من منا لم يقرأ لشكسبير أعماله التى فتنت العقول والقلوب.. ومن لم يبكى مع روميو فراقه لجوليت.. دفق من المشاعر الإنسانية الرائعة.. وتحد للأدباء المحدثين، ولعل أكثر ما يميز مسرحياته كونها تحوى أبعاداً تاريخية حقيقية إذ يتناول في كثير من رواياته أحداثاً وقعت بالفعل وخلطها هو بالخيال وبصنعة الكاتب الخبير لتأتى إلينا اليوم صفحات من القصص الخالدة..
لعل أشهر وأجمل روايات شكسبير على الإطلاق هي «روميو وجولييت» التي سار على خطاها المحبون وتنهد العشاق في كل مكان ولعاً وأسفاً على مصير الحبيبين.
ومكانها لا يزال حياً شاهداً علي فصول رواية أمست أسطورة عشق تتوارثها الأجيال المتعاقبة.. تلك الأرض التي أبكت العشاق هى أزقة فيرونا الإيطالية، مهد الملحمة الخالدة، وموطن أشهر قصص الحب في التاريخ على الإطلاق.. تلك المدينة الإيطالية الصغيرة.. فيرونا العتيقة.. مدينة روميو وجولييت.
«لمحة جغرافية»
مدينة صغيرة تقع في الجزء الشمالي من إيطاليا وهي عاصمة مقاطعة «فيرونا» التي تقع ضمن إقليم يعرف بإقليم فينيتو ويبلغ عدد سكانها اليوم قرابة 264.296 نسمة. أجمل ما يميزها موقعها الساحر إذ تطل بارتفاع يصل إلى 59 متراً فوق مستوى سطح البحر على هضبة سان بييترو إضافة إلى جبال ليسينيا الجنوبية والتى تشرف على ضفاف نهر أديجي،
كانت فيرونا منذ القدم محطة أساسية في أي نظام نقل بري أو مائي فى منطقة شمال شرق إيطاليا. كما كانت خلال العصر الروماني نقطة التقاء أساسية للأربعة طرق الرومانية الرئيسية وهى طريق غاليكا وطريق كلاوديا أوغوستا وطريق فيكوم فيرونينسيوم وطريق بوستوميا.
واليوم، لا تزال فيرونا محطة جغرافية هامة بالنسبة لخطوط المرور الرئيسية والفرعية علي حد سواء وكذلك السكك الحديدية ومحاور الطرق السريعة وذلك لموقعها المتميز في مفترق الطرق بين المسارات المختلفة والتي تعبر البلاد وتربط فى الأساس ما بين وسطها وشمال غربها. يزور فيرونا سنوياً مئات الآلاف من السياح لغناها الفني ومناسباتها السنوية المتنوعة مثل موسم الأوبرا الأرينية.
ولكثرة معالمها التاريخية والأثرية الهامة، اعتبرتها منظمة اليونسكو أحد أهم مواقع التراث العالمي. وفى الأساس، تعود أهمية المدينة التاريخية والاقتصادية على حد سواء لموقعها الجغرافي وغناها المائي وبالطبع لوجود منزل الجميلة «جولييت» بطلة رواية شكسبير الشهيرة.
«ملتقى الأحبة»
إن مدينة فيرونا Verona بالإيطالية تعني العذراء، وهي بالفعل موطن العذراء الجميلة جولييت بطلة رواية «روميو وجولييت» وحبيبها المتيم روميو الأمر الذى جعل المدينة تلقب بمدينة الحب حيث أنها قبلة الباحثين عن الحب ودفء المشاعر ووجهة كل من يؤمن بقوة العشق الحقيقى وقدرة الحب على تحويل الحياة. في هذه المدينة الساحرة التي تحمل طابع العصور الوسطى يمكن للزوار والسائحين زيارة منزل المحبة جولييت وهو القصر المعروف باسم «بالاتزو – كابيليتي» وتماماً قرب محراب موقعها وحبيبها روميو والذي كان يتسلق منه إلى شرفتها كل ليلة يمكنك أن تستحضره وهو يغني لها ويقرأ أشعاره.
وهو مكان اجتمعت فيه البراءة ووردية التفكير بسمو العواطف ونبلها كما أنه يطل على بهو محدود المساحة، يتجمع فيه العشاق من الزوار ليتنفسوا هواء العشق والمحبة الذي تنفسه العشيقان. وفي الطابق الأول من المنزل تزدان الجدران بلوحات زيتية لمشاهير الفنانين وصولاً إلى الشرفة التي كانت تطل منها جولييت على حبيبها عندما كان يغني لها وتحت الشرفة كان يكتب لها على الجدران أحلى القصائد والأشعار ومنها تشبيهه لجوليت ليلاً بفص الماس الحر في أذن امرأة حبشية. كما بإمكان الزوار زيارة المنزل والتجول فيه ولكن في أوقات محددة للزيارة.
من أهم الأساطير المرتبطة بهذا المكان أنه إذا قام بزيارته حبيبان في ذكراهما السنوية وقاما بلمس جانبي التمثال فإنهما لا يفترقان أبداً،
لذا اشتهرت فيرونا باستضافة العديد من الأزواج والمحبين في ذكرى ارتباطهم السنوي للإبقاء على جذوة الحب مشتعلة للأبد منهم الرئيس الفرنسي ساركوزي والحسناء الإيطالية كارلا بروني واللذان احتفلا بزواجهما بزيارة فيرونا حيث تم حجز عدد من الغرف بعدد من الفنادق هناك باسم كارلا.
«مسرح أرينا الرومانى»
منزل العاشقين ليس كل شيء فى مدينة العصور الوسطى العتيقة. هناك أيضاً مسرح «أرينا» الروماني الشهير والمزدان بالرخام الوردي اللون والذي لا يزال محتفظاً بطابعه الأصلى حتى الآن. هذا المسرح الذي تم بناؤه في القرن الأول قبل الميلاد يعد الآن المكان الأمثل لإقامة عروض الأوبرا بألوانها المختلفة. كما تم به تصوير الفيلم الشهير Gladiator لما يتميز به من عبق العصور الوسطى. ليس هذا فحسب، ففيرونا أيضاً هي موطن الشاعر الإيطالي الأشهر على الإطلاق «دانتي» مؤلف «الكوميديا الإلهية» ويوجد بها تمثال له في أهم ساحاتها العامة حتى الآن.
نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب
