لكل ما نراه فى حياتنا اليومية قصة طريفة أو حكاية لا ينساها الزمن وتتطور مع مرور الوقت.. ولكل مادة فى حياتنا اليومية تاريخ قد نجهله وقد ندركه خير إدراك..
والأصل أن نعلم أصل الأشياء وقصص ما بين السطور وما وراء الستار.. فالفنون -على اختلاف أنواعها وأشكالها- لم تظهر فجأة ولم تأت مصادفة بين عشية وضحاها.. ومتى بحثنا فى أصول الأشياء سنجد العديد من القصص الطريفة وربما أيضاً الحكايات المضحكة..
لا يمكن التعامل مع مادة الزجاج إلا بطريقة واحدة وذلك في حالة انصهاره تماماً بحيث يتحول من مادة صلبة إلى مادة لينة للغاية ويصبح من السهل تشكيلها وصياغتها علي النحو الذي نبغيه. نجد الألواح الزجاجية أو زجاج النوافذ بوجه عام يصنع من صب الزجاج المنصهر علي سطح منضدة معدنية عريضة، ثم يمرر عليها اسطوانة ثقيلة لتسطيحها ومن ثم الحصول علي السمك المطلوب والكثافة الشديدة، ويمكن الحصول علي أشكال متنوعة من الزجاج عن طريق العمليات المختلفة كالحرق والقطع وغيرها، ولعل أكثر الطرق شيوعاً هي مرور الزجاج المنصهر داخل آلات خاصة تقوم بعمليات النفخ أو داخل قوالب تنتج عنها أشكال الزجاج الفارغ بالطريقة الآلية، ويصنع الزجاج المصبوب بطريقة صب الزجاج المنصهر داخل القالب للحصول علي أشكال صلبة غير مجوفة خفيفة كالأواني وغيرها لها ملمس بديع شفاف وأنيق أيضاً.تعددت استخدامات الزجاج وتنوعت لتدخل تلك المادة الرقيقة في جميع الصناعات كما يعود استخدامها إلي عصور بعيدة حتي أنه يقال إنها استخدمت أيضاً في صناعة المشغولات الزجاجية لدي قدماء المصريين، أما الرومان فهم أول من استخدموه في صناعة الأواني المنزلية، ثم انتقل استخدامه من العهد الروماني إلي الإمبراطورية البيزنطية ومنها إلى الحضارة الإسلامية في أوج مجدها وتطورها، ليظهر أخيراً في أوروبا حيث أعيد إبداع صناعته وتنوع استخدامه، وانتشر منها بعد ذلك إلى جميع بلدان العالم، وكانت الأواني الزجاجية في بادئ الأمر شديدة الشبه بالأواني الخزفية إذ كان هناك تقارب واضح بينهما من حيث الشكل والملمس والمظهر الخارجي كما تنوعت وتعددت أيضاً أنواع الزجاج المستعمل ما بين المقطوع والمشطوف ولكل استخداماته والإطار العام المحيط به.
بين الزجاج والرصاص
يساهم الزجاج في إثراء الفنون بشتى ألوانها من خلال أشكاله المتنوعة وملمسه الناعم والشديد الرقة، وكان -كما قلنا- شديد الشبه بالأواني الخزفية في بادئ الأمر، إلا أنه تطور بشكل كبير واستحدثت فنون كثيرة خاصة به وحده من ضمنها «الزجاج المؤلف بالرصاص» وهذا الفن يختلف تماماً عن سائر الفنون الأخري، وكان يتم تنفيذه قديماً بعمل فتحات كبيرة داخل الجدران علي نظام العقود المعمارية المدعمة بقوائم أو مدادات طائرة أو هوائية بدلاً من الحوائط الثقيلة، ثم استخدمت تلك النماذج الهندسية المرتبة ترتيباً آلياً في خلفية التكوين لتوفير الوقت والجهد، وفي القرن الرابع عشر، حدثت طفرة في استخدامه إذ تم عمل الرسوم علي الزجاج بدلاً من تجهيز التفاصيل الدقيقة لسهولتها، وكانت هذه الرسومات بارزة باستخدام ألوان ذات قيمة عالية وجذابة، ثم جاءت القرون الوسطى ليكون الزجاج المؤلف بالرصاص مرتباً فى مستويات مختلفة ليعطي مظهراً متلائماً لا نجده علي الزجاج الحديث في وقتنا الحاضر، وقد انتشر هذا الفن بصورة كبيرة وخاصة في الكاتدرائيات والكنائس.