مينى تحقيق:لوفر الصحراء:صفقة رابحة أم خيانة حضارية؟؟

بعد شهور من الشائعات وأكثر من أسبوع من الاحتجاجات، أكدت الحكومة الفرنسية فى بيان رسمى أنها ستؤجر اسم وتحف وخبرة متحف اللوفر إلى متحف جديد يقام في أبوظبي مقابل قيمة إجمالية تتراوح ما بين 800 مليون إلى مليار دولار أمريكي. اهتمام غير عادى توليه فرنسا الآن لتنفيذ المشروع المقترح وهو بناء نسخة من متحف اللوفر الفرنسي الشهير في إمارة أبوظبى بدولة الإمارات العربية المتحدة في صفقة ستبلغ قيمتها في حال إتمامها نحو المليار دولار.

كما شهد مشروع بناء «لوفر» أبو ظبي منعطفاً جديداً باتجاه مساعي فرنسا للفوز بصفقة تنفيذ المتحف الإماراتي المقترح بعد أن اتفقت باريس وأبو ظبي على قيام وفد فرنسي كبير مكون من كبار المسئولين بوزارة الثقافة الفرنسية ومتحف اللوفر وثلاثة متاحف فرنسية كبرى أخرى بزيارة أبوظبي لتقديم دراسة شاملة بهدف تنفيذ المتحف الذي من المقرر أن يقام -في حالة الموافقة- على مساحة تصل إلى 40 ألف متر مربع.
وسيجري الوفد الفرنسي برئاسة فرانسين مارياني دوكراى مديرة متاحف فرنسا، محادثات شاملة حول المتحف سواء فيما يتعلق بتصور ما ينبغى أن يكون عليه المتحف من تصميم ومراحل بنائه وإدارته بنفس الطريقة الناجحة التي يدار بها متحف اللوفر ليكون لوفراً حقيقياً على أرض الإمارات الصغيرة الثرية. ومن جانبها، ستتولى أبوظبي تمويل إنشاء المتحف وستدفع ما يتراوح بين 260 إلى 520 مليون دولار لاستخدام اسم اللوفر لمدة 20 سنة على الأقل كما ستخضع العلاقة مع المتحف الدولي الجديد لإدارة الوكالة الدولية للمتاحف الفرنسية وستلتزم سلطات أبوظبي بإنفاق 52 مليون دولار سنوياً لتشكيل مجموعتها الخاصة. وبعد 20 سنة سيطلق المتحف على نفسه اسماً خاصاً.
سيصبح «لوفر الصحراء» متحفاً عالمياً يضم العديد من الأعمال الأثرية والفنون الجميلة والمعاصرة من كل المناطق فى تأكيد مطلق على تنشيط الحوار بين الشرق والغرب.
ومن الشائعات التي ترددت أن أبوظبي رفضت عرض رسوم عارية أو دينية وهما من أسس الفنون الغربية. إلا أن مسودة الاتفاقية نصت على عدم إمكانية المتحف الجديد رفض أي من الأعمال الفنية «لأسباب غير معقولة». وفي محاولة من فرنسا للدخول في سباق مع عقارب الساعة للفوز بصفقة بناء هذا المتحف، حرصت وزارة الثقافة الفرنسية على تكوين وفد ثقافي فرنسي رفيع يضم مسئولين من أكبر أربع متاحف في فرنسا بجانب اللوفر وهي متاحف بوبورج والفنون الأولى وأورساى وقصر فيرساى.
وستتضمن الدراسة الفرنسية خطة لإقامة معارض مختلفة في المتحف بعد الانتهاء من بنائه لمدة عشر سنوات على أن يتم جلب التحف والقطع الأثرية والأعمال المعروضة من اللوفر والمتاحف الفرنسية الأخرى فضلاً عن المتاحف الكبرى في بعض دول العالم. وسيتم توقيع الاتفاقية الرسمية قريباً ويعد اللوفر الجديد واحداً من خمسة متاحف ستقام في مشروع سياحي بتكلفة مليارات الدولارات في جزيرة السعديات عام 2012. ومن المتوقع أن يجني اللوفر مبالغ ضخمة لقاء خبرته وإعارة مجموعاته وحق استخدام اسمه، وذكرت الصحف في هذا الصدد أن المبلغ هو نصف مليار يورو. ومن المحتمل أن يكلف مهندس فرنسي ببناء المتحف ويرد في هذا الإطار اسم جان نوفيل الذي صمم متحف «كي برانلي» الجديد للفنون البدائية. وفي حالة تنفيذ المشروع، سيكون مقدمة لعقود مماثلة مع مؤسسات كبرى أخرى علماً بأن متحف غوغنهايم في نيويورك كان سباقاً إلى إقامة متاحف باسمه لقاء مبالغ مالية في عدد من مدن العالم ومن المقرر أن يشييد فرعاً له في أبو ظبي عام 2012.

لماذا يعارض الفرنسيون مشروع لوفر الصحراء؟؟
تباينت ردود الفعل إثر إعلان الحكومة الفرنسية عزمها علي المضي قدماً نحو تنفيذ المشروع إذ أثار المشروع موجة استنكار وانتقادات من قبل المثقفين والفنانين والأدباء فيما اعتبروه «متاجرة» بمجموعات تملكها المتاحف الفرنسية إلى الخارج تحت ستار إعارتها لفترات طويلة، اعترض أكثر من 2400 شخص من الفرنسيين واتهموا الحكومة بـ«بيع روحها» إلا أن وزير الثقافة الفرنسى رونو دونوديو دو فابر اعتبرهم مجموعة من المشاكسين مشيراً إلى أن الأمر لا يعدو كونه انفتاحاً ثقافياً على الخارج وموضحاً أن اللوفر ليس أول متحف كبير يقدم على أمر من هذا النوع حيث سبقه متحف «جورج بومبيدو» الوطني للفن الحديث المعروف في باريس باسم مركز «بوبور» عندما وقع على إقامة فرع في شانغهاي في الصين فيما باع متحف «رودان» اسمه وخبرته لمدينة ساو سلفادور بالبرازيل، وأضاف أن القرار قد اتخِذ والاتفاق يعتبر مكسباً لفرنسا وفيما يتعلق بوجهة نظر اللوفر التي تردد أنها غير مؤيدة، فليس لها وزن لأن المتحف الفرنسي في أبوظبي سيصبح أكثر ربحاً.وتؤيد باريس موقف الوزير وتدافع بحماس عن مشروع إنشاء اللوفر في الإمارة الثرية مع إمكانية نقل مجموعات فنية إليه لفترة محددة مثلما يجري مع متاحف وطنية أخرى.
جاء موقف المديرة السابقة لمتاحف فرنسا فرنسواز كاشين على النقيض التام من وزير الثقافة في العريضة التى أطلقتها وجمعت حتى الآن أكثر من ألف توقيع مشيرة إلى أن «المتاحف ليست للبيع». وتطالب العريضة المسئولين السياسيين بأن يتوقفوا عن اعتبار المتاحف الفرنسية وعلى الأخص اللوفر وكأنها مخزن لأعمال يمكن استخدامها لدوافع سياسية أو دبلوماسية أو مالية. كما نشرت صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية ضمن افتتاحية شديدة اللهجة إن مشروع نقل مركز اللوفر لساحل الخليج العربي الفارسي هى عملية نقل لمراكز الشركات الصناعية والتجارية الكبرى لدول العالم الثالث. وعلى الرغم من معارضة الكثير من المواطنين والمهتمين بعالم الفن والأدب بوجه عام، إلا أن الحكومة الفرنسية مستمرة قدماً فيما اعتبرته صفقة رابحة بكل الوجوه.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda