محمود مختار صانع نهضة مصر ..

من المحلة الكبري، للقاهرة.. وباريس، عاصمة النور، وأعمال لا تزال تحيا بيننا حتى الآن، تشهد على عظمة الإبداع المصرى وتكتب سطوراً من نور فى تاريخ رائد الحركة الفنية المصرية المعاصرة.. عن محمود مختار، صانع نهضة مصر، سطور من حياته ومحطات لا تنسى..

ولد محمود مختار في 10 مايو 1891 بإحدى قرى المحلة الكبرى وكان والده الشيخ إبراهيم العيسوي عمدة القرية. ثم انتقل بعدها إلى قرية نشا، إحدى قرى محافظة المنصورة.. وفى تلك القرية الصغيرة بدأت موهبته فى الظهور وبدأت الملامح الأولى لحسه الفنى العالى فى التشكيل

نقاط تحول.. عام 1902، كانت نقطة التحول في حياة مختار حين نزح إلى القاهرة وأقام فى أحد أحيائها القديمة لتكون الصدفة وحدها نقطة التحول الكبيرة فى حياته. فعلى مقربة من منزله، وفقط بعد عدة أعوام قليلة من نزوح الصبى إلى العاصمة، افتتحت مدرسة الفنون الجميلة، وتحديداً بحي «درب الجماميز» وكان ذلك عام 1908. كانت «الفنون الجميلة» مدخل الصبى لعالم مجهول وبوابة العبور لترقى درجات سلم الشهرة وعالم الابداع الفنى المتميز
التحق مختار بالصف الأول بمدرسة الفنون الجميلة وكان لا يزال آنذاك فى السابعة عشر من عمره. وعلى الرغم من صغر سنه، إلا أن موهبته باتت واضحة للأساتذة الأجانب الذين خصصوا له مرسماً خاصاً داخل المدرسة يمارس فيه ابداعاته وكانت لا تزال بعد فى طورها الأول تتمثل فى أعمال النحت من تماثيل، وأشكال تعبيرية مستوحاة من البيئة الأولى التى نشأ بها فتراه يستعيد مشاهد الريف وصوره المختلفة وملامح رفاق الحي وأصدقاء الطفولة

من القاهرة لباريس.. تلك الموهبة الصغيرة دفعت راعى المدرسة الأمير يوسف كمال لارسال الصبى لباريس لاتمام دراسته بالعاصمة الفرنسية التى كانت آنذاك منارة فنية وثقافية. وكانت نقطة التحول الثانية فى حيات مختار، وكما نشأ مايكل انجيلو في رعاية الأمير الفلورنسي لورنزو دي مديتشي، نشأ مختار في رعاية الأمير المصري يوسف كمال منذ بداية ظهور موهبته الفنية.
سافر مختار عام 1911 لباريس لعرض نموذج لتمثاله الشهير «نهضة مصر»، بمعرض الفنانين الفرنسيين وكان من أكبر المعارض فى هذا الوقت ونال عن عمله شهادة الشرف من منظمى

المعرض، مما دفع بعض المفكرين بإقامة اكتتاب شعبى ساهمت فيه الحكومة
لإقامة التمثال الذى لا يزال حتى الآن أمام حديقة الحيوان بالجيزة
ساهم مختار في إنشاء مدرسة الفنون الجميلة العليا وارسال البعثات الفنية للخارج، كما شارك في عدة معارض خارجية بأعمال فنية لاقت نجاحاً كبيراً وفى عام 1930، أقام معرضاً خاصاً لأعماله في باريس كتب خلاله شهادة ميلاد المدرسة المصرية الحديثة في الفن امام جمهور ونقاد الفن العالميين

أعمال عديدة.. نحت مختار تمثالي الزعيم المصري الشعبي سعد زغلول بالقاهرة والإسكندرية. وعلى الرغم من قصر عمره الفني، لكنه نجح في ترك تراثاً ضخماً من التماثيل الميدانية والأعمال التى تعبر عن القرية المصرية، وظل له أسلوبه الخاص فى التعبير عنها. كما يعود له الفضل فى إحياء التراث الفنى المصرى في مختلف عصوره دون اغفال الفن الحديث ليصبح بحق رائد فن النحت المصري المعاصر
بعد وفاته عام 1934 ونظراً لقيمته الفنية العالية، نادى رواد الحياة الثقافية وعلى رأسهم هدى شعراوي بالحفاظ على أعماله الفنية الكثيرة وجمعها لحمايتها من الاندثار والضياع، وتكللت هذه الجهود بقيام وزارة المعارف عام1938 بإنشاء متحف «محمود مختار» ومقبرته على نفقة الوزارة

تكريم بعد الموت.. في نفس العام، تم استرجاع بعض اعماله لمصر وعرضت بمعرض المثالين الفرنسيين المهاجرين بالجمعية الزراعية وأقيمت ندوات ومحاضرات تناولت حياته وعبقريته الفنية بالنقد والتحليل وحدث أن اندلعت الحرب العالمية الثانية في ذلك الوقت، وحال ذلك الوضع دون إعادة بقية أعماله لمصر، إلا ان جهود هدى شعراوي كللت بعودة التماثيل، كما كان لجهود طه حسين «وزير المعارف في تلك الفترة أيضاً أثر كبير لإعادة أعمال محمود مختار إلى مصر. وفي عام 1952 تم افتتاح متحف مختار في ملحق خاص بمتحف الفن الحديث ليعرض 59 تمثالاً، وقام على تأسيس وإعداد المتحف كل من الفنان راغب عياد زميل محمود مختار وصديقه، وكمال الملاخ الصحفي والأثري البارز، وقام المهندس رمسيس واصف بتصميم متحف مختار الحديث في حديقة الحرية بوسط القاهرة ونقلت رفاته إلى المقبرة الجديدة بالمتحف

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda