قديماً، كانت المرأة دائماً هي المُتهمة بالمسئولية عن العقم وبالتالي كانت تتحمل وحدها أعبائه النفسية فتتألم وتشعُر بالذنب وتكتئب وتواجه نظرات الشفقة من مُحبيها ونظرات الشماتة والإحتقار من كارهيها فتسمع في كل يوم تعليقات جارحة لكيانها الأنثوي وربما تكتمل المأساة بعقابها على ذنب لم ترتكبه وذلك حين يتزوج عليها زوجها مُعلناً بذلك فشلها كأنثى ونبذها من دائرة عواطفه وإهتمامه. وللأسف الشديد لم تزل هذه الصورة هي القائمة في كثير من المجتمعات وخاصة العالم الثالث برغم الأبحاث العلمية التي أثبتت أن المرأة مسئولة عن 60% فقط من حالات العقم فيما يتحمل الرجل المسئولية عن 40% من تلك الحالات أي أن المرأة ليست وحدها مسئولة عن مثل تلك المشكلة. والعقم هو عدم القدرة على الحمل بعد مرور سنة كاملة من العلاقة الزوجية الصحيحة دون إستخدام وسائل لمنع الحمل. إذن لا يجب أن نعتبر المرأة عقيماً إلا بعد مرور عام كامل على زواجها وبشرط أن يكون زوجها مُقيماً معها بصفة دائمة أو شبه دائمة وبينهما علاقة زوجية صحيحة ومُستمرة ومُستقرة. أما إذا كان الزوج مُسافراً أو يحضر على فترات مُتقطعة فإن ذلك ربما يكون سبباً مُفسراً لعدم حدوث الحمل دون وجود مانع لذلك. وللعقم أسباب بيولوجية تستحوذ على كل الإهتمام فى الفحوص الطبية والعلاج وأسباب نفسية غاية فى الأهمية ومع ذلك لا يلتفت إليها أحدوربما إنتبه الناس أخيراً لأهميتها بفضل الوعى المتزايد بهذا الجانب وبسبب وجود كثير من حالات العقم التى لا يوجد لها أسباب عُضوية ومع هذا تستمر دون سبب يفسر إستمرارها. ومن العوامل النفسية التي يمكن أن تُسبب أو تُساهم في إحداث العقم فهي كثيرة وقد حصرتها بعض الأبحاث العلمية في 50 عاملاً نذكر في تلك السطور عدد منها،
يظل عدم التوافق في العلاقة الزوجية أحد أهم أسباب حدوث العقم فالصراع والشجار المستمران يٍؤثران على التوازن الهرموني وعلى إنقباضات وإنبساطات عضلات الرحم والأنابيب وغيرها مما يُؤثر بدوره على عملية التبويض وعلى إستقرار البويضة في الجهاز التناسلي الذي يحتاج إلى حالة من الإستقرار ليتمكن من حضانة البويضة المُلقحة ورعايتها في هدوء حتى تصبح جنيناً. هناك أيضاً المشكلات النفسية التربوية بمعنى وجود صراعات داخلية لدى المرأة حول فكرة القرب من الرجل وإقامة علاقة جنسية معه وذلك بسبب مشكلات نفسية عميقة الجذور أو بسبب الخوف الإجتماعي المبني على المبالغة في التحريم أو إستقذار هذه العلاقة وإعتبارها دنساً يُلوث الكيان الروحي وهي من المفاهيم الخاطئة التي تعود أصولها إلي التربية العقيمة وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية حيث الموروثات البالية والتقاليد الخاطئة. هناك نوع من النساء لديهن نزعة شديدة نحو الشخصية الذكورية المسترجلة والعدوانية في أغلب الأحيان وهي تلك الشخصية التي ترفض بوعي أو بغير وعي الدور الأنثوي المستقبل والحاضن للحيوان المنوي ثم للبويضة الملقحة ثم للجنين فيما بعد وإعتبار مثل ذلك الأمر عدوان شديد عليها أن تقاومه بالرفض التام واللفظ. وهذه الشخصية لديها صراعات كثيرة حول دورها كأنثى بوجه عام وبالتالي دورها كأم. وعلي صعيد آخر، هناك أيضاً الشخصية الأنثوية غير الناضجة بيولوجياً ونفسياً وفيها تكون عملية التبويض ضعيفة أو يكون الرحم صغيراً للغاية أو تكون الأنابيب ضيقة وتكون أيضاً غير ناضجة إنفعالياً. ومن الشخصيات الأخري التي تُعاني من مشكلات نفسية تُؤثر علي القدرة علي الإنجاب وقد تُسبب العقم فالزوجة التي تأخذ دور الأم لرجل سلبي وإعتمادي تتعرض لتلك المشكلات فالتركيبة النفسية لها كأم لهذا الزوج (الطفل أو الإبن) تُحدث خللاً في العمليات البيولوجية فلا يحدث الحمل. وللأم دوراً كبيراً في إمكانية الحمل فالمرأة التي تربت في بيت كانت فيه الأم مسيطرة ومستبدة يتولد لديها طاقة سلبية إزاء الحمل وهذا الأمر يجعل المرأة تكره دور الأمومة وترفضه داخلياً وبدون وعي. وأخيراً، هناك المرأة التي لديها بروداً جنسياً والذي يُسببه أو يُصاحبه نشاط هرموني باهت وضعيف ومحدود للغاية.
من أكثر العوامل التي تجعل المرأة غير قادرة علي الإنجاب هو وجود رغبات دفينة مُتناقضة في الحمل وعدمه وفي الأغلب لا تشعر بها وفي تلك الحالة ينتاب المرأة كثير من المشاعر المتباينة فهي ترغب فيه لتحقيق الدافع الفطري لديها في أن تكون أماًً وترفضه في نفس الوقت خوفاً من مشاكله وتبعاته أو لشعورها بأن حياتها الزوجية تعسة وغير مستقرة أو علي الأقل لا ترغب في إستمرارها بل وتعتبر هذا الوليد قيداً سيحد من قدرتها علي إختيار حياتها كيفما تريد. وعلي النقيض، تؤثر شدة الرغبة والتعلق بالإنجاب في إمكانية إستقرار الحمل فالرغبة الجامحة في حدوث الحمل ربما تُؤدي إلى نزول البويضات قبل نضجها. ولطبيعة العلاقة الجنسية تأثيراً سلبياً علي إمكانية عدم حدوث الحمل وإصابة المرأة بالعقم فالصدمات الإنفعالية المتكررة والتي تؤثر على الغشاء المبطن للرحم وتؤدي إلى إنقباضات كثيرة وغير مُنتظمة في الأبواق والأنابيب والرحم وعنق الرحم علي حد سواء. وهناك أيضاً الإثارة الجنسية المتكررة دون إشباع وهي الحالة التي تُصيب عنق الرحم بالإحتقان والجفاف والتلزج. وقد أثبت بعض الدراسات بأن كل هذه العوامل النفسية تؤثر على الصحة الإنجابية للمرأة بجانب الأسباب العضوية والهرمونية.
يشير دكتور عصام التاودى أنه أصبح الآن من السهل علاج حالات العقم والتى لم يكن لها علاج بالماضى وذلك عن طريق أطفال الأنابيب والحقن المجهري والذي يمكن بواسطته علاج الحالات التى يكون فيها الحيوانات المنوية الخاصة بالزوج قليلة العدد أو ضعيفة الحركة أو يوجد بها تشوهات أو تكون ميتة وحتى الحالات التى يُعانى فيها الأزواج من عدم وجود أى حيوانات مئوية عن طريق أخذ عينة من الخصيتين والبحث عن الحيوانات المنوية بداخلها وإستخراجها ثم إستخدام تلك الحيوانات المنوية حتى لو لم يكن هناك غير حيوان منوى واحد يُمكن حقنه داخل السيتوبلازم بالبويضة وتخصيبها تحت المجهر ولذا تُسمى بالحقن المجهري.
تمكنت تلك الوسيلة أيضاً من علاج حالات العقم الناتج عن إنسداد قناتى فالوب أو تكيس المبايض أو ضعف التبويض بالإضافة إلى حالات التغدد الرحمى والتى تُعرف بتهاجر البطانة الداخلية للرحم مكانها وتخرج خارج الرحم وتؤدى إلى حدوث ألم شديد بالحوض وإلتصاقات شديدة وضعف فى التبويض وعقم. وبواسطة الحقن المجهري يُمكن علاج حالات العقم التى تعرف بإسم عقم بدون أسباب وتُمثل 10-15% من حالات العقم ويكون فيها الزوج والزوجة أصحاء تماماً ولايوجدأى سبب للعقم وتكون جميع التحاليل والفحوصات طبيعية ويمكن الأن تحديد نوع الجنين ذكر أو أنثى قبل إرجاع الأجنة لرحم الأم لتجنب الأمراض الوراثية المُرتبطة بجنس المولود كمرض ضعف العضلات الذى يُصيب الذكور فقط كما يُمكن فحص خلية من الجنين قبل إرجاعه لرحم الأم عن طريق تجميد الأجنة والحيوانات المنوية والبويضات ويمكن إستخدامها فى محاولات الإنجاب لعدة مرا ت أخرى.
وللعلم، الحقن المجهري حلال تماماً ولا يوجد به أىة شبهة فالحيوان المنوى تخص الزوج والبويضات تخص الزوجة مما لا يدع مجالاً لأية شبهة دينية. ويتم الحقن المجهري بإعطاء أدوية للزوجة بطريقة معينة خاصة لكل حالة لتنشيط البويضات وتخصيبها بالحيوان المنوى الخاص بالزوج تحت المجهر ثم وضع الجنين فى حضانات خاصة ومتابعتها حتى تصل لدرجة نمو معينة حيث يتم إرجاعها لرحم الأم فى اليوم الثالت. وأحياناً يتم إرجاعها فى اليوم الخامس؛ فحسب الحالة المرضية وظروف كل حالة ثم يتم إعطاء أدوية للزوجة لزيادة نمو البطانة الداخلية للر حم لتساعد الأجنة على الإلتحام بالرجم ويتم عمل إختبار للحمل بعد أسبوعين من نقل الأجنة للرحم ثم يتم متابعة الحمل بطريقة معينة حتى الولادة.
وبهذه الطريقة أمكننا إدخال البسمة والسعادة وعلاج كثير من حالات العقم التى لم يكن لها حلول قبل ذلك.