تاريخ عيد الميلاد

يظل الكريسماس أهم إحتفالات العام. في الماضي، كان احتفالاً للعائلة بأسرها يتم إعداد الطعام الطازج كلحم الخنزير والرنجة المملحة والمقانق والأرز باللبن والسمك الأبيض المجفف. وفي النهاية، يُترك الطعام على الطاولة ليلة كاملة لتأتي الأموات وتحتفل بالعيد، وكان يتم تنظيف المنازل وتزيين الجدران بالديكورات المعلقة وتمتليء الأرضيات بالقش الطازج وتحصل الطيور علي حزمة شوفان. كانت شجرة عيد الميلاد وديكوراتها تُستورد من ألمانيا منذ ثمانينيات القرن الماضي وكانت الهدايا تُوزع بشكل غير مباشر وفي الأغلب علي هيئة صندوق خشبي أو ملفوفة وتُوضع أمام باب المنزل، وفي القرن العشرين، بدأ تبادل الهدايا بين الناس وكان باب نويل المسئول عن توزيعها على غرار القديس نيكولاس.

طقوس العيد لا تتغير إذ يذهب الناس صباحاً للكنيسة ويُمكن من خلال آثار الأرض أسفل مقاعد الكنيسة الخشبية معرفة ما إن كان الموتى قد أدوا شعائر العيد ليلاً ثم يتسابق الجميع للذهاب للمنزل. وفي يوم الملاكمة، تصحو من النوم مبكراً لتسقي الخيول من المجاري المائية النابعة من الشمال كما قيل عن راعي الخيول القديس ستيفن. يتم أيضاً مُساعدة الآخرين في إزالة الروث من حظائر خيولهم. ويتم في الليلة الثانية عشرة الإحتفال بذكرى وصول الحكماء الثلاثة لبيت لحم وهو الأصل وراء التقليد السويدي «فتيان النجوم» أو «فانجوسار»، كان الأولاد ينطلقون حول المزارع حاملين ورقة على هيئة نجمة ويغنون الأغاني مقابل الشراب، أما اليوم، فأصبح الأولاد النجوم جزء من إحتفال اللوسيا حتي يتم إزالة شجرة الكريسماس في الثالث عشر من يناير بنهاية الإحتفال. في السويد، يجري الإحتفال على طريقة القرون الوسطى حيث يُخيف الناس بعضهم البعض بشخصيات من القش تظهر من الأشجار لتقوم بصيدهم. وفي الأوساط البرجوازية، كان يتم سرقة الزخارف الصالحة للأكل من شجرة عيد الميلاد ولا زال هذا التقليد سائداً حتي الآن.

الأصل وراء الشجرة

تزيين الشجرة عيد الميلاد عادة شائعة وتُنصب قبل العيد بعدة أيام وتبقى حتى عيد الغطاس. بدأت الفكرة في القرون الوسطى بألمانيا الغنية بغابات الصنوبر حيث جرت العادة لدى بعض القبائل التي تعبد الإله ثور إله الغابات والرعد أن تُزين الأشجار ويُقدم على إحداها ضحية بشرية. وفي عام 727 أو722م، أوفد إليهم القديس بونيفاسيوس ليُبشرهم وحدث أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم أسفل إحدى أشجار البلوط وقد ربطوا طفلاً وهموا بذبحه ضحية لإلههم ثور فهاجمهم وخلص الطفل ووقف فيهم خطيباً مُبيناً أن الإله الحي هو إله السلام والمحبة الذي جاء ليُخلص لا ليُهلك وقام بقطع الشجرة وقد رأى نبتة شجرة التنوب تبع من الشجرة (شجرة الكريسماس)، فأوضح لهم أنها تُمثل الطفل يسوع «تستخدمون أخشاب الشجرة البسيطة لبناء بيوتكم. فلتجعلون المسيح هو حجر الزاوية بمنازلكم ليهِب لحياتكم الإخضرار الذي لا يذبل، لتجعلوا المسيح نوركم الدائم. أغصانها تمتد بكل الإتجاهات لتُعانِق الناس، فليكُن المسيح هو راحتكم ونوركم». بدأ ظهور الشجرة رسمياً بالقرن السادس عشر بألمانيا في كاتدرائية ستراسبورج.

باب نويل.. هل تعرفه؟
إنه القديس نيكولاس أسقف مورا بآسيا الصغرى إبان القرن الرابع الميلادي. كان من مدينة مورا وإسم أبيه ابيفانيوس وأمه تونة وقد جمعا بجانب الغنى مخافة الله ولم يكن لهما ولد يرث غناهما. ولما بلغا سن اليأس، رزقهما الله هذا القديس الذي إمتلأ بالنعمة الإلهية منذ طفولته. ولما بلغ سن تلقي العلم، أظهر من النجابة ما دل علي إن الروح القدس كان يُلهمه من العلم الكثير. صار شماساً ثم ترهب وعاش حياة الجهاد والفضيلة وأعطاه الله موهبة الآيات وشفاء المرضي حتى ليجل عن الوصف ما قدمه من صدقات.

كان بمدينة مورا رجل غني فقد ثروته حتى احتاج للقوت الضروري وكان له ثلاث بنات جاوزن سن الزواج فوسوس له الشيطان أن يوجههن لأعمال مهينة ولكن الرب كشف للقديس نيقولاوس ما أعتزمه الرجل فأخذ من ماله مائة دينار ووضعها بكيس وتسلل ليلاً وألقاها من نافذة منزل الرجل وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وزوج بالمال إبنته الكبرى. وفي ليلة أخرى، كرر القديس عمله ومن ثم زوج الرجل إبنته الثانية. ولما أراد الرجل معرفة المحسن، لبث ساهراً يترقب. وفي المرة الثالثة حالما شعر

بسقوط الكيس، شرع ليري من ألقاه وعرف أنه القديس نيقولاؤس فخر عند قدميه وشكره. أما هو فأمره بشكر الله الذي وضع الفكرة في قلبه. ولما تنيح أسقف مورا ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في حلم وأعلمه بأن المختار للرتبة هو نيقولاؤس نظراً لفضائله. ولما استيقظ أخبر الأساقفة بما رأي فصدقوا الرؤيا وأخذوا القديس ورسموه أسقفاً علي مورا. ولما سمع الملك دقلديانوس الشرير بخبر القديس، قبض عليه وعذبه كثيراً وكان المسيح يقيه من العذاب. ولما ضجر منه الملك سجنه فكان وهو في السجن يكتب لرعيته ويثبتهم. وظل بالسجن حتي مات دقلديانوس وأقام قسطنطين الملك البار، أخرج المسجونين ومنهم القديس الذي خرج ليُناهض ضد الوثنية. وذات يوم، كان القديس نيقولاوس حاضراً مُجمع نيقية وتَحَمَّس ضد أريوس ولطمه على وجهه، فقرر الآباء عزله من رتبته وحبسه، إلا أن المسيح والسيدة العذراء ظهرا له في السجن وأعادا له حريته ورتبته. كان القديس يأخذ مواقف حاسمة ضد الوثنية. ومن ضمن معابدهم التي دمرها كان معبد أرطاميس ومن ثم خرجت الأرواح الشريرة هرباً من القديس.

من القصص التي تُروَى عن اهتمام القديس بشعبه أن الحاكم يوستاثيوس أخذ رشوة ليحكم على ثلاث رجال أبرياء بالقتل. ووقت تنفيذ الحكم، حضر القديس للمكان وبمعجزة شلَّ يد السياف وأطلق سراح الرجال ثم التفت إلى يوستاثيوس وحرَّكه للإعتراف بجريمته. وكان حاضراً الحدث ثلاثة من ضباط الإمبراطور كانوا في طريقهم لمهمة رسمية في فريجية، وحين عادوا لقسطنطينية حكم عليهم الإمبراطور قسطنطين بالموت بسبب وشاية كاذبة من أحد الحاقدين. تذكَّر الضباط ما شاهدوه في ميرا من قوة حب وعدالة أسقفها، فصلّوا إلى الله لينجوا من الموت بشفاعة هذا الأسقف. في تلك الليلة ظهر القديس نيقولاوس للإمبراطور قسطنطين وهدده إن لم يطلق سراح الأبرياء. وصباحاً، إستدعاهم للتحقيق وحين سمع أنهم تشفعوا بالقديس نيقولاوس الذي ظهر له، أطلق سراحهم في الحال وأرسلهم برسالة إليه طالباً منه ألا يهدده بل يصلي لأجل سلام العالم. ظلت تلك القصة أشهر معجزات القديس نيقولاوس. ولما أكمل سعيه انتقل للرب في ميرا ودُفن بكاتدرائيتها. وكانت أيام حياته تقترب من الثمانين قضي منها أربعين عاماً أسقفاً.

عن سانت كلوز
بعد نياحة القديس نيكولاس، إنتشرت سيرته العطرة في روسيا وألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد بإسمه. وبمرور الوقت، بدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة وجاء اسم بابا نويل وهي كلمة فرنسية تعنى أب الميلاد وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد فيما إعتقد آخرون أن موطنه فنلندا لوجود قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لكونها مسقط رأس بابا نويل ويزورها 75 ألف طفل سنوياً. ومع إكتشاف أمريكا، حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس نيكولاوس أو سانت نيقولا وتطور الإسم وصار سانتا كلوز،

أما صورة بابا نويل الحالية، فوُلدت على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس الّذي كتب عام 1823 قصيدة بعنوان «الليلة التي قبل عيد الميلاد» يصف فيها هذا الزائر المحبّب ليلة عيد الميلاد. وفي عام 1881، قام الرسام الأمريكي توماس نيست برسم أول صورة لبابا نويل كما نعرفه اليوم ببدلته الحمراء وذقنه الطويلة البيضاء وحذائه الأسود اللامع. ويُقال أن الرسم كان ضمن حملة ترويجية لشركة كبرى ومن وقتها انتشر بابا نويل وصار من أشهر الشخصيات المُحببة للأطفال. ومع تغير المكان، تخلى سانتا كلوز عن حماره الذي كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطي زحافة على الجليد يجرها ثمانية غزلان. وتروي الحكايات أن بابا نويل يضع للأطفال الهدايا بجوارب صوفية يضعونها فوق المدفأة بمنازلهم ويتسلل بابا نويل من فتحة المدفأة ليلاً ويفاجئوا بالهدايا صباحاً. وفى مصر، إنتشر بابا نويل بالكنائس القبطية في احتفالها برأس السنة الميلادية وصار رمزًا شعبياً للعام الجديد ونسى الكثيرون كونه قديس بالكنيسة الأولى، كنيسة القرن الرابع الميلادي.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda