تراث الماضي يحيا من جديد

تعود فكرة بناء المركز لعام 1958 عندما بنى الراحل سعيد الصدر شيخ الخزافين المصريين بتكليف من وزارة الثقافة أتيليه صغير ليكون مركزاً لفن الخزف بجوار منطقة الفخرانية بمصر القديمة وضم آنذاك فرن قديم لحرق الخزف ظل يؤدي مهمته بنجاح برغم إمكاناته البسيطة حتي كان عام 1995 عندما قررت وزارة الثقافة تطويره بإعادة إنشائه وتزويده بالمعدات والأجهزة والأفران الحديثة وتم بنائه على مساحة 2400 متر وتوسع ليشمل الأنشطة الأخرى بجوار الخزف ثم افتتح رسمياً عام 2001. إرتبطت الحرف التقليدية دائماً بالإزدهار الإقتصادي واهتمام الحكام بتأكيد دعائم حكمهم من خلال بناء المساجد والأسبلة والوكالات وغيرها من الأبنية التي كانت تستلزم جمعاً من الحرفيين المهرة بمختلف الفنون الحرفية وكانت تلك الحرف موضع اهتمام شيوخ الصنعة والحرفيين أنفسهم فلا يبوح (لحرفي بأسرارها إلا للمقربين. وكان قد تم وضع حجر الأساس لمركز الحرف في نفس يوم افتتاح مركز الخزف بالفسطاط إذ كانت تلك الحرف تمارس في الماضي بوكالة الغوري وهو المبنى الأثري المهم الذي دخول بمرحلة ترميم شاملة إستوجبت نقل الحرفيين من الوكالة لمكان بديل ومن ثم تم البدء في هذا المركز بعد الإفتتاح مباشرة وتم الإنتهاء منه خلال عام 2005.

ينفسم المركز لقسمين هما مركز الخزف ومركز الحرف التقليدية. يحتوى مركز الحرف التقليدية على عدة أقسام منها قـسـم الـنجـارة ويضم كافة أعمال النجارة من ماكينات وتجميع وخرط عربى وأركيت وصدف وأستر ويقوم بعمل كافة أنواع النجارة العربىة وشتمل الخرط اليدوى العربى وهي الحرفة التي تعتمد علي تشكيل الأخشاب بخرطها يدوياً لقطع مختلفة الأحجام والأشكال منفصلة أو متصلة فى عمود ثم قسم التطعيم بالصدف وهو تثبيت مواد منتقاه بمكان يتم حفره على السطح الخشبى وتجميله بزخارف معينة ومن أهم المواد المستخدمة فى التطعيم هي الصدف والعظام بأنواعها والأخشاب الثمينة كالأبنوس والخشب الأحمر والنحاس والفضة وكذلك قسم الحفر على الخشب ويشمل الحفر الغائر والبارز لخلق لوحة من الزخارف التقليدية الهندسية والنباتية بالإضافة لقسم الـزجـاج الـمـعـشق بالـجـبس وهي أحد أهم الحرف التى كانت تميز العصر الإسلامى سواء على مستوى الحياة الدينية أو العمارة المدنية وكانت تصنع من الرخام الرقيق الذى يتميز بشفافية مع انعكاس ضوء الشمس. وتطورت بعد ذلك حيث صنعت من الجبس المفرغ بدون زجاج على هيئة زخارف هندسية ثم تطورت بإضافة قطع من الزجاج الملون لسد الفراغات فزادتها جمالاً. ويعتبر جامع أحمد بن طولون نموذجاً للزخارف الهندسية المفرغة الخالية من الزجاج المعشق. هناك أيضاً قـسـم الـحلـي ولقد ترك لنا الأجداد روائع من الحلى ومن الأدوات الحياتية تحمل كثير من القيم الجمالية والحس الفنى المنعكس فى صناعة متقنة دقيقة وقسم الـخيـامـيـة وهي أحد الحرف القديمة إذ تعود للعصر الفرعونى ونراها بوضوح فى بعض الملابس الفرعونية المزخرفة بشرائط مضافة عن طريق التطريز كرداء توت عنخ آمون الموجود بالمتحف المصرى وهي الحرفة التي استمرت خلال العهدين اليونانى والرومانى وعمل بها الأقباط تحت الحكم العربى. وأخيراً قـسـم الـنـحـاس ويضم أعمال النحاس من الطرق والنقش والأركيت والتكفيت بالفضة والتلميع ويضم هذا القسم مجموعة من الحرفيين شديدي المهارة.

وتكتسب مدينة الفسطاط سحراً فريداًَ لما لها من عراقة تاريخية وجذور متميزة فهى المدينة التى أسسها عمرو بن العاص عام 640م حيث بناها فى الفضاء الواسع بين نهر النيل وتلال المقطم وبنى بها أول مسجد فى مصر والذى عرف بإسم مسجد عمرو بن العاص ولا زال موجوداً بالمنطقة بمساحته الشاسعة وتصميمه الفريد، كانت المنازل بمنطقة الفسطاط فى باديء الأمر مشيدة من طابق واحد ثم زاد ارتفاعها وتعددت طوابقها وكانت تضم آبار وصهاريج للماء العذب وبعضها مزود بنافورة أو بركة. إعتبرت مدينة الفسطاط شاهداً على ما تعاقب على مصر من أديان سماوية فبها أعظم المناطق الأثرية والدينية المهمة كجامع عمرو بن العاص والمتحف القبطى وكنيسة أبى سرجة والست بربارة والمعبد اليهودى.

تعد مراكز الحرف بالفسطاط إحدى المشروعات الكبرى التى أنشأتها وزارة الثقافة بهدف إحياء أمجاد الماضي عريق بإتاحة الفرصة للفنانين والحرفيين لممارسة إبداعاتهم وتأكيد القيمة الفنية فهو مصدر إشعاع خضاري بالمنطقة كما تعتبر مراكز الحرف التابعة لصندوق التنمية الثقافية إحدى أهم المراكز التى تعتمد فى إنتاجها على حرفيين قادرين على استيعاب واستلهام روح الماضى وإبداع منتجات مستوحاة من التراث مع إبتكار وتصميم وتنفيذ الوحدات والزخارف بشتي أنواعها.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda