المراهقين فى ملل

 

لا‭ ‬يريد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬ويفضّل‭ ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬غرفته‭ ‬مُبرّرًا‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬رغبة‭ ‬لديه‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬أما‭ ‬هي‭ ‬فتشكو‭ ‬من‭ ‬الملل‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أهلها‭ ‬يوفرّون‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تطلبه‭. ‬لماذا‭ ‬يشعر‭ ‬بعض‭ ‬المراهقين‭ ‬بالملل؟‭ ‬وإلى‭ ‬ماذا‭ ‬يشير‭ ‬هذا‭ ‬الشعور؟

يرى خبراء علم نفس التقويم التربوي أن المراهقة مرحلة لا تخلو من الأزمات النفسية الناتجة عن التغييرات الفيسيولوجية يُرافقها تغييرات فكرية. وخلال تلك المرحلة، يبدو المراهق غير راضٍ عن مظهره ويُعيد النظر في القيم الإجتماعية والعادات والتقاليد التي نشأ عليها وتكون لديه رغبة قوية في إثبات وجوده. يُمكن وصف تلك المرحلة بمرحلة التمرّد أي التمرّد ضد سلطة الكبار والمجتمع فالمراهق يتّهم أهله بعدم التفهّم وبالحد من إستقلاله لذا فثورته هامة للغاية وعلى الأهل أن ينظروا إليها إيجابياً لأنها تحمل روح التغيير مما يعطي ديناميكية للحياة الإجتماعية. تكبر تلك الثورة أو تصغر بحسب ردة فعل الأهل ولكن من الضروري أن تكون موجودة. فالمراهق الذي لا يعيش مرحلته وما تحمله من تناقضات قديعيشها لاحقاً.

هناك أسباب نفسية مُرتبطة بالكآبة المرضيّة وأخري إجتماعيّة فالمجتمع الذي لا يوفّر للمراهقين وسائل ترفيهية كالنوادي الرياضية أو الإجتماعية التي تقدّم خدمات إنسانية أو نواد ومراكز خاصة بالشباب يلتقون فيها ويمارسون بها هواياتهم المُفضّلة كالموسيقى أو الرسم أو المسرح وغيرها من الهوايات والمهارات كما أن من الطبيعي أن يشعر المراهق الذي يعيش بتلك المجتمعات بالملل ولذا يظل لزاماً توظيف الوقت في شيء له مردود معنوي ينعكس إيجابًاً عليه. هذا ويعد الشعور بالضجر مفيد أحيانًا لأنه ضجر وجودي، بمعنى أنه يساعد المراهق على التفكير بحياته ومستقبله شرط أن لا يفصل نفسه عن محيطه الإجتماعي. ولكن حين يؤدي الملل للإنزواء وعدم التواصل مع الأصدقاء، يصبح من الضروري معرفة الأسباب فربما تعرّض المراهق لعنف من أحد الأصدقاء ولكن على الأهل ألا يلّحوا على ابنهم أو ابنتهم لمعرفة الأسباب أو يبدوا رأيهم في الموضوع بل يتركوا له مبادرة التحدث عنه، طالما أن الأمر مجرد مشكلّة عابرة.

من الخطأ الشائع توفير الأهل كل متطلبات المراهق علي نحو مبالغ فيه مما يحرمه متعة التحدّي. فحين تتاح له كل الأمور بدون قيد أو شرط وفي سن مبكرة لن يعرف قيمة ما يحصل عليه ويشعر بالملل الذي قد يؤدي به لتجربة أمور تكون نتائجها سلبية على سلوكه الإجتماعي. كالإنحراف مثلاً. فبعض الحرمان المادي ضروري شرط أن يرافقه حوار بين الأهل والمراهق.

المراهقين فى ملل

لا‭ ‬يمكن أيضاً تجاهل دور مواقع التواصل الإجتماعي، بحياة المراهقين بعامّة. وقد أشارت الأبحاث العلمية لكون 75% من المراهقين يستعملون بشكل دائم اليوتيوب وغيرها من تطبيقات الإنترنت ولكن لا يمكن القول أن إستعمال المراهق لتطبيقات التواصل الإجتماعي يبعد الملل،لأنها أصبحت من الأمور الروتينية التي يستعملها تلقائياً أثناء قيامه بعدّة أمور فقد نجد مراهقاً يدرس وفي الوقت نفسه يلتقط صورة سلفي وينشرها على موقعه الخاص معلقاً «أنا أشعر بالملل» وهذه الأمور لا تبعد الملل بل عن طريقها يعبّر المراهق عن مشاعره لذا ففتجنب الملل يتطلب إشراك المراهق بنشاطات تتطلب مجهوداً فكرياً أو جسدياً كممارسة رياضة أو هواية أخرى لديه.

يولّد الملل طاقة سلبية قد تؤدّى بالمراهق للإتجاه نحو سلوكيات غير مقبولة وخطرة كالتدخين، والتعرّف لأصحاب السوء، والإنضمام لجماعات مشبوهة وشرب الكحول، وما شابه. وقد يؤدي الملل لشعور المراهق لالقلق والإكتئاب والميل للإنعزال والإندفاعية والإجرام وجميعها أمراض نفسية تتفاقم لتصل لمرحلة خطرة ومثال ذلك حادثة الولايات المتحدة حيث قام بعض المراهقين بقتل لاعب بيسبول أسترالي يدعى كريستوفر لين بولاية اوكلاهوما في أغسطس 2013 لشعوره بالملل.

وهناك العديد من الحلول لتخطي تلك المرحلة الخطرة وعلي رأسها توجيه المراهق للعمل مثلاً فالمراهق يتمتّع بطاقة كبيرة وإذا ما تمّ إرشادها بالعمل فالنتيجة ستكون إيجابية له من خلال الخبرات والمهارات التي يكتسبها وللمجتمع بالحصول على أعضاء فعّالين ومنتجين. هناك أيضاً تشجيع المراهق علي ممارسة الرياضة والإنضمام لنادي أو فريق، فالشعور بالإنتماء والسعى وراء هدف مشترك يعطي طاقة إيجابية وكذلك الحال في الإنحراط بالعل الإجتماعي من خلال التطوّع بالجمعيات الأهلية أو الكشفية للمساعدة في تعليم الأيتام ومساعدة المسنين، وتنظيف الشواطئ وغيرها من الأنشطة فضلاً عن قضاء الوقت في الهوايات التي ربما تساعده فيما بعد كالرسم أو الموسيقى أو البرمجة. وهناك العديد من الأندية والجمعيات التي تنظّم رحلات لإستكشاف الطبيعة وتقصي حقائق الأشجار والنباتات وإستكشاف المحيط وجميعها من الأنشطة الهادفة التي تفيد المراهق والمجتمع. هذا وتقصر مجتمعاتنا الشرقية العمل المنزلي علي الأم ومن يساعدها وهو أمر خطأ كما لا يجوز قصر المساعدة على المراهقة بل للمراهق أيضاً دور فهو فرد من الأسرة وإشراكه في المسؤوليات المنزلية هام لتدريبه لما بعد حين يصبح هو صاحب المسئولية والدليل على ذلك أن أهم الطباخين وأهم مصممي الأزياء رجال.

لا تزال الدراسات التي تناولت أوقات الفراغ لدى المراهقين قليلة للغاية بعالمنا العربي ولكن يمكننا الرجوع لبعض الدراسات التي أجريت بالمملكة العربية السعودية وتشير لكون فئة الشباب تملك قدراً لا يستهان به من وقت الفراغ سواء أثناء الدراسة أو خلال العطلات فقد أوضحت دراسة أجراها عدد من الباحثين أن 60% من الشباب يملكون وقت فراغ يزيد على ثلاث ساعات يومياً وهي النسبة التي ترتفع خلال عطلة نهاية الأسبوع لتصل إلى 6 ساعات يومياً كما تزيد علي نحو لافت أثناء العطلات الرسمية وعطلة الصيف مشكلة أحد الأسباب الرئيسية للشعور بالملل.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda