كيوتو اليابانية حيث الكرز والخيرزان

أجمل المدن اليابانية التي لا يتجاوز سكانها مليون ونصف نسمة وتقع بالمنطقة الوسطى من جزيرة هونشو واشتهرت بكونها عاصمة الأسرة الملكية الحاكمة في اليابان لأكثر من ألف سنة وهي الآن عاصمة كيوتو وتشكل الجزء الأكبر من أوزاكا، تزدهر شهرتها بمتنزهاتها ومعابدها وكثرة المحال التجارية والأسواق كما أنها من أقدم العواصم الآسيوية وأشهرها. تشير آثارها لحياة الإنسان بها قبل 10 آلاف سنة إذ لا يعرف سوى القليل عن النشاط البشري بها قبل القرن السادس الميلادي وهي الفترة التي يعتقد أنه أقيم فيها ضريح شيموغامو. ولما عظم تأثير رجال الدين البوذيين بالقرن الثامن الميلادي وتوسع نفوذهم، آثرت الأسرة الحاكمة الإنتقال بعيداً عنهم واختار الإمبراطور كامو قرية أوده لإقامته، بقيت عاصمة لليابان حتى تم نقل البلاط الملكي لطوكيو عام 1869 بيد أن البعض لا يزال يراها عاصمة القانون والتشريعات، عانت من التدمير خلال حرب أونين ولم تستعد عافيتها إلا في أواسط القرن السادس عشر . إمتلأت شوارعها بالمعارك وكان القتال يجري بها بين محاربي الساموراي وتورط فيها النبلاء والمجموعات الدينية أيضاً وتحولت منازل النبلاء لقلاع وحفرت الخنادق العميقة حول المدينة للدفاع، اندلعت بها الحرائق وتم تدمير العديد من المباني الجميلة. إنها كيوتو أي المدينة العاصمة والتي نجت من دمار الحرب العالمية الثانية والذي حل بمعظم المدن اليابانية.

تقع كيوتو في وادي هو جزء من حوض ياماشيرو بالجانب الشرقي من المنطقة الجبلية المعروفة بمرتفعات تامبا، يُحاط حوض ياماشيرو بثلاث سلاسل جبلية تعرف باسم هيغاشياما وكيتاياما ونيشياما وتبلغ أعلى ذروة جبلية بها 1000 متر فوق سطح البحر، إنها قطعة من أجمل بقاع الأرض وتتجلى بها قدرة الخالق وهي عاصمة محافظة كيوتو والتي تقع جنوب جزيرة هونشو وعلى مقربة من أوساكا كما أنها من أعرق المدن اليابانية التي احتضنت البلاط الإمبراطوري لأكثر من ألف عام. بفضل تضاريسها، امتدت حركة التوسع بها جهة الجنوب كما يجتازها نهرا كاتسورا وكامو. عُرفت قديماً بإسم هييآن كيو أو عاصمة السلام إذ تأسست على يد الإمبراطور كامو والذي كان يبحث عن مكان جديد بعيداً عن خصومه وظلت هكذا لمدة ألف سنة وحتى منتصف القرن التاسع عشر. إنها المدينة الوحيدة التي لم يقصفها الجيش الأمريكي وهي المدينة السادسة في اليابان من حيث عدد السكان وترتيب المدن ويفتخر أهلها بأن جامعاتهم فاز منها ستة علماء بجائزة نوبل في العلوم. أدى وقوع كيوتو بمنطقة داخلية لإرتفاع درجات الحرارة صيفاً وإنخفاضها بشدة شتاء، ومن ثم تميزت بتنوعها المناخي الكبير وبكثافة هطول الأمطار فصيفها حار ورطب وشتائها بارد نسبياً وتهطل الثلوج على المدينة بين الحين والآخر.

تقع الأحياء التجارية جنوب القصر الملكي القديم بمنطقة يقل فيها عدد السكان نسبياً مما يجعلها منطقة هادئة مريحة ولايشبه الأحياء المحيطة نمط وسط المدينة برغم تشابه ملامح أغلب الشوارع بها كما تقع كيوتو على أرض مشبعة بكميات من المياه العذبة التي توفر للمدينة كل ما تحتاج إليه من المياه العذبة وتغذي المياه الجوفية في المدينة كميات هائلة من الأمطار.تحتوي كيوتو على 2000 موقع ديني فهناك 1600 معبد بوذي و400 من مشاعر الشنتو فضلاً عن القصور والمتنزهات والأعمال الهندسية التي بقيت على حالها منذ مئات السنين ولذا فهي من أهم المدن التاريخية اليابانية التي حافظت على تراث الماضي ومن أهمها معبد كيوميزو- ديرا الضخم المشيد من أعمدة خشبية والمقامة أساساته على أعمدة خشبية عند منحدر جبلي، هناك أيضاً «المعرض الذهب» ومعبد جينكاكو جي أو معبد الفضة ومعبد ريوان المشهور بصخرة المتنزه وهناك مواقع خاصة لها صلات بالعائلة المالكة ومنها منطقة كيوتو جوين وبها قصر كيوتو الملكي وقصر سينتو الملكي وهي منازل خاصة بأباطرة اليابان لقرون عدة، وتعد فيلا كاتسورا الملكية أحد الكنوز الهندسية الرائعة التي تحتفظ بها اليابان فضلاً عن شوغاكو-إن وهي فيلا ملكية تعد أفضل وأجمل المتنزهات اليابانية على الإطلاق. من أجمل ما يضفي على المدينة جمالاً تلك القنوات التي تمتد بطول شوارع المدينة أما المعالم البارزة الأخرى فتتمثل في النصب التاريخية لكيوتو القديمة وهي مسجلة لدى اليونيسكو لكونها ملكاً للتراث العالمي. هي مدينة تقليدية تلقي الضوء على مرحلة تاريخية هامة من ثقافة وحضارة اليابان إذ يوجد بها كثير من البيوت الخشبية المخفية وسط أشجار البامبو والممرات الوردية وبوابة المعبد التي اختفت عندها أسطورة اليابان. وعليه، تنافس كيوتو مدن عالمية أخري مثل لندن وباريس وروما ومنذ أكثر من عاميين ونصف أصدرت الدولة قانون يحمي تراثها الذي تم تشويهه. يوجد بالمدينة أيضاً ممر من الصخور يعرف بإسم مزلق مُحاط بالبيوت الخشبية مما يجعلك تشعر وكأنك تعيش في القرن 18.

لا تفوتك زيارة قصر كيوتو الإمبراطوري والذي يعد أحد أعظم الآثار التاريخية ويضم عدد كبير من الأثات الإمبراطوري الذي يجسد طبيعة الفن الياباني القديم. وبالإضافة للمقتنيات التاريخية من ملابس وحلي التي كل تبرز أهم التطورات السياسية التي شهدتها اليابان في الفترة ما بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر، يعد القصر أفضل مقاصد المدينة وتم تحويله لمنتزه عمومي فسيح مع انتقال السلطة إلى «طوكيو» في منتصف القرن التاسع عشر ويضم المنتزه عدد من الممرات المحفوفة بالأشجار بالإضافة للحدائق الرائعة كوفصائل الطيور، النادرة التي تسكن ربوعه. أما حي جيون، فيمتد بطول طريق جيون وتصطف علي جانبيه الأكشاك المصممة على الطراز الياباني العتيق، وهناك يمكنك زيارة العديد من أماكن التسوق والمطاعم التقليدية كما يمكنك أن تري المقاهي خشبية التي يرجع تاريخها للقرن السابع عشر. ويظل جيون أكثر أحياء كيوتو احتفاظاً بالتراث الشعبي الخاص حيث العمارة التقليدية وعبق التاريخ وإرث الحضارة العريقة والمقاهي الشعبية التي تزينها نغمات ورقصات الغيشا.

وأخيراً، غابات الخيرزان وهي تشكل نموذجاً رائعاً للحياة اليابانية التقليدية وهي غابة ينتشر بها الخيزران وهي أشجار طويلة يزيد ارتفاع الواحدة منها على عشرة أمتار وتبلغ هذا الإرتفاع خلال عام واحد من زراعتها ثم تزداد سمكاً عاماً بعد عام. والقصب له جذور تضرب في الأرض بعيداً ويكون شبكة قوية من تلك الجذور تحت الأرض مما يجعل الأرض متماسكة لذلك يقولون عند حدوث الزلزال عليك اللجوء لغابة القصب ولا يزال الخيزران يستخدم لتصنيع منتجات مختلفة كالسلال والأكواب والصناديق والحصير والقطع الفنية كما تشتهر تلك المنطقة بـأشـجار الـكــرز التي يهتم اليابانيون للغاية بتفتح أزهارها فيرتادون الحدائق العامة والمعابد والأضرحة لإقامة حفل مشاهدة الزهور ويسمى باليابانية هانامي والنوع المحبوب والمفضل من شجر الكرز لدى اليابانيين هو المسمى سومي يوشينو.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda