صفحات التاريخ تحوى الكثير من الأسرار والخبايا التى لا يمحوها الزمن.. وللعبادة ومناسكها، قصص وحكايات.. من المعابد الفرعونية إلى المساجد الاسلامية بطرازاتها المختلفة وأشكالها المعمارية المميزة.. تنوعت أماكن العبادة وتعددت.. ولكل منها قصة وحكاية.. وكثير من الأسرار..
كان المعبد المصري، يمثل مفهوم الديانة المصرية القديمة لبداية الخلق، وكيف أن بداية الخلق جاءت من العدم، حيث ترتقي أرضية المعبد تدريجياً نحو قدس الأقداس، ويقابل هذا فكرة بداية الخليقة في وسط من المياه، حيث أقام الخالق تلا في وسطها، كمرتفع استقر عليه، وأصبحت أعداد كبيرة من المعابد «مجموعات» من الأبنية، أضافت إليها أجيال من الفراعنة، أحياناً عبر آلاف السنين،
من الفراعنة إلى المسيحية
وقد تميزت عمارة المعبد بالأبهة والاتساع والتباين بين الضوء والظلام، ومن الناحية النظرية، فإن المعابد كانت تشيد دائماً عند نقطة أخري ذات دلالة دينية، مثل موقع يعتقد أن يكون مكان مولد، أو قبر، معبود أو مكان يعتقد أنه يمتلك خصائص وقوة وسلطان، ولكن من الناحية الفعلية، فإن المعبد كان يقام قريباً من مركز كثافة سكانية، أو طريق عام مأهول، أو موارد ضرورية حيوية،، فإن «الأوزاريون» مثلاً في معبد سيتي الأولي في أبيدوس، كان يحتاج لموارد خاصة، وبدي واضحاً أنه يحتاج بركة ماء حول قبر أوزيريس تحت الأرض، ولهذا فإن المعبد شيد قريباً من نبع «ينبوع» طبيعي، حيث كان الماء متاحاً بسهولة ويسر، وتنتمي معظم المعابد المعروفة مثل الكرنك والأقصر والرامسيوم والدير البحري وأبوسمبل، إلي عصر الدولة الحديثة، بينما معظم معابد العصر البطلمي، مثل معبد حورس في إدفو ومعبد دندرة قد أقيمت نفس المعالم المميزة للمعبد المصري، واستمر نفس الأسلوب خلال العصر الروماني، ويعد معبد سوبك المكتشف عام ١912 بالفيوم، مثالاً رائعاً للمعبد الروماني، وخلال العصر المسيحي، كانت الكنيسة هي بالتأكيد مكان العبادة، ولكن خلال الفترة التي سبقت، عندما كان المسيحيون يقاسون من الاضطهاد الروماني، فإنهم كانوا يلجأون للصحراء ويعيشون داخل المعابد الفرعونية القديمة، وكثيراً ما كانوا يتركون كتابات علي الجدران، إلي جوار الكتابات القديمة.
البازيليكا في أبو سنبل
وتظهر في معبدي الكرنك وإدفو بقايا العبادة المسيحية، وقد كان النمط المعماري السائد للكنيسة القبطية في مصر، هو البازيليكا «أو الكاتدرائية» وهناك أمثلة متعددة من هذا النمط بين الكنائس المصرية: مثل البازيليكا في دندرة، وكنيسة العذراء مريم، والكنيسة المعلقة، وكنائس أبوسرجا وسانت باربرا ومار جرجس، وكان يستخدم الرخام والفسيسفاء والأبنوس والخشب، في بناء العناصر والشمعدانات، وهي تحتوي علي نقوش وصلبان ونصوص، ومعظم هذه الكنائس مبنية علي أرض مقدسة، حيث يعتقد أنها كانت محطات توقف المسيح الطفل وعائلته في مصر، وأسفر قيام الرهبنة في مصر عن نمط معماري متفرد، يتمثل في الأديرة التي بنيت في أماكن نائية بعيدة عن المجتمعات الحضرية، بحيث تضمن الهدوء والسكينة لشاغليها، بما يساعدهم علي التفرغ للعبادة، وأقيم عدد من الأديرة في وادي النطرون، وإسنا ونقادة، ودير القديس أنطون أقدم دير في العالم، ومقره في وادي النطرون الذي كان يختار باباوات المسيحيين القبط من بين رهبانه ويعد الأهم من الناحية الدينية، ومن الأديرة القديمة أيضاً الدير الأبيض والدير الأحمر.
الجامع بدون مأذنة
وفي العصر الإسلامي فإن معمار المساجد يختلف من منطقة لأخري، أكثر من اختلافها عبر الحقب التاريخية، والسبب الانتشار السريع للإسلام خلافاً للمسيحية في مصر، حيث انتشر الإسلام سريعاً عبر أراض «أقطار» شاسعة، وخلق استخدام الخامات والأفكار المحلية اختلافات إقليمية متميزة، واتخذ المسلمون في كل أنحاء العالم طراز مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، والذي اهتم بالعناصر الوظيفية اللازمة للعبادة، كأساس للتصميم المعماري للمساجد التي قاموا بتشييدها، وهذه العناصر مزينة بزخارف نباتية وهندسية، وتفوق الفنانين في نقشها بتطعيمها بالعاج والمعدن، وعلي الرغم من أن ذلك التصميم لم يكن يحتوي بين عناصره علي مئذنة، فإن امتداد الاسلام لمناطق حضرية تضم أبنية متكاملة وقصوراً خلق الحاجة لوجود مكان مرتفع يطل علي جميع تلك المناطق، وهكذا جاءت المئذنة إلي الوجود، والمآذن الشاهقة هي أبرز جزء في المسجد، وكانت تستخدم لرفع الأذان ودعوة المصلين للصلاة، مما يسمح لصوت المؤذن بأن يصل بعيداً، وكان مسجد عمرو بن العاص أول مسجد يقام بمصر ويعرف لذلك باسم «الجامع القديم»، وقد شيد عام 641، ثم تبعته عدة مساجد أخري كبيرة، من بينها: جامع ابن طولون، والجامع الأزهر الذي يعد أول أثر فاطمي في مصر، وجامع الحاكم، وجامع الأقمر، وبعد الفاطميين ظهر طراز آخر من المساجد، وهو المسجد المعلق الذي يرتفع علي قمة خمسة مداخل مقنطرة «أروقة» وبه مجموعة من درجات السلالم المؤدية إلي الباب الرئيسي، وتوجد أيضاً أمثلة رائعة من المساجد التي ترجع إلي العصر العثماني، من بينها: مسجد سليمان باشا، ومسجد سنان باشا، ومسجد محمد بك أبو الدهب بالأزهر، ومسجد السيدة صفية.