كات ثم يوسف..حينما يتحول الفنان إلى داعية

ملك موسيقى الروك آند رول في بريطانيا…مريض بالسل أنقذته موجة مياه صغيرة من موت محقق، فنذر نفسه لخدمة الله ووصل إلى بر الأمان عبر رحلة طويلة بين التصديق والحيرة.. إنه «يوسف إسلام» أو النجم الأشهر «كات ستيفنز» التوءم البريطاني لنجوم البيتلز في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

نشأة دينية وشغف موسيقي
الاسم الحقيقي لكات ستيفنز هو «ستيفن جورجيو» ولد في 21 يوليو 1947 بلندن، وكان أبوه يونانيًا أرثوذكسيًا، بينما والدته سويدية كاثوليكية حرصت على تعليمه في مدرسة دينية، لكنه على الرغم من هذا عشق الغناء وعمل في هذا المجال حيث سجل 8 شرائط قبل أن يبلغ العشرين من عمره، ووصلت إحدى أغنياته ضمن أفضل 10 أغنيات في بريطانيا آنذاك أثناء موجة «الهيبز» في ستينيات القرن الماضي ولم يكن قد تعدى الثانية والعشرين من عمره بعد!

مرض السل ورحلة ضياع
عندما أتم كات عامه الثاني والعشرين أصيب بمرض السل الذي أقعده في الفراش معزولاً عن الناس في أحد المستشفيات لمدة عام تقريبًا عكف فيه على القراءة في كتب الفلسفة والتصوف الشرقي وتمنى لو أنه يعرف الطريق إلى اليقين الروحي، إذ كان يشعر بأن حياته بها شيء غير مكتمل على الرغم من النجاح الذي حققه، وفي النهاية قرر أن يعود إلى الغناء ولكن بمفاهيم جديدة تتسق مع ما قرأه في أثناء المرض، فوضع أغنيتين هما «الطريق لمعرفة الله» و«ربما أموت الليلة» وانتهج المذهب البوذي ظناً منه أن التأمل والتفكير في الغد كاف لتجنب الشرور، فصار قدريًا وآمن بالنجوم وقراءة الطالع، ثم انتقل للشيوعية ظنًا منه أن السعادة هي تقسيم ثروات العالم على الجميع ولكنه شعر أنها لا تتفق مع الفطرة، بعد فشله في إيجاد درب له في الحياة ومعرفة أفضل سبيل للخالق، اتجه كات ستيفنز إلى تعاطي الخمور والمخدرات ليقطع هذه السلسلة الصعبة من التفكير بعد أن أدرك أنه ليست هناك عقيدة توصل إلى اليقين، وعاد إلى عقيدته التي أخبرته أن الله موجود ولكن يجب أن تصل له عبر وسيط، فأدى هذا به إلى أن يختار الموسيقى دينًا له يفرغ فيها أفكاره ومعتقداته.

الدرب الصحيح
رغم مرور نحو 29 عاماً على اعتناق نجم البوب الأمريكى كات ستيفنز للإسلام وتغيير اسمه إلى يوسف إسلام فإنه خرج أخيراً ليعلن الأسباب التى دعته لاعتناق الإسلام فى عام 1975 قائلاً «إن السبب قد لايصدقه أحد فليس أكثر من موجة مياه صغيرة» والقصة كما رواها يوسف إسلام «58» عاماً تنطلق من قرار اتخذه ذات يوم بالسباحة في مياه البحر، ولكن حينما حاول العودة للشاطئ بدا ذلك شبه مستحيل وفى تلك اللحظة التى كان الموت أقرب إليه جداً جداً تعهد لخالقه بأنه إذا نجا «فلسوف يعمل لخدمة رسالة الله» وفجأة شعر يوسف بموجة صغيرة خلفه وأدرك بحدثه كما قال فى مقابلة له لشبكة السى بى اس الأمريكية أن هذه الموجة جاءت خصيصاً لإنقاذه وهو ماقد كان، حيث ساعدته هذه الموجة على العودة بكل أمان إلى الشاطئ، تصادف حادث الغرق هذا مع عودة أخيه من رحلة زار فيها القدس وأحضر فيها هدية له عبارة عن نسخة مترجمة من القرآن، ويحكي كات هذه اللحظة في مذكراته: «أمسكت بالمصحف فوجدته يبدأ باسم الله، فنظرت للغلاف فلم أجد اسم مؤلف، حاولت أن أبحث فيه عن ثغرة أو خطأ فلم أجد، إنما وجدته منسجمًا مع الوحدانية الخالصة؛ فعرفت الإسلام»، وبعدها قرر كات ستيفنز السفر إلى فلسطين، ودخل المسجد الأقصى فأحس بالطمأنينة، وعندما رجع إلى لندن التقى بفتاة مسلمة صرح لها برغبته في إشهار إسلامه فأخذته إلى المركز الثقافي الإسلامي بلندن، وهناك نطق بالشهادتين وأعلن إسلامه، وفي تلك اللحظة طوى الشاب الإنجليزي صفحة «كات ستيفنز» تماماً وأصبح يعرف باسم «يوسف إسلام».

الموسيقى في خدمة الدين
استغل يوسف إسلام الموسيقى التي هجرها طويلاً بعد إسلامه ليتقرب بها من الله ويدعو بها الآخرين لاعتناق الدين الذي أحبه، فقام بتسجيل عدد كبير من الأناشيد الدينية التي ألفها بالإنجليزية مع تطعيمها بكلمات وجمل عربية لإكسابها روحاً إسلامية عذبة، فبدأ منذ 1993 في تسجيل مجموعة من الألبومات وصلت حتى الآن إلى 10، وحرص في تلك الألبومات على إيصال قيمة ومفهوم الإسلام للمسلمين وغير المسلمين؛ إذ تضمنت هذه الشرائط أناشيد وأغنيات دينية ذات محتوى تثقيفي تعليمي. والأستاذ يوسف إسلام يعتبر اليوم من كبار الدعاة إلى الله في أوروبا، ويقوم بإنتاج الأناشيد الإسلامية للكبار والصغار باللغة الإنجليزية مضمناً إياها القيم الإسلامية العالية منغومة بصوته العذب الرخيم، وقد أنشأ مدرسة إسلامية للأطفال في لندن، وأنشأ مؤخراً ثانوية للبنات وأخرى للبنين، وهي الأولى من نوعها في بريطانية.

Cat_Stevens_(1972)

من أجل مستقبل أفضل
شدد يوسف إسلام في اللقاءات التي أجريت معه على أن الإنشاد الديني وسيلة صالحة لمحاربة الموسيقى الفاسدة، فهو يرى أنه من غير الطبيعي أن يُمنع الناس من الترفيه والاستمتاع بأوقاتهم، كما أضاف في أحد اللقاءات الصحفية: «إذا كنا نرى السوء في بعض الأشياء فعلينا مهمة توفير البديل الحلال ليستمتعوا به، فأنا أحرص دائمًا على أن تكون أناشيدي الدينية على نفس المستوى الفني والتقني لألبوماتي السابقة حتى لا ينفر منها أحد»، كما افتتح يوسف إسلام في سبتمبر 2002 مقرًا إقليميًا لشركة «جبل النور» للتسجيلات والإنتاج الإعلامي ذات التوجه الإسلامي في دبي، في خطوة استهدفت تعزيز نشاط الشركة في منطقتي الشرق الأوسط والأقصى، وتعمل «جبل النور» في مجال إنتاج المواد الإعلامية المسجلة على أسطوانات CD وDVD وأشرطة الفيديو، بجانب طبع الكتب والمؤلفات الخاصة بشرح ثقافة وقيم الإسلام، وقد ركز يوسف إسلام على إيصال صوته إلى الأطفال انطلاقًا من أن المجتمع الغربي مبتلى بحوادث عنف وقتل يقوم بها الأطفال، بسبب عدم ترسيخ روح الإيمان بالله في نفوسهم منذ الصغر، وهذا الأمر جعل يوسف إسلام يخصص شريطًا للأطفال يعرفهم فيه بالله، وسماه: (A is for ALLAH) وأرفق مع الشريط كتيبًا صغيرًا كتب فيه: «إن الطفل الغربي يتعلم منذ اليوم الأول: (A is for Apple) ولكنني أريده أن يتعلم منذ الحرف الأول: (A is for ALLAH)؛ الأمر الذي سينعكس عليه في المستقبل».

يوسف إسلام اليوم
اهتمام يوسف إسلام اليوم منصب على تعليم الأطفال والدعوة للإسلام في العالم بأكمله عن طريق إنشاء المراكز الإسلامية التعليمية، والقيام بالزيارات المتعددة لبؤر الصراع في العالم لإظهار الوجه الحقيقي للإسلام الذي يدعو في أساسه للسلام متفوقاً على أية دعوة أخرى في العالم، وهو متزوج ولديه 5 أولاد، حرص على تعليمهم تعليمًا إسلاميًا بجانب التعليم النظامي الإنجليزي. أسلم شقيقه ووالدته، أما أبوه فقد أدركته رحمة الله تعالى فاعتنق الإسلام قبل وفاته بثلاثة أيام.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda