تشكل الخلافات والمشاجرات جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية فكل الأزواج يتنازعون وإن خجل البعض الإعتراف الصريح بذلك أمام الناس. وبعض الأزواج يخافون ويستبد بهم الهلع والقلق عندما يجدون أنفسهم وجهاً لوجه وأول خلاف بعد الزواج فيذهب البعض للإعتقاد بأنها بداية النهاية. فهل هذا الأمر صحيح؟ وهل يدق الشجار ناقوس الخطر مُعلناً قرب إرتطام السفينة وبما غرقها؟ لقد قام مجموعة من علماء النفس هم ديكسون تيرى وإمرأة تعمل مستشار للأزواج بدراسة من واقع التجارب التى مرت بحياتهم وغيرهم من الناس ،وخرجوا بنتيجة هامة وهى أن المنازعات الزوجية ظاهرة صحية ومطلوبة لحياة سليمة وقوية وممتدة. النزاعات ليست إذن بداية النهاية وإنما هي في واقع الأمر بداية البداية. إنها النقطة التي يبدأ عندها الرجل والمرأة في السعي جدياً للتنسيق ما بين طباعهما وميولهما وإحتياجاتهما وطموح كل منهما في الحياة. ولكن قليلون من يدركون الأسباب والدوافع الحقيقية للمنازعات التي تنشب بين الزوجين، وخاصة في السنوات الأولى للزواج وهو الأمر الذي قد يؤدي للفشل في حلها وما يترتب علىه من فشل الزواج ذاته. فالبعض قد يرى، كما قدّمنا، في الشجار كارثة تهدد زواجه وخاصة إذا وقع الشجار أو النزاع في الشهور الأولى للزواج إثر خطبة سعيدة دامت شهوراً طويلة لم يتخللها أي شيء يعكر صفو العلاقات الطيبة بينهما.
الرجل أكثر من المرأة
هذا الشعور الكارثة ينتاب الرجل أكثر من المرأة لعدة أسباب أولها كونها إختياره ولو كان هذا الإختيار بإرادتها ولكن القرار الأولي كان له. فالرجل هو الذي يُبادر ويتقدم طالباً يد الفتاة التي إختارها قلبه بعدما يُخيل له أنها فتاة أحلامه وكثيراً ما يصدق ظنه بيد أنه في أحيان أخري يخيب هذا الظن ويجدها الرجل بعد الزواج إنسانة غريبة تختلف تماماً عن تلك التي بمخيلته. وحتى هؤلاء، لا يجب أن يتصوروا أن حياتهم الزوجية قد إنتهت فليس من المعقول أن يجد الرجل صورة طبق الأصل منه في شريكة حياته وإن إستطاعت إيهامه بذلك خلال فترة الخطوبة، كما أنه أمراً طبيعياً فأبناء الأسرة الواحدة قلما يتشابهون وتتفق عاداتهم وما أكثر ما يتشاجرون ويتنازعون فما بالنا بالأغراب ممن لا يربط بينها سوى رباط المصاهرة. ويرى علماء النفس أنه متي أدرك الزوجان تلك الحقيقة وإقتنعا بها، قلت بينهما المشاجرات وتواري الخوف والقلق.. وإذا أدركنا أن أفضل وسيلة للتخلص من الغضب الذي ينتابنا أحياناً هي التنفيس عن الإنفعالات ودفعها للسطح، إستراحا وعرفا كيفية تكييف الحياة الجديدة والتخلص من أسباب الخلاف التي غالباً ما تكون صغيرة وتافهة. ويبقي السؤال كيف نُنفس عن الغضب؟ يري علماء النفس من خبراء المنازعات الزوجية أن أفضل وسيلة لتسوية أي خلاف ينشأ بين الزوجين، هي المناقشة الهادئة بالمنطق والحجة فقد يختلفا في طريقة قضاء وقت الفراغ أو السهرة في البيت وتبدأ المناقشة عادة في هدوء وتحتد بإصرار كل منهما على موقفه. وإذا ناقشنا موقف كلا الزوجين على حدة، وجدنا كلاهما علي حق ولو أدرك كلاً منهما ظروف الآخر لإنتهت أسباب الخلاف، ولو أمعن الطرفان النظر لإستطاعا بشيء من الحكمة وحسن التصرف التوصل لحل وسط. والأمثلة عديدة ومنوعة لأسباب المنازعات وهي تنبع في الأساس من إختلاف البيئة التي نشأ فيها كل من الزوجين وإختلاف الطباع والعادات بالإضافة لعوامل خارجية لها أثرها السلبي كتدخل الأقارب والحموات بصفة خاصة بالإضافة للأطفال وخاصة الطفل الأو،ل الذي يعلن وصوله بداية التوتر بالبيت نتيجة الجهد الذي تبذله الأم في العناية به وتربيته وما يترتب علىه من تعب وإرهاق. هذا وقد يؤدي إنشغال الأم بمولودها لإثارة الغيرة لدي الزوج الذي يشعرون بأن إهتمام زوجته به قد فتر، ويقول العالم النفسي النفس د. هارولد فلدمان، الأستاذ بجامعة كورنيل الأمريكية أنه قد ثبت من الدراسات التى قام بها علي شريحة الأزواج ممن يرزقون بأطفال كونهم الأكثر تعرضاً للمنازعات ممن لم ينجبوا أطفالاً بعد. وعليه، ينصح الزوجان بعدم التفكير في إنجاب الأطفال قبل التأكد من نجاحهما في تكييف طباعهما وأمزجتهما كيلا يكون وصول الطفل عبئاً جديداً عليهما وسبباً من أسباب إزدياد هوة الخلاف بينهما.
التسليم بحتمية النزاع
ويرى د. ألسون سميث أن الزوجين الحكيمين هما اللذان يسلمان في أوائل عهدهما بالزواج، بأكون الخلافات أمراً حتمياً ولا مفر منه ثم يتفقان على أسلوب الشجار والطريقة المثلي لحل خلافاتهما، فهناك فارق كبير ما بين أن يختلف رجل مع إمرأته على أمر بعينه ثم يجلس الإثنان ويبحثان خلافاتهما بهدف الوصول لحل لها وبين أن يختلف الزوجان ثم يتضح أن السبب الأساسي لهذا الخلاف هو رغبة كلاً منهما في فرض شخصيته أو كلمته. وأسوأ ما يمكن أن يحدث بين زوجين أن ينشب النزاع في مكان عام أو أمام الأقارب أو الأصدقاء مما يتيح المجال للغرباء بالتدخل ونصرة رأي أحد الزوجين على الآخر. وتكون النتيجة النهائية دوماً في تلك الحالة هو تمسك كل طرف برأيه في محاولة لحفظ ماء وجهه فضلاً عما يثيره هذا التدخل من شعور لدي الزوجين بأنهما أصبحا غريبين مما يُؤثر سلباً علي مستقبل العلاقة الزوجية. وعليه، فأي شجار ينشب بين الزوجين يجب أن يُسوّى بينهما دون أن يتركا المجال لأحد مهماً كانت علاقته بهما بالتدخل لفض ولو لمحاولة الإصلاح. لا ينبغي أيضاً أن يُسمح للأطفال بسماع ما يحدث بين أبويهم من مشادات برغم تأكيد أغلب النظريات العلمية الحديثة علي كون المناقشات، وإن إحتدت بين الوالدين أمام الأطفال ليست بالشيء السيئ أو غير المحبب بل على العكس فهي تجربة أساسية في حياة الطفل إذ تُزيل الخوف الذي يساوره من نتائج الشجار طالما تعلم أن النزاع يصل لنهاية سعيدة. ثم أن رؤيته للشجار أفضل بكثير من محاولة إخفائه عنه فهي محاولة غير مجدية وقد تُضر به وتترك العنان لخياله. تصور طفلاً في الخامسة أو السادسة مثلاً وقد بدأ والداه مناقشة أمامه ثم ما لبثا أن شعرا أن الصوت قد إرتفع فتركا الطفل ودخلا الغرفة وأغلقا الباب. تُرى كيف يكون حال الطفل وهو يسمع صوت أبيه وأمه دون أن يدري ماذا يحدث بينهما؟ إنه يصاب بعقد نفسية لا سبيل لشفائه منها. ويبقي الأهم ألا تتخذ تلك المناقشات طابع العنف أمام الأطفال بل تكون مناقشات بناءة. الهدف منها أولاً وأخيراً التقريب بين وجهات النظر وتسوية الخلافات حفاظاً على كيان الأسرة. وأخيراً، لا يجب أن ننزعج لما يحدث من منازعات فالشجار دلالة صحية وزواج بلا منازعات وبلا شجار، هو زواج ميت أو علي وشك النهاية أو هو أخيراً زواج يعاني من سوء التغذية العاطفية.
عن الوجه الأخر
يقول فهمى رضا (28 عاماً) والمتزوج منذ عام أن هناك تغيير للأفضل إذ بدأ الشعور بالمسئولية والإستقرار والوصول للطريق السليم فى الحياة بمعنى أدق المشى على الصراط المستقيم، كما أكد أن الطبع لايتغير بعد الزواج فهو نتيجة جملة عادات وتقاليد كل شخص منذ ميلاده. بيد أن رضا أكد علي كونه حالة خاصة فهو غير متواجد بالبيت أغلب الوقت نظراً لطبيعة عمله كما تحدث حالة غيرة أحياناً من قبل زوجته بسبب قضائه فترات طويلة خارج المنزل مع الأصذقاء.
أما مروة شكرى (37 عاماً) فمتزوجة منذ ثلاث سنوات وتقول أن ما يحدث بعد الزواج هو حب الإمتلاك فبعد مرور شهر العسل، يبدأ الوجه الآخر في الظهور ويظهر الزوج على حقيقته وطبيعته، كما أوضحت بعض الأسئلة التى يكرهها الزوج مثل «أنت فين وبتعمل إيه ومين معاك وحترجع الساعة كام وغيرها. وينبغي على الزوجة ألا تُطلع زوجها علي نقطة ضعفها إذ يبدأ في التعامل معها من خلالها وقد يستغلها ضدها في بعض الأحيان.
هذا وتري ندى رشاد (25 عاماً) والمتزوجة منذ سبعة أشهر فقط أن زوجها تغير للأحسن وبدأ في تحمل المسئولية بجدية وأصبح يراعى شئون المنزل وبدأت تحس بالحنان من قبله ومشاركة الحياة سوياً ويهتم بالزيارات العائلية بيد أن عصبيته وغيرته زادت بشدة أكثر من أيام الخطوبة.
وأخيراً يؤكد كريم حسن (28 عاماً) وهو متزوج من ثمانية أشهر علي كون الرجل يتغير بعد الزواج ويصبح أكثر مراعاة لشعور الزوجة وأن مبدأ المشاركة في الحياة أساسي لتصبح العلاقة أفضل وأقوي ويظل الكيان قائماً كما لابد من المشاورة فى كل شيء سواء حاضراً أو أمر مستقبلي فالحياة الزوجية ما هي سوي شركة مكونة من شخصين وعندما يأتي طفل يصبح شريكاً بها.