سارة عزيز: مدير ومؤسس مؤسسة سيف
أنا إسمى سيف
عندى 6 سنين
ماما دائماً تقولى:
«سيف، أنت غالى. جسمك ده بتاعك أنت وبس. مش من حق أى حد يلمس أو يشوف المناطق اللى ليها إحترام خاص»
هي بإيجاز
سارة عزيز، حاصلة على دبلومة بالتحرش الجنسى من الدنمارك، ورخصة مزوالة المهنة من أمريكا، إستشارية فى التعامل مع الأطفال وتعمل كمدير ومؤسس لمركز سيف والذي تم تأسيسه بغرض توعية الأطفال وأولياء الأمور والمدرسين وكل من يحيط بالطفل من أخطار التحرش الجنسى كما أنها عملت لمدة خمس سنوات بمجال الإعتداء الجنسى على الأطفال.
ماهو الإعتداء الجنسى على الأطفال؟
التعريف العلمى للتحرش الجنسى هو أى فعل جنسى مابين بالغ وطفل ومابين طفلين عندما يمارس أحدهم القوة على الآخر والقوة هى أن الطفل لايتكلم عن الفعل ويكون غير قادر علي البوج به. والقوة هنا ليست بدنية فقط ولكن المقصود بها كل من له مركز أو سلطة سواء بالعائلة أو الفصل أو المدرسة كالعم أو الخال أو العم أو الجار أو البواب وغيرهم ويكون أحد الوالدين قد أعطاه مساحة فى البيت وإتصال مباشر بالطفل. تؤكد الإحصائيات أن 93% من المتحرشين بالأطفال من الدائرة القريبة بالطفل ومنهم 10%نساء، و90%رجال فالمتحرش يستطيع أن يصنع علاقة قوية بينه وبين الطفل.
ما الدافع وراء إنشاء مؤسسة سيف؟
كان السبب الرئيسي بسبب تعرضتي لإعتداء جنسى في سن 6 سنوات من أحد الأقارب وكنت حينها لا أملك مساعدة نفسى ووالدتي لم تصدقنى فتكونت لدي عقدة لعدم قدرتي عن الدفاع عن نفسي. ومن ثم أصبحت توعية الأطفال فكرة تروادنى منذ الصغر. وبعد التخرج، عملت بإحدى الشركات السياحية وبدأت أبحث وأتعلم وأفهم وقمت بعمل عدة دراسات وحصلت على شهادات بهذا المجال. شجعتني مديرتى على فتح مركز لتوعية الأطفال بما أن لدى رخصة مزوالة المهنة. كنت حينها غير مقتنعة تماماً، وفى إحدى الأيام تملكتنى الفكرة بأن أعلم وأوعى غيرى من الأطفال وأن أحقق حلمى بطريقة متخصصة ومن ثم قمت بإنشاء مركز سيف ووجهت رسالتي للمدارس والحضانات في صورة تدريبات وتوعية للمدرسين والأهالى والأطفال وسائقي الأتوبيس والمشرفات الأتوبيس والمربيات. نحن منفردين على مستوى المجتمع وأنا سعيدة جداً بفريق العمل الذي يزيد يوم عن يوم فسيف لم يكن حلم بعيد ولكنه أمل سعيت ودرست كثيراً لتحقيقه وهو اليوم يكبر أمام عيني.
ماذا عن كتاب سيف؟
لقد وضعت نفسى مكان الأمهات فعندما تأتى الأم لأخذ كورس التدريب وتنتهى منه تغادر المركز وتريد شئ يُذكرها بالتدريب وتقرأه فى أى وقت ولذلك قمت بتأليف الكتاب وراجعه ثلاث متخصصين بمصر والولايات المتحدة والدانمارك. بطل الكتاب هو «سيف» وهو شخص حقيقى رأيته مصادفة بإحدى المدارس أثناء قيامنا بالتدريبات ولفت نظرى إنطوائه وعدم مشاركته اللعب مع أصدقائه وعندما تحدثت إليه عن سبب عدم اللعب فقال لي «مش عايز ألعب تاني علشان نظارتي إتكسرت الأسبوع اللى فات» فعلمت حينها سبب إنطوائه وقررت أن يكون سيف بطل الكتاب.
هل من ضرورة للتربية الجنسية للأطفال؟
التربية الجنسية بمجتمعنا أساسية لحماية أطفالنا فى المقام الأول، فمن خلالها نعلم أطفالنا بأن جسمهم غالى وليس من حق أى شخص أياً كان أن يلمسه أو يشاهده ونوعى من خلاله بما يجب وبما لايجب. سأقول لكي على موقف حدث من إحدى الأطفال عند عودته للمنزل مع السائق بالسيارة كانت تغنى أغنية قمنا بتأليفها خصيصاً للأطفال وكانت الطفلة منهمكة فى الغناء وإذا بالسائق ينظر إليها نظرات غريبة فى المرآة فعند عودة الطفلة للمنزل حكت لوالدتها رد فعل السائق، وحيث أن الأم تعرف كلمات الأغنية من قبل لأنها قد أخذت التدريب الخاص بالأهل إنتبهت لكلام إبنتها بطريقة غير مباشرة، وبعد ثلاث شهور إكتشفت الأم أن السائق يعتدي على إبنها البالغ من العمر أربع سنوات أثناء توصيله للحضانة! هنا نرى أن الوعى نور الأذهان. كما أن للوالدين دوراً حيوياً فى توعية الأبناء وفي ملاحظتهم ونحن عن طريق الإرشادات والتعليمات التى نضعها للأهل نستطيع من خلالها أن نحمى الأجيال القادمة.
كيف نحمى أبنائنا من التحرش الجنسى؟
لابد من إعتراف الأهل بوجود التحرش الجنسى فى مجتمعنا سواء فى الدائرة القريبة أو البعيدة كما يجب على الأهل الإنصات لمشاكل أبنائهم، وعندما يأتى أحد الأبناء لأمه ويقول لها «ماما حصل لى موقف من أحد أفراد العائلة»، عليها تصديقه وتحري ما يقوله وعدم مهاجمه بقول «عيب وبيتهيألك» كما يحدث مع الكثيرين للأسف. يجب أيضاً توعية أطفالنا بأخطار التحرش والتحدث معهم بشفافية وجرأة فى حدود جسمه وما يجب وما لا يجب أن يلمسه أحد وإرتياد مراكز التعامل مع الأطفال والمختصين فى توعيتهم.
ماذا عن الأثار النفسية للتحرش على الطفل؟
تختلف من شخص لآخر ويُمكن حصرها أو توقعها وأفضل الكتب الواقعية القوية التى تناولت الإعتداء الجنسى هو «مخازن السلام» لثيرو. البالغ من العمر 71 سنة. فى البداية، يتحدث الكاتب عن أربع شخصيات سبق وقعوا ضحايا للإعتداء الجنسى خلال الطفولة. الأولى كرهت الرجال والزواج والحياة مع رجل تحت سقف واحد والثانية أدمنت الجنس وأصبحت تمارسه مع كل من تقابلهم وفجأة تغادرهم بدون سابق إنذار والثالتة أصبح لديها شذواذ جنسى وتمارس الجنس مع الفتيات فقط أما الرابعة فكان جدها هو من إعتدى عليها وكانت تجربتها مؤلمة للغاية وأخذت موقف من الحياة وفقدت الثقة بكل المحيطين. كل تلك القصص حقيقية ومن هنا أخذنا «واقع مؤلم وكون أنه مؤلم مفرح» شعارنا فى سيف لأننا فى سيف نعلم ونتعلم وننشر الوعى لدى أطفالنا لنستطيع حمايتهم. نتائج الإعتداء على الطفل تختلف من طفل لآخر فهناك شخص عاطفى وشخص غير عاطفى كما للتربية عاملاً أيضاً. وأحياناً يحدث خلل ما فلو بنت تعرضت للإغتصاب من أحد الرجال، تبدأ بكره الرجال وتمارس الجنس مع البنات ولو ولد تعرض للإعتداء فيبدأ بممارسة ذلك وهكذا. ولكننا لانقول أن السبب وراء الشواذ هو الإعتداء الجنسى ولكن يُمكن أن يكون سبباً من أسبابه. من الممكن أيضاً أن يتحول الأمر لإدمان الجنس لأن لغة الحب تتحول إلي الجنس فالمتحرش يعتدى عليها يقول لها أنا بحبك ولا تقول لأهلها ما حدث وتقتنع أنه يحبها فتصبح لغة الحب هى الجنس.
أذكر أن من إحدى نتائج الإعتداء على أحد الأشحاص بأن يأتى له كوابيس مرعبة طوال الوقت فالنتائج مختلفة لأن الأشخاص مختلفين، أما إذا كان بعض الأشخاص لديهم مشكلة بالعلاقات الزوجية وفى الإرتباط والعلاقات الجنسية فغالباً ترجع لمشكلة حدثت زمان فمثلاً إحدى الفتيات تكره القرع وكان عندها كارثة وإكتشفنا بعد فترة بأن المتحرش كان أقرع وهي لاتعلم لأنها كانت فاصلة نفسها عن الواقع. وإحدى الفتيات كانت تحكى لمدة 6 شهور عن جارتها التي تُشاهدها وهى يُعتدى عليها جنسياً فى البلكونة من والدها وإكتشفنا بأنها هى الضحية وهى مش حاسة! وذلك لأنها كانت تفصل نفسها عن الواقع التى تعيش فيه فترى نفسها خارج المشهد وترى أن ذلك يحدث لشخص بعيد عنها تماماً فكانت ترى بأن هذا يحدث بعائلة غير عائلتها. فدائماً يوجد نزيف داخلى داخل الشخص.
كيف نحث أطفالنا علي البوح والإعتراف متي تعرضوا للتعرض؟
يحدث هذا عندما يكون لدى الوالدين والإبن علاقة قوية متلاحمة ولا تكون علاقتهما بمثابة علاقة البنك أو المطبخ فبالمعاملة الودية المليئة بالحب ستجعله هو من يأتي ويتحدث وتلك هى فكرة كتاب سيف. إذا وثق الطفل بوالدته فسيذهب إليها فى أى وقت ويحكي لها فإذا لم تحتقر الأم كلام الطفل وقصصه وتعاملت معه علي أساس كونه كاذب ويُؤلف قصص فبالطبع سيتحدث إليها لأنه سيشعر حينها بالحب والأمان فسيحكى هو من تلقاء نفسه.
كيف نستطيع الحد من ظاهرة تحرش الأطفال؟
يأتي ذلك عن طريق حضور إحدى جلسات التدريب الخاصة بالأباء ليشعروا الأهل بمسؤوليتهم تجاه أطفالهم فالتدريبات عبارة عن سبع خطوات لحماية طفلك من التحرش الجنسى. يجب أن نعترف أن التحرض حقيقة وندرك مخاطرها وكيفية التعامل معها. لابد من إعداد خطة عمل متكاملة لفتح باب الحوار مع الطفل وزيادة وعيه وتدريبه علي كيفية الدفاع عن نفسه ودعم فكرة التحرش الجنسى للأطفال ونشرها. من الممكن أن نحمى أبنائنا بالتعليم والوعى الذي ينير عقول الآباء والأطفال معاً. ويظل الأساس والبداية السليمة هي زيادة وعي الطفل بحضوره للجلسات الخاصة بتدريب الأطفال لمعرفة حدود جسمه بالرسومات والأغانى ويبدأ هذا النوع من التوعية إعتباراً من سن ثلاث سنوات.
ماذا عن طموحاتك وأحلامك؟
أحلم بتدريس كتاب «سيف» بالمدارس ضمن الكتب المدراسية شأنه شأن أى كتاب أساسي للطالب. أحلم بعالم يكون فيه الأهل على وعي بتربية الأطفال قبل الزواج وفريق عمل أكبر وأكبر وأحلم بمؤسسات تدعمنى وتساعدنى لنكبر وننتشر أكثر وأكثر وأفتخر بوجود مؤسسات ومدارس تقف بجانب مؤسسة سيف. وأخيراً أحلم بمحتمع يعترف بأن هناك إعتداء جنسى فعلاً على الأطفال ليتمكن من حمايتهم.
نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب
