ولد برناردشو في دبلن بأيرلندا من طبقة متوسطة واضطر لترك المدرسة وهو في الخامسة عشر من عمره ليعمل موظفاً. كان والده سكيراً مدمناً للكحول مما شكل لديه رد فعل بعدم قرب الخمر طوال حياته، كما كان نباتياً لا يقرب اللحم الأمر الذي كان له أثر في طول عمره وصحته الدائمة. سطور وحقائق وصفحات لا يمحوها الزمن.
تركت أمه المنزل إلى لندن مع ابنتيها ولحق بهم شو سنة 1876. ولم يعد لأيرلندا ما يقرب الثلاثين عاماً. ورث من والديه الظرف والسخرية من المواقف المؤلمة والجهر بالرأي وعدم المبالاة بمخالفة المألوف والتمرد على التقاليد السائدة.برغم تركه للمدرسة مبكراً إلا أنه استمر بالقراءة وتعلّم اللاتينية والإغريقية والفرنسية وكان بذلك كشكسبير الذي غادر المدرسة وهو طفل ليساعد والده، ولم يثنه عدم التعلم في المدارس عن اكتساب المعرفة والتعلّم الذاتي. فالمدارس برأي برناردشو “ ليست سوى سجون ومعتقلات”.
عاشق المرأة
كان مناهضاً لحقوق المرأة ومنادياً بالمساواة في الدخل. سنة 1925 مُنح جائزة نوبل في الأدب فقبل التكريم ورفض الجائزة المالية ساخراً منها بقوله :إن جائزة نوبل تشبه طوق النجاة الذي يتم إلقاؤه لأحد الأشخاص بعد أن يكون هذا الشخص قد وصل إلى الشاطئ.
كما أنه سخر من نوبل مؤسس الجائزة الذي جمع ثروته الكبيرة بسبب اختراعه للديناميت حيث يقول: «إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكنني لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل». فقد عاش برناردشو حياة فقيرة وبائسة أيام شبابه وعندما أصبح غنياً لم يكن بحاجة لتلك الجائزة التي تُمنح أحياناً لمن لا يستحقها.ولأن حياته كانت في بدايتها نضالاً ضد الفقر، فقد جعل من مكافحة الفقر هدفاً رئيسياً لكل ما يكتب وكان يراه مصدر لكل الآثام كالسرقة والإدمان والانحراف والضّعف والجهل والمرض والقمع والنفاق. ويظهر ذلك في مسرحيته »الرائد باربرا» التي يتناول فيها موضوع الفقر والرأسمالية ونفاق الجمعيات الخيرية.
بعد مغادرته إلى لندن بدأ يتردد على المتحف البريطاني لتثقيف نفسه الأمر الذي كان له الفضل الكبير في أصالة فكره واستقلاليته. بدأت مسيرته الأدبية في لندن حيث كتب خمس روايات لم تلق نجاحاً كبيراً وهي «عدم النضج» و«العقدة اللاعقلانية» و«الحب بين الفنانين» و«مهنة كاشل بايرون» و«الاشتراكي و اللااشتراكي». لكنه اشتُهِر بعدها كناقد موسيقي بإحدى الصحف، ثم انخرط في العمل السياسي وبدأ نشاطه في مجال الحركة الاشتراكية وانضم للجمعية الفابيّة وهي جمعية انجليزية لنشر المبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية، وكان شو معجباً بالشاعر والكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن ويعد أعظم الكتاب المسرحيين في كل العصور. وكان السبّاق في استخدام المسرح لمعالجة القضايا الاجتماعية. فكان تأثير إبسن واضحاً على شو في بداياته.
صاحب الرسالة
تعتبر لغة برناردشو من أهم ما قدم للّغة الانجليزية حيث أدخل النقاد صفة جديدة على اللغة الانجليزية وهي الشُّواني لتعبر عن براعته اللغوية. يقول برناردشو:«لقد كسبتُ شهرتي بمثابرتي على الكفاح كي أحمل الجمهور على أن يعيد النظر في أخلاقه، وحين أكتب مسرحياتي أحمل الشعب على أن يصلح شئونه وليس في نفسي باعث آخر للكتابة إذ إننَّي أستطيع أن أحصل على لقمتي بدونها»
كان يرفض النظرية القائلة بالفن للفن ويصر على أن للأدب رسالة إصلاحية وتربوية ويستخدم القلم لطرح أفكاره والدفاع عنها.
وظلّت مواقفه إلى آخر عمره، كما كانت في بدايتها، فهو الذي رفض أن يزور الولايات المتحدة الأمريكية حتى لا يرى سخرية القدر بوجود تمثال للحرية في بلد يمتهن الإنسان أينما كان .. ذلك البلد – أمريكا- الذي انتقل من البدائية إلى الانحلال دون أن يعرف الحضارة.