أصبح الشكل التقليدي للعائلة هو مجموعة أفراد يجمعهم مكان واحد وكلٍ منهم ينظر في موبايله غير عابيء بالآخرين، فقد أفراد الأسرة الإتصال فيما بينهم إلا أن العاب البلاي ستيشن والإكس بوكس أعادت لهم التواصل المفقود وخلقت لغة حوار من نوع مختلف، إنها حقيقة نبحثها سوياً وكما لكل ظاهرة جانبها السلبي والإيجابي، فكيف ذلك؟
تظل ألعاب الفيديو محل نقد من قبل الكثيرين فالبعض يراها سبباً مباشراً في زيادة العنف نتيجة إعتماد بعضها على القتل والضرب كما أنها المتهم الأول في عزلة الطفل أو المراهق عن باقي أفراد الأسرة إلا أنها اليوم أمست بلسماً وأقل ضرراً وأصبح الأهل يفضلونها مرنة بما فعله المحمول بالأطفال وةالشباب وكافة أفراد الأسرة التي أمست تتواصل من خلال الرسائل ووسائل الإتصال الإلكترونية تحت سقف واحد وربما أحياناً داخل جدران الغرفة الواحدة. لقد ساهم المحمول في خلق حالة من الإنعزالية بين جميع أفراد الأسرة إذ يمضي كل فرد أغلب أوقاته بتصفح صفحات التواصل الاجتماعي غير عابئ بالجالسين معه ممن بدورهم يقومون بالشيء ذاته. أما ألعاب الفيديو فنظراً لكونها
تُلعب بمشاركة إثنين علي الأقل فإنها خلقت نوعاً من التقارب والحميمية بين أفراد الأسرة فأصبح الآباء يشاركون الأبناء اللعب مما ساهم بدوره في كسر الحاجز النفسي بين الأبناء والآباء وجعلهم يتعاملون بصداقة أكثر وتواصل أوسع نطاقاً.
ومن ثم أجرت جمعية البرامج الترفيهية الأمريكية إستفتاء على أكثر من 4000 أسرة كانت نتائجه مفاجأة للكثيرين إذ أوضحت أن كثير من الأسر تلتف حول ألعاب الفيديو علي الأقل مرة أسبوعياً لمشاركة أطفالهم اللعب وأن الأمر ليس فقط ضغطاً على الأزرار بل يصاحبه كثير من المرح والمزاح بجانب إتاحة الفرصة لتعليم الطفل بعض القيم من خلال الألعاب بلفت انتباهه أن ما يحدث هذا خطأ ينبغي نتجنبه أو أن ما حدث صواب ولابد أن نقتدي به. هذا ويؤيد الباحثون بشدة ظاهرة إنتشار ألعاب الفيديو حيث تؤكد الدكتورة يلدا تي يلس المختصة بعلم نفس الأطفال وتأثير الإعلام على الطفل «لا يقتصر التعلم الناتج عن تلك الألعاب على المواد الأكاديمية فقط لكنها أيضاً تعلم القرد مهارات الحياة مثل خلق روح المنافسة والعمل على تحقيق الأهداف والوصول إليها» كما تضيف أن وجود الوالدين وتشجيعهما لأبنائهم على تخطي الصعوبات للوصول لمستويات أعلى في اللعبة يُعزز من الدروس المستفادة في نفسية الطفل وترى أن إشتراك أفراد الأسرة في استخدام ألعاب الفيديو يمنح الوالدين فرصة للإقتراب من أبنائهم مما يخلق روح الصداقة بين الطرفين.
أما الكاتبة جين ماكجونيجال مؤلفة كتاب مختص في البحث في الخلفية العلمية للألعاب، فترى أن دور المشاركة في ألعاب الفيديو في دفع عقل شخص ليعكس تفكيره يُنشئ رابطة نفسية وعاطفية بين اللاعبين ففي كل مرة يشترك فيها شخصان في لعبة ما بداخل نفس الغرفة تتزامن معدلات التنفس لديهما وتتشابه معدلات ضربات القلب مما يعكس تعبيرات ولغة جسد لدى كل منهما للشخص الآخر لأن عقليهما يعملان بنفس الطريقة كما أن إشتراك الآباء مع الأبناء يخلق حالة من الأمان لأنهم يختارون الألعاب الملائمة كما أنها تساعد الآباء على وضع أسس معينة قبل بدء اللعبة قد تتمثل في إنهاء الواجبات المدرسية أو ترتيب حجراتهم وتؤكد علي أهمية إحترام تصنيف الألعاب فهناك الفئة «E» وتشير إلى اللعبة التي تناسب كافة الأعمار بينما تشير الفئة «M» إلى ألعاب الكبار التي قد تتخذ طابعاً دموياً.
وأخيراً، تؤكد ماكجونيجال أن لعب الوالدين مع أطفالهما، ينطوي علي كثير من التحديات التي تتعلق بفرق الخبرة بين الجيلين وخبرات الحياة التراكمية وهو ما لابد أن ينتبه إليه الآباء وبشدة.