تعاني المرأة المصرية والعربية ظروفًا لا تُحسد عليها، وبعد الثورات العربية ربما ازداد الأمر سوءاً من جراء الظروف الإقتصادية التي خلّفت مزيداً من الفقر والبطالة فأصبح العبء ضعفين على المرأة المعيلة التي تبلغ نسبتها 38% من إجمالي المجتمع المصري وفقاً للإحصائيات الرسمية، وبالرغم من أن بعض المجتمعات العربية تتمسك بطبيعتها الذكورية القمعية في مواجهة الأنثى الشرقية، فباتت تكبلها العادات والتقاليد التي تحتل المرتبة الأولى في تلك المجتمعات وبالرغم من سوداوية المشهد، فإن هناك نماذج من النساء المصريات اللاتي خرجن من رحم القمع المجتمعي ورفعن شعار «لا للعادات والتقاليد الزائفة سنفعل ما نؤمن به» وتحدين الظروف والمجتمع الذي يترصد لهن فالعديد من النساء اخترق مهن التي كانت حكراً علي الرجال وغابت عنها المرأة بشكل كلي بل إن بعضهن استخلفن الرجال بوظائف وضعت في الخانة الحمراء، قد تكون الحاجة والفقر والخصاصة وقلة ذات اليد وعدم حصول الزوج على عمل وقد يكون الطلاق أو الترمل خلف إلتحاقهن بمهن كانت لعقود طويلة حكراً على الرجال، وقد يكون الطموح والبحث عن التميز والعزوف عن المهن النسائية التقليدية كالتدريس والتمريض دافعهن للعمل بمهن رجالية، لكن القاسم المشترك بينهن هو النجاح وكسب الرهان، عددهن قليل، نافسن الرجال واقتلعن مكانهن وسط الزحام، زحام لا تسمع فيه إلا أصوات خشنة تعلو المكان لتغطي أصواتهن المتسمة بالرقة وتجعلها متلاشية وتكاد لا تسمع، إضطرتهن الظروف فقررن اكتساب القوة والجرأة والدخول إلى ميدان التجارة والبيع والشراء واتخاذ مكان ضمن عشرات الرجال. تلك هي الصورة المصغرة التي إلتقطناها من السوق المركزية بالعاصمة من خلال جولة قمنا بها لنصافح هؤلاء النسوة اللاتي استطعن الصمود وواصلن المشوار رغم كل الصعوبات والمشاكل فالمرأة الآن تستطيع أن تعمل بأي مهنة ولم نعد في حاجة إلى أن ندّعي أننا رجال كما فعلت سعاد حسني ونادية لطفي في فيلم للرجال فقط وإنما نتكلم هنا عن بعض المهن التي كانت مقصورة على الرجال وتمتهنها المرأة الآن.
أيوة أنا جاية
ولاء طيارة لم تهزمها ظروف الحياة الصعبة التي تعرضت لها فقد تعلمت قيادة الدراجات البخارية وقررت أن تعمل في مهنة الدليفري حيث تقود دراجتها البخارية وتدور بها في شوارع مصر القديمة لتوصيل الطلبات إلى الزبائن بمنتهى الفخر والقوة والإرادة. ومن المعروف أن مهنة الدليفري، لا يمتهنا سوى الرجال في البلدان العربية نظراً لإرتباطها الوثيق بأمرين، أولهما قيادة الدراجة النارية وهى وسيلة يحتركها الرجال وثانيهما في ظل انعدام الأمن قد تتعرض الفتيات اللائي يذهبن لبيوت الزبائن إلى بعض المضايقات التي ربما تتفاقم لتصبح مشكلات جسيمة قد تتعرض لها الفتاة وقد تودي بأمنها وربما يحباتها وسلامتها.
حلاقة شعر الرجال.. «وليه لأ»
إمرأة تدعى عبير تعمل حلاقة للرجال، عبير إمرأة مصرية تعلمت الحلاقة على أيدي أقاربها وعملت بعد ذلك كمساعدة حلاق لعدة سنوات، واستطاعت أخيراً أن تحقق حلمها الذي كافحت من أجله وأصبحت تمتلك صالون حلاقة خاص بها في منطقة مدينة نصر.
صباح سائقة التوك توك
الحاجة صباح سيدة مصرية عظيمة من منطقة الوايلي تعمل سائقة توك توك منذ أكثر من 12 عاماً بعد أن مرض زوجها بمرض السرطان ولم يعد لها مورد رزق يعينها علي إعالة أسرتها ومن ثم قررت أن تكافح ببسالة من أجل عائلتها وعملت سائقة توك توك من أجلهم وهي للحق سعيدة بمهنتها ولا يعنيها نظرة المجتمع المحيط بل تشعر بكثر من الفخر والإعتزاز ولا تأبه بمنافسة الرجال بل ربما تري في ذاتها القدرة الفائقة علي التفوق عليهم.
ماسحة الأحذية.. «وما له»
أم حسن إمراة مصرية توفي زوجها منذ أكثر من 16 عاماً وترك لها 5 أبناء من دون أي شيء يعينها على الحياة فقررت أن تكافح بنفسها من أجل أن تعيل أسرتها الكبيرة نوعاً فإقترضت مبلغ 50 جنيهاً من جارتها واشترت به صندوق ورنيش وجلست في الشوارع تمسح الأحذية وساعدت أولادها على مواصلة تعليمهم الجامعي وتعلمت هي أيضاً بإحدى الجامعات المفتوحة وحلمها اليوم أن تحصل بعد ذلك على شهادة الماجيستير. أم حسن تبدأ عملها من السادسة صباحاً وتستمر به حتي الساعة الرابعة عصراً فيما تقضي أيام الأسبوع بعضها طالبة في الجامعة والأخرى إمرأة كادحة على أحد أرصفة شوارع منطقة المهندسين.
أنا الأسطى بلية الميكانيكي
وفي الوقت الذي يدعي فيه بعض الرجال أن المرأة لا تستطيع أن تمارس وظائف بدنية، تعمل أول فتاة صعيدية في مصر وهي لقاء الخولي كميكانيكي سيارات، كسرت القواعد، وحطمت الثوابت العرفية. لم يكن أمراً مألوفاً على المجتمع الأقصري المحافظ الذي تحرم في بعض الأسر المتشددة فتياته من التعليم ويحجبهن في الصغر أن يقبل فتاة تحاكي الرجال في عملهم بل إن إرادة وتحدي لقاء ذات التسعة عشر عاماً كانت أصلب من كل العادات والتقاليد بسواعد رجل شرقي متفتح، هو والدها، الذي شجعها على امتهان ما تحبه، ونصحها بألا تعبأ بالناس، فقررت أن تتبع حلمها الخاص وتقف بجانب والدها في ورشة الميكانيكا، وتعلمت منه كل شيء حتى أصبحت أسطى ميكانيكي محترفة في عملها، تدير الآن ورشة والدها بنفسها، ولكن ما تحلم به وتسعى إلى تحقيقه هو أن يكون لديها مركز لصيانة وتصليح السيارات تعمل فيه النساء.