عرَّفته مُنظمة الصحَّة العالميَّة وصُندُوق سُكَّان الأُمم المُتحدة واليونيسف عام 1997 بكونه عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي لذلك أو مبرر لمثل تلك الممارسات. ويسمى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو ختان الإناث أو الخفاض وجميعها أسماء عديدة تعبر عن ممارسة بشعة تؤذي البنات الصغيرات بشل لا عودة منه لأحد أعضائهن الأساسية مع مستهل حياتهن بدون مبرر واضح سوي الجهل والموروثات الخاطئة التي لا يزال البعض علي قناعة بجدواها بل وضرورتها القصوي برغم التطور الكبير الذي لحق بالمجتمعات علي اختلاف أنواعها وفئاتها. هذ ولا زال هذا الوباء الخطير يتفشى علي نحو بالغ في بعض الدول ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر مصر والسودان والصومال والعديد من الدول الأفريقية وتظل مصر بكل أسف تحتل المرتبة الأولى ضمن أكثر الدول التي تتم فيها تلك الممارسات المجحفة.
لقد أدركت فئات عديدة من المجتمع في مصر خطورة ختان الإناث كأحد الآفات الإجتماعية التي تلقي بظلالها الوخيمة علي مستقبل الفتيات بها ومن ثم شنت العديد من الجهات في مصر عدد من حملات التوعية للقضاء على مشكلة ختان الإناث وذلك إثر إرتفاع عدد العمليات التي يقوم بها أطباء منذ عام 1995 وحتي عام 2014 وتضافرت الجهود الرسمية وغير الرسمية في محاولات جادة لوضع حد لمثل تلك الممارسات والموروثات البالية التي تضر بالفتاة نفسياً وجسدياً وربما عقلياً أيضاً في بعض الأحيان وتعوق دون ممارستها الحياة بصورة سليمة وصحية كما أعلنت مؤخراً وزارة الصحة والسكان ممثلة بقطاع خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية إطلاق حملة قومية للتوعية بهدف محاربة عملية ختان الإناث بمحافظات الجمهورية لما يسببه من ضرر نفسي وجسدي للمرأة المصرية وهو الأمنر الذي أسفر عن نتائج مرضية أظهرها المسح الصحي السكاني لعام 2014 وهي النتائج التي بشرت بتوقعات حول إنخفاض نسبة الختان في المستقبل القريب بين الفتيات في الفئة العمرية الصغيرة حيث تشير الإحصائيات إلى ختان 92% من السيدات اللواتي سبق لهن الزواج وفي الفئة العمرية من 15- 49 سنة، 56% من البنات في العمر في الفترة من 0- 19 سنة متوقع ختانهن وهو ضعف نسبة المختنات حالياً. إنها أرقام مفزعة للغاية بيد أن التعامل معها يتوخي كثير من الحذر وتكاتف الجهود فمن الصعب التعامل مع التقاليد البالية والموروثات الخاطئة الراسخة بالأذهان دفعة واحدة بل يحتاج تغييرها لوقت وكثير من الجهد والتوعية. وكان المجلس القومي للسكان قد أطلق حملة تلفزيونية تحت شعار «كفاية ختان بنات» وذلك خلال شهر يناير عام 2015 وهي الحملة التي استهدفت رفع التوعية بأضرار ختان الإناث وقد تجددت المحاولات مرة أخري خلال العام الجاري بحملة أطلقتها وزارة الصحة المصرية بين أن الأمر برمته الآن يحتاج لحركات علي نطاق أوسع وأكثر إلزاماً لتفادي تفاقم المشكلة وزيادة التحديات المرتبطة بها فيما يقع الدور الأكبر على عاتق القانون حيث تدور حالياً العديد من المناقشات في البرلمان حول تغليظ العقوبة على من يقوم بممارسة تلك العملية سواء كان طبيباً أو ممارس.
بعد تأكيد كل الجهات على أضرار تلك العادة المُسيئة، يظل السؤال معلقاً دون إجابة شافية لم لا يقوم الأزهر بتحريم ختان الإناث؟ في هذا الإطار، أكدت النائبة البرلمانية آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب أن الختان واجب على الرجل لحماية المرأة من الميكروبات والأمراض خلال العلاقة الحميمية بينما لا أصل ولا وجود له فى الشرع بالنسبة للمرأة كما أن أضراره كبيرة وشديدة الخطورة ليس علي صحة الفتاة الجسدية فحسب بل علي صحتها النفسية والفسيولوجية وهو الخطر الأكبر فضلاً عن كون الخطأ البسيط قد يتسبب في فقدان حياة. وعليه، فلِمَ لمْ يتم تحريم ختان البنات منذ سنوات عديدة لوضع حد لمعاناة كثير من الفتيات الصغيرات ممن لا ذنب لهن في تحمل عذاب غير مبرر وموروثات بالية عف عليها الزمن؟ فمن المنطقي أن تلقي قضية ذات خطورة مثل ختان الإناث اهتمام كبير وواضح من قبل كافة الجهات والهيئات من أجل إيقاف هذا الفعل الإجرامي إنطلاقاً من تحريم الله عز وجل لكل ما هو مؤذِ للجسد والعقل فما بالك بما يلحق الضرر بكليهما معاً؟
بعد كل هذا الجدل علينا التسليم بأن قضية ختان الإناث مشكلة متأصلة بمجتمعنا كنتيجة حتمية للجهل والعادات القديمة البالية التي لا تفسير منطقي لها ولا زال الكثيرون يتمسكون بها وبشدة برغم كونها تسبب الكثير من المشاكل التي لا حصر لها وتستمر في غرز الفكرة السلبية عن المرأة في المجتمع المصرية مع أن هذا يتضارب تماماً مع ما يمليه علينا الدين حيث لم تحث أياً من الأديان السماوية علي ممارسة القهر أو الإساءة لأحد فما بالك بفتاة في مقتبل العمر لا حول لها ولا قوة ولا قدرة لها علي مواجهة جهل المجتمع وإنكاره لحقها في حياة سليمة وصحية. إنه لمن البشع أن نقول أننا نحمي البنت من «نفسها» ثم نقوم نحن بتجريدها من العقل والروح عن طريق أذيتها في سلامتها الجسدية والعقلية ونسلبها إحساسها بذاتها وكيانها كما يحلو لها أن تشعر به. وبعد كل تلك الإهانة نتعجب من مجتمعنا بكونه غير سليم وغير سوي ويتفشى فيه كل معيبة فنحن لم نستطع الحفاظ على مكانة الفتاة التي أصبحت أم ولم نعطي للولد الذي أصبح أباً مثلاً إيجابياً لكيفية تكريم البنات، إتركوها كما هي فقد خلقنا الله في أحسن صورة وإختار لنا أفضل شكل وهيئة ولم يأتي لنا بما لا نطيق فلم نصنع نحن المآسي والأوجاع ونلحق الأذي بمن نحن في أمس الحاجة لهم لبناء الأمة ومستقبلها علي أسس سليمة وراسخة وقوية والأهم صحية ومتكاملة.