ما أصعب الأشياء التي تلقينا في العتمة وتُخرجنا عن الخط الذي يحفظنا ضمن قائمة الأوفياء. لم تشوهنا الحكاية ولم تتجاوز رغباتنا العالم الأكثر رغبة في العدالة والتمسك بفكرة الوجه الواحد الذي لابد أن تبقى له وتسند إليه قلبك حينما تضعف، ترى نفسك من خلاله.. طريقاً ممتداً للقيم والثوابت التي لا تخرج عنها إذ ترى ذاتك من خلالها، كم هو مُؤلم حين نخون حتى وإن بدت الخيانة مُغرية وكم هو مُؤلم أن تخون وإن خرج الأمر عن إرادتك أو إستحق الطرف الآخر. كم هو مؤلم أن تخون وتجد نفسك أمام إنجراف حقيقي لمشاعرك. وتبقى الخيانة ذلك الرمح الذي يُدمي قلبك وإن جاءت بالمبرر. ويبقى الشرخ الذي لا يلتئم والجرح الذي لا يزول. تُبدل الخيانة كل الصور فتفسد الصدق بين طرفي العلاقة. تُغيّرنا خيانة الآخر كثيراً وحين نكتشفها تشعر بطعم النار بقلبك تحرقه ويمر أمامك شريط طويل لإرتباطك به. كيف كان شكل النبع بينكما وكيف كان الحب عندها؟ كيف كانت لحظة الصدق؟ وكيف صدمك إكتشاف الخيانة لتحطم بداخلك ذكري أيام جميلة عشتها. والخيانة لا تعني دوماً التهاية فالتسامح والعفو يجعلا القلوب أكثر حباً مما كانت عليه بعد تجريدك من كل شيء حتى تقاسيم روحك، مفصل القلب وعظام المشاعر ورأس وأنف الحب الذي كنت تعيش به، كل شيء ينهار أمامك فلا ترى سوى وجه الحبيب وهو يسقط وإن بقيت بجواره تترنح بألمك. يتفاوت المجتمع في الحكم على الخيانة ما بين تبرير للرجل وتجريم للمرأة، وسماح لأحدهما وتغليظ عقوبة للآخر برغم الجرح الغائر الذي تخلفه. الخيانة تعني الخسارة وأحياناً مكسب جديد. أسئلة عديدة تدور حولها، أي الخيانات تعني إسقاط الشريك؟ وهل للخيانة مراتب ومستويات تترتب عليها قراراتنا؟ هل تبقي الخيانة شبحاً قائماً وإن شفع لها الحب؟ هل لديك شجاعة لتسامح؟ والأهم متي تسامح المرأة؟ وهل يغفر الرجل؟
عن الخيانة وماهيتها
إنها ظاهرة إجتماعية سلبية بمختلف المجتمعات الإنسانية، تختلف من مجتمع لآخر وتنشأ لوجود خلل ما في علاقة الزوجين بسبب بعض السلبيات أو التأثير الخارجي أو إختلاف الثقافات والحضارات مما يؤدي فتؤدي لزعزعة النظام الأسري وتفككه نتيجة للصراع القائم بين أفراده. تبدل مفهوم الخيانة وتطور كثيراً عبر العصور بيد أن الفارق ما بين الزوجين ظل واقعاً لا جدال فيه. فالمرأة غالباً ما توصف بالخائنة ويتم تحميلها كامل المسئولية حتى في حالة خيانة زوجها لها فيما توصف خيانة الزوج بكونها رجولة وخاصة في بعض المجتمعات الريفي أو علي أقل تقدير تعتبر نزوة عابرة ومقبولة. والخيانة الزوجية في العصر الحديث، قد تكون وصفة الزواج الناجح والمتواصل في بعض المجتمعات بشرط أن تكون موسمية.ترافقت الخيانة الزوجية دوماً مع عقوبات صارمة وقاسية قد تصل أحياناً للقتل وخاصة متى إرتبطت بالزوجة فقط وربطتها قوانين الزواج بالطلاق، وقديماً، سمح القانون الفرنسي في عصر الإمبراطور نابليون للرجل بطلب الطلاق من زوجته إذا شك في أنّ زوجته تخونه فيما الزوجة، لا تستطيع الإقدام على الخطوة ذاتها إلا إذا أسكن زوجها عشيقته معهما في المنزل. وعندها فقط يمكنها طلب الطلاق. لا تزال الخيانة الزوجية أمراً غير مشروعاً وغير مقبولاً حتى في أكثر الدول تقدماً كالنمسا واليونان وسويسرا وغيرها من الدول الأوروبية، هذا وتتهم المرأة بالخيانة