مرحلة الطفولة هامة للغاية وحاسمة في تكوين الشخصية ففيها يُوضع حجر الأساس وتُرسى النواة لبناء الشخصية. إن كان الأساس سليماً ثابتاً، جاءت الشخصية سليمة ومستقرة وإلاّ أصبحت مريضة ومُضطربة . يعْزو فرويد، مؤسس التحليل النفسي, أغلب مركبات النقص لدينا لمرحلة الطفولة إذ أن شخصيتنا هي حصيلة مكوِّنين: الأول هو ما إختبرناه وعشناه خلال الطفولة وسائر مراحل الحياة, والثاني هو ما حصيلة الموروثات، كما يرى علماء الإجتماع أن بيئة الطفل وخاصة البيتية تلعب دوراً هاماً في تكوين شخصيته منذاليوم الأول إذ تُعتبر المصدر الأول في تكوين إتجاهاته وميوله وصياغة نظرته إلى الحياة، كما أن علاقته بأمه ذات تأثير بالغ عليه، فإن كانت علاقة سليمة، أي إذا شعر الطفل خلالها بالأمن والطمأنينة، بدا له العالم آمناً مُطمئناً والآخرون مصدر ثقة ومحبة؛ أما إذا شابها التوتر، بدا له العالم مُوحِشاً وأحياناً مُخيفاً مما يؤدي للميل للعزلة أو حالات إكتئابية وعصبية. عن أفضل سُبل التربية السليمة للطفل منذ ولادته وتكوين سيكولوجيته ومشكلة البكاء المستمر، كان هذا الحوار مع د. جوزيت عبد الله، أستاذ الطب النفسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
زاد الوعي والإهتمام حالياً بكثير من الامراض النفسية لدى الأطفال سواء على الصعيد العائلي فى الأسرة أو علي التعليمي فى المدرسة، وأصبحنا نرى أن الأهل وأيضاً المعلمين يستشيرون المتخصيين عندما تواجههم مشكلة ما مع الأطفال أو التلاميذ. وقد يتسائل البعض, هل هناك بالفعل أمراض نفسية تصيب الأطفال؟ والإجابة، نعم فهناك كثير من السلوكيات التى قد يراها البعض قصور فى التربية أو الإنضباط أو ضعف فى التحصيل الدراسي وخوف وتوتر وغيرها من السلوكيات التى تُقلق الأهل وتحتاج إلى تقيم ودراسة شاملة. واليوم أصبحت وسائل العلاج متعددة للأطفال فهى ليست علاج دوائي فقط بل أصبح هناك علاج عائلى وعلاج سلوكي وعلاج بالألعاب وخاصة في سنوات العمر المُبكرة حيث يصعُب تنارل الطفل الأدوية كما أن هناك كثير من الأمراض التى بدأت تنتشر كصعوبة التعلم والضعف اللغوى والنشاط الزائد وضعف الإنتباه. ولعل من أهم تلك المشاكل هى التوحد الذى يتزايد يوماً بعد يوم حول العالم. وعليه، علي الأهل الإنتباه لأولادهم وتوفير أفضل الأجواء البيتية متي أرادوا تنشئة الأبناء علي نحو سوي فأول ما يتأثر به الطفل هو العائلة.
الشكل ونفسية الطفل
يؤثر الشكل علي نحو بالغ علي نفسية الطفل وخاصة مع بلوغه مرحلة المراهقة. فهناك من الأولاد من يبلغون تلك المرحلة متأخرين عن باقى رفاقهم وهو الأمر الذي يزيد من تعاستهم ويصيبهم بالإحباط الشديد وقد يشعرون أيضاً بالنقص إزاء رفاقهم. في أحيان كثيرة، يتجلهلهم المحيطون سواء بالمنزل أو المدرسة ومن ثم يصبحون أكثر عُرضة للقلق والإنطواء والمعاناة. هذا الأمر علي العكس تماماً لدي الفتيات ممن يصبحن أكثر سعادة بتأخر مرحلة المراهقة والتي يُصاحبها كثير من مشاعر الإنطواء والخجل. يحدث أيضاً خلال تلك المرحلة تغيير في السلوك بسبب اللغة فمتي شعُر الطفل بأن لغة حديثه أو لهجته تختلف عن باقى زملاء المدرسة، يتولد لديه سلوك عدوانى أو إنطوائى فالذى يُحدد شخصية الطفل رؤيته لذاته وثقته بنفسه أمام الأخرين. والجانب الأخر نابع من الأسرة والأهل ويختلف هذا التأثير بإختلاف جو العائلة والنمط العام للأسرة سواء كا سلبياً أو إيجابياً وهو الأمر الذي ينمو مع الطفل منذ حداثة عمره من خلال إرتباطه بالأم والمحيطين به.
بكاء الأطفال المستمر.. المشكلة والحل
يُعتبر البكاء لدي الأطفال ظاهرة طبيعية وصحية في ذات الوقت فهو إستجابة وتفاعل مع العالم المحيط، والطفل الوليد غير قادر على فعل أي شئ والتعبيد بأية طريقة سوي البكاء. وللعلم، الطفل الطبيعي يحتاج للبكاء علي مدار اليوم لفترة زمنية لا تقل عن ثلاث ساعات بدون سبب واضح كما تختلف طريقة البكاء من رضيع إلى آخر، وكثيراً ما تُصاب الأم حديثة العهد بالحيرة بسبب كثرة بكاء الطفل وعجزها عن تحديد سبب البكاء بدقة وما إذا كان سبب البكاء هو الجوع أو الألم أو شيء آخر لا تعرفه. ومن المعروف أن السبب الأساسي لبكاء الطفل الرضيع وخاصة خلال الأسابيع الأولى من عمره يكون في الأغلب الجوع. ويُمكن معالجة هذا النوع من البكاء بإعطاء الطفل الثدي نزولاً علي رغبته بدون التقيد بمواعيد مُحددة للرضاعة وتستمر تلك الظاهرة حتى نهاية الشهر الرابع. على الأم أيضاً أن تُعود الطفل علي نظام ثابت سواء فيما يتعلق بتناول الطعام أو النوم والنوم منذ اليوم الأول لينشأ علي عادات صحية سليمة سليمة حتي وإن كسرها في بعض الأحيان. ولعل من أكثر الأسباب التي تدفع بالطفل الرضيع إلى البكاء المستمر هو الشعور بالخوف أو الوحدة إذ كثيراً ما يبكي الطفل الرضيع خلال الأشهر الأولى لدى وضعه في السرير وتركه وحيداً، وفي تلك الحالة، يمكن حمله وضمه إلى الصدر قليلاً وبعد شعوره بالاطمئنان يزول الخوف ويمكن أيضاً ترك باب غرفة الطفل مفتوحاً مع وجود مصدر ضوء خفيف وهكذا ينام نوماً مريحاً. ومن أسباب بكاء الطفل أيضا البلل وما يسببه من تخريش خصوصاً إذا تأخرت الأم أو المربية في تنظيفه وإستبدال ملابسه. ويُعد المغص، الناجم عن تعرض الطفل الرضيع للبرد أو إبتلاع الهواء من أهم الأسباب التي تدفع الطفل الرضيع إلى البكاء الشديد الذي يتزامن مع حركات في اليدين وثني الرجلين. بشكل عام، يمكن القول إنه ينبغي على الأم، حتّى وإن كانت حديثة العهد برعاية الطفل، أن تسيطر على إنفعالاتها وتضبط أعصابها وتتعرف شيئاً فشيئاً علي كل حالة من حالات البكاء إذ يُمكنها أن تميز البكاء الناجم عن الجوع من ذلك الناجم عن المغص أو الشعور بالألم وما شابه ذلك، كما يجب أن يأخذ الطفل كفايته من النوم كأن ينام من السادسة مساء مثلاً وحتي السادسة صباحاً بما يُعادل 12 ساعة كاملة علي ألا تُوقظه الأم تحت أي مُسمي أو لأي سبب.
تفيد حالات البكاء المستمر لدي الطفل علي نحو لافت في تكوين شخصيته إذ يبدأ الطفل بفضلها في تعلم النظام وضرورة الإنظباط والحفاظ علي روتين ثابت ولا يحدث ذلك إلا في حالة قيام الأم بإهمال بكائه في بعض الأحيان متي لم يكن له ما يبرره. فإذا بكى الطفل ملياً بدون سبب ولم تستجب له الأم، سيبدأ لتوه في تعلم الحدود والنظام منذ حداثة عمره. وقد يكون أحياناً تجاهل الطفل عقاب له على فعل بعينه. وأخيراً، لا ينبغي أن تنزعج الأم من شدة بكاء الطفل فمن الأخطاء الشائعة التأثير السلبي للبكاء علي الطفل وجميعها أقاويل خاطئة فالأساس أن البكاء غير مُثر سلباً علي صحة الأطفال ما دام ليس له ما يبرره.
[quote]الطفل الرضيع فى حاجة للبكاء 3 ساعات يومياً بدون سبب وتختلف طريقة البكاء من رضيع لآخر وتكون في الأغلب بسبب الجوع. [/quote]