الفصح يهودي والبيض فلسطيني

يعود الإحتفال بشم النسيم لما يقرب من 4700عام بمصر الفرعونية ويعود أصل التسمية للكلمة الفرعونية شمو وهي كلمة هيروغليفية ويرمز بها لدي قدماء المصريين لبعث الحياة كما أن له طقوس معينة وتقاليد قديمة تمتد لآلاف السنين فالإحتفال كان يبدأ بمهرجان شعبى مع بزوغ شمس اليوم ومازال المصريون يحافظون يمارسون تلك العادات فيخرجون للمتنزهات والحدائق ويتناولون الأطعمة الشهيرة ويمارسون الطقوس ذاتها كتلوين البيض وتجهيز الرنجة والفسيخ والبصل والسردين. ترجع بداية الإحتفال بعيد شم النسيم لأواخر الأسرة الثالثة الفرعونية وذلك وفقا للجداريات التى تسجل طقوس الإحتفال بشم النسيم منذ عام2700 ق.م.

تعود المصرى القديم أن يبدأ صباح هذا اليوم كما جاء فى البرديات القديمة بإهداء زوجته زهرة اللوتس وكان القدماء يطلقون على هذا اليوم عيد الربيع وكانوا يقيمون احتفالاً رسمياً كبيراً فيجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب لمشاهدة غروب الشمس ويظهر قرص الشمس وهو يميل للغروب مقترباً تدريجياً من قمة الهرم وكأنه يجلس فوق قمة الهرم وتخترق أشعة الشمس قمته فتبدو واجهة الهرم وقد انشطرت لقسمين. كان الفراعنة يبدأو بالإحتفال في الليلة الأولى بالطقوس الدينية أو «ليلة الرؤية». التي ورد ذكرها بعدة برديات تُعلن مولد الزمان، ثم يتحول العيد مع شروق الشمس لإحتفال شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب حتى فرعون نفسه وكبار رجال الدولة وقد أطلق الفراعنة على ذلك العيد إسم عيد شموش أى بعث الحياة وحرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة فى العصر القبطى لإسم شم وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة لنسمة الربيع التى تعلن وصوله ويخرج المحتفلون بعيد شم النسيم في جماعات للحدائق والمتنزهات لإستقبال الشمس عند شروقها حاملين الطعام والشراب وقضاء اليوم في الإحتفال بداية من شروق الشمس وحتى غروبها فتتزين الفتيات بعقود الياسمين أو زهر الربيع ويحمل الأطفال زعف النخيل المزين بالألوان والزهور وتُقام حفلات الرقص على أنغام الناي والمزمار والقيثار وتصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بالربيع فيما يذكر المؤرخون أن هذا العيد هو التقليد الأقدم والأعظم للمصريين، وقيل إن المصريين القدماء يرون أن مجىء عيد شم النسيم يعنى مجىء الربيع وإنبعاث الكائنات.
ترتبط دائما أعياد الفراعنة بالظواهر الفلكية وعلاقتها بالطبيعة ومظاهر الحياة ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذى حددوا ميعاده بالإنقلاب الربيعى وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس فى برج الحمل ويقع فى الخامس والعشرين من شهر برمهات فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب من قمة الهرم وكأنه يجلس فوق قمته وفي تلك اللحظة يحدث شيء عجيب حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم فتبدو واجهته وقد انشطرت لقسمين.وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع مقدم الربيع في الحادي والعشرين من مارس سنوياً. وفي الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساء نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم، تكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة الذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران. كان الإحتفال بشم النسيم أيضاً معروفاً ضمن أعياد هليوبوليس ومدينة أون وكانوا يحتفلون به فى عصر ما قبل الأسرات حيت يبدأ الفراعنة بالإحتفال فى الليلة الأولى أو ليلة الرؤيا بممارسة الطقوس الدينية حيث ورد ذكر ليلة الرؤيا التى تعلن مولد الزمان وبعث الحياة بأكثر من بردية.
هذا وتحفل مائدة عيد الربيع بالأطعمة المحببة للمصريين وعلي رأسها البيض الملون والذي بدأ ظهوره مع بداية العيد الفرعونى أو عيد الخلق حيث كان البيض يرمز لخلق الحياة، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله بتاح إله الخلق لدي الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد وهكذا بدأ الإحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التى ترمز لعيد الخلق كما كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من زعف النخيل يعلقونها بشرفات المنازل وأغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم وقد تطورت تلك النقوش لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع. أما عادة تلوين البيض وهو التقليد المتبع حول العالم، فبدأ فى فلسطين حيث أمر القديسون بصبغ البيض باللون الأحمر ليذكرهم بدم المسيح الذى سفكه اليهود ومن ثم ظهر بيض شم النسيم لأول مرة مصبوغاً باللون الأحمر ثم انتقلت تلك العادة لمصر وحافظ عليه الأقباط بجانب ما توارثوه من الرموز والطلاسم والنقوش الفرعونية.ومن أطعمة شم النسيم أيضا الفسيخ وهو من الأطعمة التقليدية لدي الأسرة الفرعونية الخامسة عندما بدأ الإهتمام بتقديس النيل أو نهر الحياة وكان للفراعنة عناية بحفظ الأسماك وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ، أما البصل فظهر ضمن أطعمة عيد شم النسيم فى أواسط الأسرة الفرعونية السادسة وارتبط ظهوره بإحدى أساطير مدينة منف القديمة التى تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد أصيب بمرض غامض واستدعى الملك الكاهن الأكبر لمعبد آمون فنسب مرض الأمير الطفل لوجود أرواح شريرة تسيطر عليه وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير بفراش نومه عند غروب الشمس .وتشرح الأسطورة كيف غادر الطفل فراشه وخرج ليلعب بالحديقة وشفى من مرضه فأقام الملك الأفراح بالقصر لأطفال المدينة بأكملها ولما حل عيد شم النسيم بعد أفراح القصر بعدة أيام قام الملك وعائلته وكبار رجال الدولة بمشاركة الناس العيد فيما قام الناس بتعليق حزم البصل على أبواب دورهم. وكان الخس أيضاً من النباتات التى تعلن عن حلول الربيع بإكتمال نموها ونضجها وقد عرف في عهد الأسرة الفرعونية الرابعة حيث ظهرت صوره من سلال القرابين بورقه الأخضر الطويل وعلى موائد الاحتفال بالعيد كما اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة الخاصة بإله التناسل ويوجد رسمه منقوشاً تحت أقدام الإله بمعابده ورسومه، ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضاً في الاحتفال نبات الحمص الأخضر والذي عرف لديهم بإسم «الملانة» وقد جعلوا من نضوج ثمرته وامتلائها إشارة لقدوم الربيع.
أخذ اليهود عن المصريين احتفالهم بهذا العيد فقد كان وقت خروجهم من مصر في عهد موسى مواكباً لإحتفال المصريين بعيدهم وقد اختار اليهود ذلك اليوم لخروجهم من مصر كيلا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم حاملين معهم ما سلبوه من ذهب وثروات لإنشغالهم بالإحتفال بالعيد ويصف ذلك سِفْر الخروج بالعهد القديم بأنهم طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وأعطى الرَّب نعمة للشعب بعيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين واتخذ اليهود ذلك اليوم عيداً لهم وجعلوه رأساً للسنة العبرية وأطلقوا عليه اسم عيد الفِصْح وهو كلمة عبرية تعني الخروج أو العبور تيمُّناً بنجاتهم وإحتفالاً ببداية حياتهم الجديدة.
وعندما دخلت المسيحية مصر جاء عيد القيامة موافقاً لإحتفال المصريين بعيدهم فكان احتفال المسحيين بعيد القيامة في يوم الأحد ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم الإثنين وذلك في شهر برمودة من كل عام. وسبب ارتباط عيد شم النسيم بعيد القيامة هو أن عيد شم النسيم كان يقع أحياناً في فترة الصوم الكبير ومددتها 55 يوماً كانت تسبق عيد القيامة ولما كان تناول السمك ممنوع على المسيحين خلال الصوم الكبير وأكل السمك كان من مظاهر الإحتفال بشم النسيم، تقرر نقل الإحتفال به لما بعد عيد القيامة مباشرة واستمر الإحتفال بهذا العيد في مصر بعد دخول الإسلام تقليداً متوارثاً تتناقله الأجيال عبر العصور ويحمل ذات المراسم والطقوس والتقاليد التي لم يطرأ عليها تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.

فريق تحرير النهارده

نحتاج يومياً لمعرفة كل ما يدور في العالم من حولنا فالأحداث تتلاحق في سرعة كبيرة والموضوعات تتنوع علي نحو بالغ وهناك في كل لحظة العديد من الأخبار والأحداث والموضوعات الجديدة في شتى المجالات التي تهم كافة أفراد الأسرة من نساء ورجال وأطفال وشباب

كل مقالات ElNaharda