تزخر الهند بالعديد من المعالم الأثرية التي تمثل مختلف الحضارات التي مرت على البلاد وتحكي تاريخ التنوع الديني والعرقي الذي فرضته الظروف فهى بمثابة شبه قارة تضم نحو 3675 معلماً اثرياً تتم حمايتها والمحافظة عليها من قبل هيئة الآثار الهندية فيما صنفت اليونسكو كثيراً منها بكونها «تراث إنساني عالمي» بالإضافة لعدد من الأثار والمعالم الإسلامية والتي تبرز بشكل أوضح عن غيرها لكونها تحمل طابعاً متميزاً في المعمار وروعة البناء. إذا كنت تريد أن ترى أطول هيكل ضخم في الهند، ما عليك سوي القيام بزيارة نيودلهي عاصمة الهند وإستمتع برؤية قطب مينار، ذلك الهيكل الرائع وأطول برج حجري في العالم مقابل منافسيه وهما معبد العظمى في بيكين وبرج بيزا المائل وأحد أهم معالم القرن 12 وهو برج من الحجر الرملي الأحمر في ترجمة حية للفن المعماري الهندي العتيق. تأتي «قطب مينار» أو «منارة قطب» كواحدة من أجمل الأثار الإسلامية بالهند لجمال بنائها وروعة تصميمها وإرتفاعها إذ تعد أحد أعلى المآذن في العالم ورمزاً للفتح الإسلامي لدلهي برغم إحتوائها علي بعض التناقضات الدينية فبينما تزدان الجدران بالحجر الرملي الأحمر وآيات القرآن الكريم، تجد الأعمدة مُحاطة ببعض الأيقونات الهندوسية كما يوجد بوسط المسجد عمود به نقوش تعود لعصر جوبتا. لا تفوتك زيارتها فهي الأعجب والأجمل والأعلي علي وجه الأرض.
تاريخ المنارة
قطب مينار
شُيّدت منارة قطب مينار في بداية القرن الثالث عشر على بُعد كيلومترات من جنوب دلهي هي برج من الحجر الرملي الأحمر يبلغ إرتفاعه 72.5 متراً وقطر قاعدته 14.32 متراً وقمته 2.75 ذو ضلوع حجرية وخرجات في الرواسب الكلسية المتحجرة. يشمل المنطقة الأثرية المجاورة أضرحة وبوابة عاليه دروازيه وهي تُحفة الفن الهندي المسلم التي شيّدت عام 1311ومسجدين أحدهما يُطلق عليه إسم قوات الإسلام، المسجد الأقدم في الهند الشمالية المصنوع من مواد أولية مصدرها عشرات المعابد البرهمانية. تقع المنارة التي قام ببنائها الحاكم الإسلامي قطب الدين أيبك عام 1193م في الجزء الجنوبي من العاصمة نيودلهي على أنقاض معبد هندوسي تم تحويله لاحقاً إلى مسجد للإستفادة من إرتفاعها في إقامة الأذان ومراقبة المعتدين. فقد كان الأساس في بناءها أن يتم إستخدامها في النداء الى الصلاة وقت حلولها حتى يتمكن المؤذن من إيصال صوت الأذان إلى أبعد نقطة ممكنة.
تم الإنتهاء من الطابق الأول من البرج خلال فترة آيبك وأضُيف في وقت لاحق ثلاثة طوابق. وللحق. أظهرت كل تلك الطوابق الشرفات المحيطة باللون العسلي والتصاميم الرائعة. وكان الهدف من بناء قطب مينار علي هذا النجو بحيث يضيق من أسفل إلى أعلى هو في الأساس إعطاء قوة للهيكل وجعله منيعاً وصلباً. إستُخدم في بنائها الحجر الرملي الأحمر والبرتقالي ما أضفي عليها رونقاً وتميزاً خاصاً بها. كما تزخر المنارة أيضاً بالعديد من روائع العمارة الإسلامية حيث تم إستخدام الأقواس الحجرية المزينة بالنقوش إضافة إلى الشرفات المتعددة الاشكال والتصاميم المزينة بالأرابيسك. ويُسمح بالذهاب إلى الجزء العلوي من قطب مينار بإستخدام الدرج 378 في الداخل لمشاهدة العروض ومنها عرض الطيور العين من دلهي وخيلجي كما إستخدم الملوك مينار أيضاً لمشاهدة أنشطة الغزاة إلى دلهي وخاصة المغول. وإثر عدد من الزلازل، تضررت قطب مينار إلى حد ما ومن ثم أعيد ترميمها مرة أخرى في كل مرة من قبل الحكام السائد في دلهي بما في ذلك فيروز شاه وودهي إسكندر. في الوقت الحاضر،
قطب مينار
القيمة التاريخية لقطب مينار
وحول قيمتها التاريخية للمنارة وأهميتها في التراث الحضاري الهندي الإسلامي، تُعد قطب مينار واحدة من اقدم المعالم الاثرية في الهند وتدخل ضمن التراث الإنساني العالمي لقيمتها التاريخية وروعة وجمال تصميمها وطريقة بنائها. والمنارة تمثل أهمية كبيرة ضمن المعالم الأثرية الهندية لإختلاف تصميمها وكونها تشكل برجاً حجرياً مخروطي الشكل يندُر وجود شبيه له بمثل هذا الإرتفاع البالغ 5,72 متر علي وجه الأرض. ومن ثم، قررت اليونسكو إعتبارها أحد المقتنيات الثمينة ضمن التراث الإنساني العالمي الواجب حمايته لقيمته التاريخية وهو ما جعلها مقصداً لغالبية قاصدي العاصمة الهندية من السواح وباحثي علم الآثار، منا أن الإهتمام العالمي بالمنارة جعل هيئة مسح الآثار الهندية توليها رعاية خاصة من بين 3675 معلماً هندياً خاضعة للهيئة وهو الأمر الذي يحتاج إلى مجهودات كبيرة ومُقومات خاصة لقدمها وطريقة بنائها وإرتفاعها فروعة بناء المنارة وجمالها جعلا منها مثالاً رائعاً للعمارة الإسلامية المعروفة عالمياً والمتميزة بطابعها الخاص والفريد. تشهد المنارة أيضاً تداخلاً في بعض أجزائها مع طرق البناء الهندوسية نظراً لإستخدام العديد من العناصر التي كان يستخدمها الهندوس في ذلك الوقت فيها إضافة إلى مشاركة حرفيين وعمال هندوس في بنائها. وتبقى مينار القائمة منذ أكثر من 800 سنة شاهداً على عظمة الحضارة الإسلامية التي أسهمت بشكل كبير في إثراء الإرث الحضاري المتنوع في الهند مع إحتفاظها بخصوصيتها وتميزها.
نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب
