنى الدنيا» وغنى له عاصى الحلانى «القرار» وإلهام مدفعى «بغداد». من دواوينه «قالت لى السمراء» و«أنت لى» و«كتاب الحب» و«مئة رسالة حب» و«كل عام وأنت حبيبتى» و«هكذا أكتب تاريخ النساء» و«أشهد أن لا إمرأة إلا أنت» و«اليوميات السرية لبهية المصرية» و«قاموس العاشقين» و«الحب لا يقف عند الضوء الأحمر» و«السيرة الذاتية لسياف عربى» و«لا غالب إلا الحب» و«هل تسمعين سهيل أحزانى» و«خمسون عاماً من مديح النساء». وفى النثر كتب «قصتى مع الشعر» و ماهو و«الكلمات تعرف الغضب» و«بيروت حرية لا تشيخ» و«المرأة فى شعرى وفى حياتى» بالإضافة لعمل مسرحي واحد وهو «جمهورية جنوستان لبنان سابقاً» عام 1977م. وافته المنية في لندن عام 1998م عن عمر يُناهز 75 عاماً قضى منها أكثر من 50 عاماً ما بين الحب والسياسة والثورة.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda