حالة إدمان تُصيب المرأة والرجل علي حد سواء وتتعلق أكثر بالنساء. فيها تفقد ربة البيت القدرة على التحكم بإرادتها، تبدأ المشكلة بشراء قليل من الأشياء فتشعر المرأة بشيء من الراحة ثم تتطور الحالة بزيادة المُشتريات فتشعر براحة أكبر. يري الخبراء أن الإسراف من أهم عوامل هدم التوافق بين الزوجين فهناك أسباب تحول إسراف المرأة من عادة لحالة مرضية.
تبدأ المشكلة من الطفولة، فإهمال الأم للإبنة وإنشغالها يولد لدى الإبنة احساساً بعدم الأمان وكذلك تعرض الطفلة للنقد الكثير والسيطرة عليها أو توجيه الحب المشروط لها من قبل الوالدين يجعلها تفقد الثقة بنفسها وتخرج للحياة الزوجية مهزوزة. قد يكون السبب في الإسراف أيضاً هو الفراغ أو القلق أو الغضب من شيء ما أو بسبب رفض الآخرين للزوجة أو لمجرد التعود أو هو مجرد طبع فلا تقدر قيمة المال وتعتبر وسيلة للحياة والترفيه. وعامة هناك زوجة قد عاشت فقيرة أو كان والدها بخيلاً ورزقها الله بزوج ميسور الحال، تبدأ بإشباع حرمانها بشراء كل ما حُرمت منه بل أحياناً تدخر جزء مما تأخذه تعويضاً عن فقرها. وهناك زوجة تحب المظاهر فتستبدل سيارتها كل فترة وجيزة وتغير أثاث منزلها أو تسافر كل إجازة فالمهم أن تبدو أمام الناس صاحبة إمكانيات مادية تسمح بكل شيء ونجدها تحكي لصديقاتها وجيرانها وأقاربها عن سيارتها وشقتها من باب المظاهر، وقد يكون كل ما اشترته بالتقسيط ويتراكم عليها وعلى زوجها الأقساط والديون. وأخيراً، هناك المفهوم السائد بين السيدات وهو أنه كلما أنفقت المرأة ضمنت أن زوجها لن يتزوج عليها. وللزوج دوراً أساسياً في الحد من كل ذلك وخاصة في بداية الزواج وقد يكون ميسور الحال لدرجة لا يشعر نعها بهذا الإسراف وقد يكون لديه هوس بشيء آخر كهوس التليفزيون أو الرياضة أو علاقات ولذلك يشجعها كأنه يغض النظر عنها مقابل أن تغض هي النظر عنه. ويجد الأزواج مبرراً حتى يضطروا ويحتقروا زوجاتهم وينتقدونهن كما أنها فرصة ليمارس خيانته أو وسيلة لتبرير عدم منحها العواطف التي تحتاجها. هنا يسعد الزوج بأن زوجته مسرفة بدلاً من النضج والثقافة.
أولى خطوات العلاج يكمن في إعتراف المرأة المسرفة بمشكلتها فإذا إعترفت وشعرت بالذنب لعدم قدرتها على التوقف عن الشراء وبقلق اثناء النوم للكمية التي اشترتها من السوق، وإذا اعترفت أنها تشتري أشياء تستخدمها أو لا تستخدمها وكثر الشجار بين الزوجين على كثرة الشراء، وإذا وجدت نفسها تفكر طوال الوقت في الجديد التي تريد شرائه وتستقبل التليفونات ليل نهار من الصديقات عن عروض الأزياء أو نزهات التسوق فكل ذلك إعتراف بالمشكلة وبداية حقيقية للعلاج بنفسها كأن تقنع نفسها بأن ليس كل الألوان مناسبة والبعد عن المحلات التي تغري بالشراء مع تحديد يوم معين للشراء والإلتزام بمبلغ مُحدد لتسيطر على نفسها مع كتابة قائمة المشتريات وإستثمار العروض ومبيعات الجملة والتخفيضات. ينبغي أيضاً عدم الذهاب للسوق في حالات الجوع أو الصوم. لابد أن تشترك الأسرة في علاج المرأة ولتبدأ بالزوج ومشاركة الأبناء في تحديد المتطلبات كيلا يتأثروا بالإسراف وليتحدث معها الزوج أن الإسراف من المهلكات ويؤدي للإستدانة مع التأكيد علي أهمية الإدخار لإستثمار المال لاحقاً فور بلوغ سن المعاش بمشروع مثلاً. لابد أيضاً من إجتماع الأسرة لإعداد ميزانية تشمل الايرادات والمصروفات ليتضح العجز ووضع أولوية الصرف والتفريق بين النفقات الضرورية والكماليات.
الحياة الزوجية شركة رأس مالها الحب منه الإنفاق والزوجة العاقلة هي من تبني حياتها على احترام الزوج وتقدير ظروفه وعدم إحراجه بكثرة الطلبات فكثيراً ما نسمع عن مسلسل الطلبات الذي لا ينتهي، والأساس أن بعض النساء يتفنن في إستنزاف الرجل لعدة أسباب فعندما تكون حالة الزوج المادية ميسورة، تشعر المرأة براحة وحرية تُساعدها على شراء كل ما ترغب به سواء ضروريات أو كماليات فتُغير هاتفها كل فترة وتشتري أكثر من حاجتها من الملابس والعطور والماكياج وتقيم الولائم للتفاخر والمجاملات وتواكب التغيرات في ديكور المنزل وأثاثه كما تُهادي صديقاتها وأخواتها بكل مناسبة. بإختصار تستنزف ما لدى الزوج كيلا يُفكر بالزواج من أخرى. إذا كان الزوج ذا دخل محدود، قد تشعر المرأة بالنقص فتحاول تقليد القريبات والصديقات فتُثقل كاهل زوجها بطلبات غير مُبررة وقد تضعه أمام الأمر الواقع فتدعو أهلها لزيارة منزلهم وما يتبع الزيارة من وليمة فيشعر الزوج بضائقة مالية ويضطر للإقتراض كيلا يشعر بالإحراج من أهلها. هناك أيضاً المنافسة الشديدة بين الأخوات وزوجات الإخوة فكل واحدة تُظهر أفضل ما إشترته من الماركات العالمية وإقامة الدعوات وغيرها. قد يصل الإسراف لحالة من الإدمان فتفقد ربة البيت القدرة على السيطرة على إرادتها، تبدأ المشكلة بشراء قليل من البضائع التي تُشعر المرأة بشيء من الراحة ثم تتطور الحالة وتزيد المشتريات لتشعر براحة أكبر. وللأسف، وصل الإسراف والتبذير بمجتمعنا إلى حد فقدت الأشياء قيمتها وأهميتها وتداخلت الكماليات بالأشياء الضرورية مما أدي لتفاقم المشكلات المالية كما تنتقل العدوي للأبناء فيعتادوا شراء ما لا يحتاجوا. لا يعلم بعض الأزواج أي شيء عن مصروف البيت كما لا يعلم تكلفة ملابس أبنائه أو مستلزماتهم فهمه الوحيد هو توفير المال والإعتماد على زوجته فإما توفر معه أو تضطره للدين من غيره. تقوم الحياة الزوجية على التفاهم والتعاون والرفق بين الزوجين وعدم تكليف الآخر فوق طاقته وتنمو بالرضا بما هو موجود وعدم النظر لما لدي الغير.
ومن جانب آخر، ينفق كثير من الأزواج ما بجيوبهم ولا يعبئون بما سيحدث في الغد وخاصة أثناء العطلة سواء داخل مصر أو خارجها. بعض الزوجات يشعُرن بالأمر ولا يُحركن ساكناً والبعض الآخر يشعرن بما يحدث ويرجعن التحدث في الموضوع لوقت يكون الزوج فيه هادئاً ومستعداً للنقاش. هناك مجموعة من النصائح بما أن زوجك قد لا يعبأ بإنفاق ماله، عليك بالجلوس معه ومناقشته ووضع الميزانية المناسبة التي يُحدد وفقها الإنفاق بإعتدال كيلا تتضرر الأسرة لاحقاً ويُصبح الزواج عبئاً ثقيلاً على الزوجين فيما ينصرف إهتمام الزوجة لإمتلاك المجوهرات والملابس الفاخرة بينما يهتم الزوج بالرحلات والوجبات الغذائية. وتظل الزوجة الحكيمة هي من تهتم بأمور زوجها فتُبادر بالحديث معه حول ضرورة الإقتصاد وعدم التبذير ولكننا نجد أن بعض الزوجات حينما يُشككن بأزواجهن أو يشعرن برغبتهم بالزواج مرة أخرى يلجأن لتبديد أموال الزوج كيلا ينفقها علي أخري وزوجات أخريات يحاولن إدخال أزواجهن بمشاريع مربحة سواء تجارية أو عقارية وذلك بعد إدراكهن لرغبات أزواجهن وأوجه رهتمامه ومواطن قوته. أما الزوجات غير الحكيمات، فيلجأن لتشجيع أزواجهن لتبذير أموالهم على سفاسف الأمور حتى يقل مالهم وبالتالي يصرفون النظر عن إنفاق المال فيما قد يثير غضب الزوجة لاحقاً.
حينما تنوي الزوجة الحكيمة مناقشة زوجها في الميزانية، عليها إحضار دفتر لكتابة الإيرادات ثم المصروفات وعليها إقناع زوجها كتابة وليس شفهياً بالتركيز على المدخرات الشهرية وكلما استطاعت إقناع زوجها بإدخار مبلغ أكبر كلما كان أفضل علي فرضية حكمة «القرش الأبيض لليوم الأسود». يجب أن تحرص الزوجة على إدخار المال شهرياً بحساب أو وديع لا تنصرف قبل مدة مُحددة وبهذا فالزوج لن يستطيع سحبها قبل موعدها. يجب أن يكون إجتماعهما السنوي أيضاً قبل موعد سحب المبلغ بحيث تحاول شحذ همته على زيادة المدخرات. يظل التحدث للزوج عن فوائد المدخرات يُسهم في زيادة حماسته فمثلاً إن استطاع كلا الزوجين إدخار المبلغ حتى سن تقاعد الزوج، فلاشك أنه سيكون مبلغاً جيداً بحيث يُساعد الزوج علي إقامة مشروع استثماري يُؤمن له ولأسرته حياة كريمة ويشغله في نفس الوقت. مثل تلك الأموال المدخرة تبقي ذُخراً للعائلة وتقيها شر مفاجآت قد تُلم بها فإذا حدث ومرض أحد الأطفال واحتاج لعملية مكلفة، فمن سيتدبر أمره؟ يشهد العالم اليوم كثير من النكبات والمصائب ولذا يكون الإدخار يكون بمثابة تأمين حياة هانئة وآمنة فحينما يمتلك الإنسان مالاً، يستطيع الحياة بأي مكان وهكذا يبقي المال أمراً هاماً بحياة كل إنسان ولكنه ليس الغاية التي نسعي إليها وإنما هو أحد وسائل بلوغ السعادة وتبقي الروح متجلية ومبتهجة مادامت مقتنعة بما قسمه رب الكون لها.