تقع قلعة نويشفانشتاين الرومانسية على تلة وعرة علي مقربة من فوس جنوب ولاية بافاريا في ألمانيا. تم بنائها من قبل الملك لودفيغ الثاني وكانت بمثابة ملجأ خاص به وتم فتح هذه القلعة للسياح عام 1886. ترتفع القلعة أعلي سطح البحر وتُعد من أكثر الأماكن السياحية شهرة في أوروبا حيث يقوم بزيارتها أكثر من 1.3 مليون شخص سنوياً للإستمتاع بالمنظر البانورامي الرائع والمناظر الطبيعية لحديقة القلعة كما أنها تُتيح للزائر رؤية الحدود الألمانية النمساوية.
إنها ليست قلعة عمرها آلاف السنوات بُنيت للدفاع عن مدينة ما كباقي القلاع الأخرى فحسب، لكنها كانت حلماً يراود ملك بافاريا لودفيج الثاني طوال عمره ففي عام 1869بدأ الملك الشاب في بناء قلعة على الطراز الروماني القديم بأعلى مكان يُمكن الوصول إليه بمنطقة حكمه، ورأى أن أنسب مكان لهذا الغرض هو إحدى التلال العالية على جبال الألب البافارية والتي ترتفع 800 متراً. ويبدو أن لودفيج كان مُغرماً بفكرة البناء فقط دون أي هدف عملي يريده من ورائها سوى توفير ملجأ آمن له في نهاية حياته فأمر ببناء قلعتين إضافيتين بالتوازي مع القلعة الرئيسية وأنفق عليها ببذخ من ماله الخاص وتم الإنتهاء من بناء 14 غرفة بها ولكن إلى الآن لم يكتمل بناء القلعة إذ توفى قبل إتمام البناء وتخلى ورثته عن الفكرة.كان الملك لودفيج يتابع العمل بنفسه ويزور موقع البناء كل فترة وأمر بأن تكون القلعة مُغطاة بألواح الحجر الجيري ذي اللون الأبيض ليتناسب مع لون الجليد المحيط بها من كل الجهات، إلا أن الأسرة الحاكمة انزعجت من تبذير الملك للمال في بناء قلاع لا تكتمل ولا جدوى منها، لذا أعلنوا جميعاً بأن الملك لديه مرض عقلي ولا يصلُح للحكم ونفوه إلى قلعة بيرج عام 1886 وبعد أيام معدودة وجدوا جثته طافية في بحيرة ستارنبرج ولا تزال وفاته لغزاً حتى الآن فلا يدري أحد ما إذا كان إنتحاراً أم قتلاً، وعليه، توقف بناء القلعة من يومها وحتى الآن.
بعد أسابيع من تلك الحادثة، فتحت الأسرة الحاكمة قلعة نويشفانشتاين للجمهور حيث يتم دخولها وزيارة غرفها الأربعة عشر مع مرشد سياحي وتحولت من قلعة كان يُراد أن تكون آمنة ومعزولة ولا يصل إليها الناس ليحتمي بها الملك في آخر حياته لمزار سياحي يزوره الناس بعد وفاته وأحد أكثر القلاع زيارة في أوروبا كلها علي الإطلاق. ومنذ إفتتاحها للزيارة عام 1886زارها أكثر من 60 مليون شخص ويزورها يومياً خلال فصل الصيف قرابة ستة آلاف سائح من داخل وخارج ألمانيا ومن شهرتها أصبحت علامة بارزة بالأفلام الألمانية حينما يراد الإشارة لمقاطعة بافاريا.
ترتفع القلعة 800 متراً أعلي سطح البحر وقد أعدت القلعة بناءً على خطة مدروسة لتكون نموذجاً حديثاً حينذاك فقد ضمت كافة الوسائل المتطورة من مضخات ترفع الماء لجميع الطوابق الأربعة ونظام لتدفئة الهواء بتلك المنطقة المتجمدة شتاء وكذلك نظام لتوفير الماء الساخن لدورات المياه والمطابخ في بداية زيارة القلعة، يُشاهد الزائر الطابق الأول وما به من قاعات الإستقبال وغرف الخدم وينتقل منه للطابقين الثالث والرابع مباشرة لمشاهدة غرف الملك وأجنحته الفاخرة، أما الطابق الثاني لم ولن تكتمل غرفه، لذا يكون هو المحطة الأخيرة بعد إنتهاء الجولة لتناول الوجبات والمشروبات الساخنة بالمقاهي التي بنيت به. وفي الطابق الثالث، يوجد صالون الملك على شكل حرف L وتفصله عدة أعمدة عن باقي الغرف. جميع المفروشات والأثاث تأخذ شعار طائر البجعة الذي إتخذه الملك لودفيج الثاني شعاراً له ويُجاور الصالون غرفة الدراسة والتي يتوسطها مكتب كبير كان يجلس عليه الملك يُمارس هوايته في الكتابة ومازالت مؤلفاته موجودة بالقصر. أما بين الصالون وغرفة الدراسة، فيوجد مكان لا تجده بأي قصر ملكي في العالم وهو عبارة عن مغارة صناعية حيث أراد الملك عمل كهف به شلال صناعي وتأثيرات ضوئية وجعل له باب زجاجي شفاف ليري جبال الألب وما يحيط بها أثناء جلوسه بالكهف غير التقليدي.
أما قاعة العرش ففي منتهى البذخ إذ تحتل الجزء الغربي من القصر كما أنها مُزينة بصور نباتات ونجوم وقد استلهم الملك تصميمها من قاعات الكنائس الموجودة آنذاك والتي كانت على الطراز البيزنطي مما يعطي إنطباعاً بأن الملك لودفيج الثاني كان يعتبر نفسه وسيطاً بين الناس وبين خالقهم، أما أهم قطعة في تلك الغرفة، فمفقودة ولا يعلم أحد مصيرها إلى الآن وهي كرسي العرش. بعد ذلك، نجد غرفة طعام الملك وقد تم تزويدها بنظام جرس كهربائي بحيث يتم إستدعاء الخادم في أي وقت يريده الملك. وفي الغرفة مائدة طعام مصنوعة من الرخام والبرونز المذهب ومفارش المائدة مصنوعة من الحرير الأحمر تليها غرفة النوم وبها نافورة مطلية بالفضة على شكل بجعة وقد أولى الملك إهتماماً كبيراً بتلك الغرفة حتى أن العمل بها وحدها إستغرق أربع سنوات ونصف متواصلة. أما المستوى الثالث من القلعة، فيعكس حماسة لودفيغ لمسلسلات فاغنر.كما تم تزيين صالة المغنين التي تحتل طابق كامل الرابع بشخصيات أوبرات فاغنر.
من أعلى التل وخارج نوافذ القلعة، يقبع في هدوء وادي هوهينسشوانجاو ويُمكن لأي زائر إلى القلعة التمتع بالمشهد البانورامي الساحر. يقع الوادي علي مُقربة من بلدة القلعة من فوسين وهو أيضاً وجهة سياحية شعبية في ألمانيا. أما ساحة القلعة فهي حديقة جميلة وشاسعة وآية في الدقة والروعة. ولعل أجمل ما يراه الزائر قاعة العرش بطرازها البيزنطي ولوحاتها الجدارية ومن الطريف أيضاً أن القلعة أوحت لوالت ديزني شكل المملكة السحرية والتي تجسدت في فيلم الرسوم المتحركة الشهير «الجميلة النائمة».