وإن جاءت قسراً كتعرضها للإغتصاب مثلاً وهو الأمر الذي حدث في دول عديدة مثل باكستان ونيجيريا، وتبقى الخيانة الزوجية في الولايات المتحدة محصورة بالقوانين المكتوبة بدون تطبيقها كما لا تتعرض الخيانة الزوجية للعقاب، إلا في حالة حدوثها بقوات الجيش الأميركي ومتى ألحقت الضرر بالنظام السائد أو بالقوات المسلحة. تبرز دلائل الخيانة في تفاصيل صغيرة قد لا تظهر إلى الملأ، لكنها تبدو جليّة لمن يراقب التصرفات اليومية الدقيقة للشريك الآخر التي تتبدل فجأة وجذرياً في إتجاهين، قد يبدأ الشريك بالإهتمام المفرط بنصفه الآخر في محاولة لتغطية الخيانة ومن منطلق شعوره بالذنب فيغدق عليه بالهدايا أو بالسؤال عن صحته وأحواله، وهو حال الزوج في الأغلب والذي يسعي لتغطية أفعاله. أما الحالة الثانية، فتكون اللامبالاة المفرطة وإستحالة التواصل بين الطرفين. ويكون الشريك الخائن، حساساً كثيراً لدى سؤاله عن أوقات فراغه فيبادر فوراً لتبرير التأخير بوابل من التفاصيل المملة أو يسارع لإفتعال مشكلة من لا شيء، هرباً من الحقيقة وقطعاً للطريق أمام أسئلة إضافية. وفي الأغلب، نجد الزوج يبالغ في الإهتمام بمظهره الخارجي وإن كانت الزوجة ليست ببعيدة عن هذا أيضاً.
الزوج آخر من يعلم
الشعور الأول الذي ينتاب الشريك هو الفضول للإطلاع على شخصية ذلك الشخص الآخر، الذي تمت معه الخيانة الزوجية والأسباب وراء تلك الخيانة. ويتساءل كيف تمكن هذا الشخص من سلب قلب الشريك أو عقله؟ كيف يبدو مظهره؟ هل هو طويل أو طويلة؟ ما لون عينيه أو عينيها؟ هل هو أجمل، أطول، أذكى منه أو منها؟ أين يلتقيان؟ ماذا يقولان؟ يقول علماء الإجتماع أنه يلزم تعلم كيفية التعامل مع شعور الغضب الذي ينتاب الشريك، ضحية الخيانة، منعاً للإستسلام والإنهيار أو القيام بتصرفات مدمرة له شخصياً فيما يشدد البعض على ضرورة اللجوء لطبيب نفسي أو صديق مقرب منعاً لفقدان الثقة بالنفس أو الشعور، بأن تصرف الشريك ناجم عن خطأ ما بالنفس أو عيب أساسي جعل الآخر يهرب نحو شخص آخر يجد فيه ضالته أو نصفه المكمل، قليل من الأزواج من يكتشف خيانة شريكه الآخر له، وكما يقول المثل «الزوج آخر من يعلم»، إذ أكدت الإحصاءات العلمية أن 70% من النساء و54% من الرجال لا يدركون أن شريكهم يخونهم. والخيانة لا تصبح مشكلة إلا عندما تطفو علي السطح وبشكل حاد وإكتشاف الحقيقة من الشريك الآخر، فالخائن يستطيع الحياة لسنوات في حياة مزدوجة بدون أن يرف له جفن، إلا إذا تم ملاحظة تغير واضح بالتصرفات اليومية للشخص الخائن إزاء من يخونه وهي التصرفات التي لم يعتد عليها الطرف الآخر. بعد انفضاح الخيانة، تبدأ المشادات الكلامية التي تفترض إثبات صدق التصرف في كل دقيقة، ويتم تبرير كل تصرف يشذ عن القاعدة كالبقاء طويلاً بعد ساعات العمل لحضور إجتماع طارئ.أو حتى زحمة السير قريباً من المنزل أو زيارتها لصديقة أو زيارة الكوافير. يبدو وكأن الشريك المخطئ، قد فقد السيطرة على أبسط التصرفات اليومية ليجد نفسه دوماً بخانة الإتهام ولا يملك الحق في الدفاع عن ذاته والتبرير لأي شيء. إنه المذنب الأول والأخير الذي نسف قواعد الحياة العائلية الهادئة. أما إذا كانت الخيانة متكررة، فالإنفصال هو الحل الأمثل مهما كان قاسياً ومدمراً على الزوجين. وتتساءل الزوجة، عندما يخونها زوجها، هل تستطيع ترك زوجها بسهولة؟ وماذا لو لم تجد معيلاً لها؟ وماذا عن الأطفال، هل تتركهم وترحل؟ أم هل تغفر لزوجها زلته وتبدأ حياتها على أسس جديدة متي أبدي الزوج الإعتذار؟ هل تنتقم منه أم تغفر له؟ وهل يكون العقاب بمقابلة الخيانة بالمثل ولو سراً؟ أسئلة كثيرة تضع الزوجة في حيرة ويصعب عليها إتخاذ القرار السليم وهي في حالة نفسية معقدة وقلقة وأمام ظروف معيشية صعبة. وفي حالة خيانة الزوجة وانفضاح أمرها، يكون وضعها أصعب وأكثر تعقيداً إذ لا تستطع تحمل تبعات خيانتها كما الرجل وقد تكلفها خيانتها حياتها وفي أبسط الأحوال، طلاقها من زوجها وقد لا يقبلها أهلها أو معارفها، وماذا سيكون مصيرها ومستقبلها؟ في حالة خيانة الرجل لزوجته، قد لا يكون الأمر مؤثراً على نفسه كما إذا خانته زوجته وهو الأمر الذي يلقي بتءثيرات نفسية جسيمة عليه. ففي حالة خيانته وربما طلاقه، يمكنه دوماً بدء حياته من جديد. عند إكتشاف خيانة الزوج، قد تفكر الزوجة كثيراً قبل إتخاذ قرار خاصة إن كان لها أهل يقفون بجوارها، ينتابها شعور بالهرب من ذلك الآخر، الذي حطم الثقة بداخلها. أما الزوج الخائنة، فالأمر لن يستغرق لديه تفكيراً طويلاً خاصة في حالة وجود أدلة إدانة بل يبادر بتطليقها. مشكلة الخيانة لا تجد لها حلاً سريعاً وإنما تتطلب فترة زمنية أطول ليتمكن الطرفان من إستيعاب تبعاتها وقد تصل أيضاً للطلاق، خاصة في حالة خيانة الزوجة، أما في حالة خيانة الزوج، فالطلاق والسير في إجراءاته قد تحسمه المرأة إن أرادت، وكانت تملك القدرة والإمكانيات على تحقيقه، أما اذا غفرت خيانة زوجها، تعود الأمور لطبيعتها. وللعلم، 17% من حالات الطلاق بالولايات المتحدة ناجم عن الخيانة الزوجية. والغريب ما تقوله دراسة إيطالية حول كون الخيانة وسيلة فعالة لتوطيد أواصر العلاقة الزوجية بشرط أن تكون عابرة وبدون روابط جذرية مع الطرف الجديد إذ سيعود الخائن لشريكه منشرحاً ولن يمل من الزواج مع عقدة ذنب صغيرة تجعله يتحمل أخلاق شريكه الصعبة أو التي لا تطاق أحياناً. هذا وتنصح دراسة فرنسية أخري الزوجين بإقامة العلاقات العابرة بعيداً عن المنزل حفاظاً على سريّتها ومتانة زواجهما، وبين الخائن والخائنة فارق كبير، تكشفه الأرقام العلمية وخاصة علي الإنترنت التي تشهد ازدحاماً ملموساً في عمليات الخيانة الزوجية بفضل غرف المحادثة التي تفتح الباب للتعرف لأصدقاء من الجنس الآخر. أشارت عدة دراسات إجتماعية إلى أنّ 37% من الرجال ممن يرتادون تلك الغرف يعترفون بأنهم أقاموا علاقات عابرة مع من حادثوهن هناك فيما يتدنى الرقم إلى 22% للنساء، وبعيداً عن الإنترنت، الوضع ليس أفضل بكثير إذ يعترف 24% من الرجال المتزوجين بخيانتهم مرة على الأقل خلال زواجهم فيما المتزوجات قمن بالخيانة بنسبة 14% منهن فقط، يختلف مفهوم الخيانة بين الرجل والمرأة أيضاً، إذ أن 46% من الرجال فقط يعتبرون إن علاقاتهم العابرة تعتبر خيانة فيما النسبة تتدنى إلى 35% لدي النساء. هناك من النساء من تبرر الخيانة بمبررات لا يمكن أن يقبلها عقل أو إنسان لديه كرامة وأخلاق. وتكون الدوافع المادية أحياناً تدفع الزوجة للخيانة لإشباع رغباتها فقد تكون طموحاتها المادية أوسع من إمكاناتها وفي أحيان أخري يكون إهمال الزوج وعدم إحترامه أحد دوافع الخيانة.
كيف يري الرجل الخيانة؟
يوضح د. شريف عبد العال أن أنواع الخيانة متنوعة ما بين جسدية وعاطفية وهناك خيانة تدخل في أدق تفاصيل الحياة، فحتى حينما ينظر الرجل لأمرأة أخرى غير زوجته ويستلذ بها فتلك خيانة. وحينما تحاول المرأة أن تخرج عن الحدود العامة في تعاملها مع الرجل بالأماكن العامة فتلك خيانة وتبقي الخيانة الكبرى هي تلك التي تهدم شرعية الزواج وتبيح للخائن أن يمنح من يخون معه كل حقوق الشريك. ويضيف عبد العال أنه متي أحب الرجل إمرأة أخري فهى خيانة إذ ترى المرأة أن الرجل سينقسم لجزئين فمن الممكن أن تغفر له العلاقة مع إمرأة أخرى ولا تغفر له حبه لغيرها. أما الرجل فمن جانبه يمكن أن يغفر لزوجته علاقة حب عابرة من وجهة نظره بريئة بيد أنه يستحيل أن يغفر لها علاقة جسدية مع غيره. وإجمالاً، ففي مجتمعاتنا الشرقية، مجرد الإعجاب يندرج ضمن قوائم الخيانة ويستوجب العقاب.
أضاف د. مدحت عبد الهادى «لا نستطيع أن نبدي رأياً قاطعاً فى هذا الموضوع بشكل عام فهناك ضعاف النفوس ممن سيتخذون تلك الآراء كرد فعل لتصرفاتهم وتبرير لأفعالهم ولكن إذا تأملنا مفهوم الخيانة، سنلاحظ أنه يختلف من مستوى ثقافة رجل لمستوى رجل آخر فهناك مواقف يعتبره رجل خيانة وهناك رجل آخر قد لا يراه خيانة علي الإطلاق فمثلاً قد يري رجل رسائل على موبايل زوجته ويعتبره أمراً عادىاً فيما يري فيه رجل آخر زنا. يعود هذا الإختلاف للتكوين الشخصى والنفسى لكل رجل علي حدة. إجمالاً، أري أن المرأة أكثر إخلاصاً من الرجل وإذا ما نظرنا للخيانة فهى تنقسم بين الرجل والمرأة معاً ودائماً تكون خيانة المرأة رد فعل من جهة إلا في أحوال قليلة. أسباب مفهوم المرأة للخيانة يعود لعدة مفاهيم خاطئة لدي المرأة إزاء الرجل وعدم مصراحتها له بتلك المفاهيم فتقرر بداخل نفسها أن تخون وألا تبقى الزوجة المخلصة ونتيجة أهمال الزوج لها وغياب الوازع الدينى وأحياناً إختلاف الثقافة وغياب الواعز الدينى وإنعدام الثقة بالنفس، تخون المرأة. أضف لذلك رفاق السوء ممن يقنعن المرأة بسلوكيات يصفنها بالعادية مثل «وإيه يعنى إنك يكون عندك أصدقاء ما كلنا عندنا أصدقاء رجال وكلنا متزوجين». أضف لذلك أيضاً غياب الزوج لفترات طويلة تحت بند الغربة لجلب المال والسعى وراء لقمة العيش وخصوصاً فى بداية سنوات الزواج وفى سن صغيرة لإمرأة تحتاج أكثر لوجود الزوج. وأخيراً وليس آخراً، هناك أيضاً الأنانية بصورتها المجردة لإمرأة تبحث فقط عن مصالحها دون النظر إلي أولادها وبيتها ومستقبل أسرة هي المسئولة الأولي عنها.
أما مراد نصرى فيدي نفسه من الرجال الذين لا يغفرون الخيانة للزوجة نهائىاً فمن عاشر المستحيلات غفران الخيانة أما أذا كانت حبيبة فستصبح صديقه عادية لأن المرأة مثلها مثل باقى البشر معرضة للخطأ والصواب وذلك لكونها أكثر عاطفية ويجب أن يحتويها الرجل. يري نصري أن المرأة تغيرت فأصبح أسهل حاجة لدىها أن تبيع وتتطلب الطلاق ربما أكثر من الزواج وتأكيدأً على أنه أكثر خطأ أن المرأة تطلب الطلاق وخراب البيت أكثر من الرجل كما أن الخيانةأصبحت موجودة فى مجتمعنا نتيجة لنقص الرجولة فأنا قلق على مستقبل بناتى عند مرحلة الزواج لانعدم الرجولة والشهامة فى المجتمع. تتعدد أسباب الخيانة لكون الزواج أصبح موضة ليس إلا كما ينبغي على الرجل أن يرى أخطائه دائماً كما يرى أخطاء زوجته لأن الخطأ يشترك فيها طرفين هما الرجل والمرأة وأخيراً يؤكد نصري على أننا نعيش بمجتمع شرقى يري المرأة جوهرة فإن خانت فقدت بريقها .
«مفهوم الخيانة وتطور كثيراً عبر العصور بيد أن الفارق ما بين الزوجين ظل واقعاً لا جدال فيه. فالمرأة غالباً ما توصف بالخائنة ويتم تحميلها كامل المسئولية حتى في حالة خيانة زوجها لها.»