تظهر الأبحاث والدراسات تزايد أعداد الأطفال المصابين بالسمنة، وهو الأمر الذي يعود في الأغلب لأسلوب الحياة. ويكون للسمنة عادة تأثير سلبى على حياة الطفل، مما يضع علي عاتق الأم مهمة جسيمة للحفاظ على لياقة الطفل البدنية والتى تحتاج لعناية خاصة وتدريب دائم.
تُمثل الرياضة عنصراً أساسياً للحفاظ على حياة الطفل وصحته، مع الوضع فى الإعتبار أن عدم ممارسة الطفل للرياضة وجعلها جزءاً من حياته أمر لن يجعله بصحة جيدة. وعلى الأم أن تجعل الرياضة جزء من روتين طفلها اليومى وجزء من حياته ليصبح الأمر طبيعياً بتقدم الطفل فى العمر. يجب أن تُتاح الفرصة أمام الطفل بسن المدرسة لممارسة الرياضة والأنشطة المناسبة لعمره وإهتماماته وقدراته. يجب أن تكون الرياضة جزء من روتين الطفل اليومى، ويمكن لطفلك أن يكون نشيطاً بممارسة بعض الأمور كالمساعدة بمهام المنزل. مع توفر بعض الآلات الرياضية بالمنزل. علي الأم أن تحاول ممارسة بعض الأنشطة الرياضية مع طفلك مع تقليل وقت مشاهدة طفلك للتليفزيون مع تقييم حالة الطفل البدنية ومستوى لياقته. يجب على الأم أن تدرك أن كل طفل مختلف جسمانياً عن الآخر وأن الطفل قد يكون قوياً فى بعض النقاط وأكثر ضعفاً بمناطق أخرى. ويجب على الأم أن تدرك أيضا أن الطفل فى السن الصغير قد يكون أكثر عُرضة للإصابة وعلى الأم أيضاً أن تقوم بوضع خطة لطفلها لتساعده بها في الحفاظ على لياقته البدنية، عليها التفكير فى هواياته وإهتماماته ومهاراته ومواهبه، فإذا كان طفلك يميل للفنون القتالية فساعديه على لعب الكاراتيه مثلاً، وإذا كان إجتماعىاً، شجعيه على الرياضة الجماعية. يجب أن تضم خطة الحفاظ على لياقة طفلك البدنية عدة أنشطة مختلفة علي أن يمارس طفلك الرياضة لمدة 60 دقيقة يومياً مع تخصيص ثلاث ساعات أسبوعياً لتمرين العضلات والعظام. يجب أن يكون أيضاً نظام طفلك الغذائى صحياً ويشمل اللحوم اللينة والخضراوات والفواكه مع البعد عن السكريات والدهون غير الصحية. قومى أيضاً بإختيار مدرب خاص لطفلك ليضع له برنامجاً للحفاظ على لياقته البدنية على أن يكون المدرب على دراية جيدة بكيفية التعامل مع لياقة الطفل البدنية وتحسينها. إن الطفل أحياناً قد لا يتمكن من التركيز على أمر معين لفترة طويلة، ولذلك فإذا واجهت صعوبة فى جعل طفلك يمارس الرياضة لمدة ساعة يومياً، يُمكنك تقسيم تلك المدة لمجموعات صغيرة مدتها 20 دقيقة. إذا كان طفلك ممن يمارسون الرياضة فبالتأكيد قد يكون مُعرضاً للإصابة، لذلك يجب عليه أن يكون مرتدياً لما يحميه كالخوذة. وبالإضافة لما سبق فإن طفلك إذا كان يمارس رياضة معينة فقد يتعرض للشروخ بسبب الإجهاد وقد يتعرض لإصابة المفاصل. أما إذا كان طفلك مصاباً بمرض مزمن فلا يجب منعه من ممارسة الرياضة مع بعض التعديلات ببرنامج اللياقة البدنية طبقاً لحالة الطفل مع إستشارة الطبيب حول الأنشطة التى يمكنه ممارستها.
ولعل اللعب هو نشاط حركي ضروري وهام في حياة الطفل فاللعب والرياضة يعملان علي تنمية العضلات وتقوية الجسم وهنا يؤكد عدد من العلماء أن هبوط مستوى اللياقة البدنية لدي الطفل يكون نتاج تقييد حركته بالمنزل فمن خلال اللعب يحدث للطفل التكامل اللازم بين وظائف الجسم الحركية والإنفعالية والعقلية التي تشمل التفكير. أما علي المستوي العقلي، فالرياضة واللعب لا ينتهي الكلام عنهم والمداومة عليهما تساعد الطفل علي إدراك العالم الخارجي من حوله ومع تقدم عمره، يتمكن من تنمية مهاراته بممارسته لألعاب أو رياضة معينة. ويُلاحظ أن الألعاب التي يقوم خلالها الطفل بالإستكشاف والتجميع وغيرها من أشكال اللعب الذي يميز مرحلة الطفولة المتأخرة تثري حياة الطفل العقلية بمعارف كثيرة عن العالم الذي يحيط به. ومن خلال ممارسة الطفل رياضة أو نشاط بعينه، ينمو إجتماعياً ففي الألعاب الجماعية يتعلم الطفل النظام ويؤمن بروح الجماعة ويدرك قيمة العمل الجماعي والمصلحة العامة والعكس صحيح. فلو جربنا ألا يُمارس الطفل أية ألعاب أو رياضة مع أطفال مثله تجده يميل للأنانية والعدوانية ويكره الآخرين بعكس ما هو واقع باللعب الذي يساعده علي التواصل ويجعله يحيا داخل إطار إجتماعي سليم.
هذا ويُسهم اللعب في تكوين النظام الأخلاقي المعنوي لشخصية الطفل فمن خلال الرياضة، يتعلم الطفل أخلاقيات وسلوكيات الصدق والعدل والأمانة وضبط النفس والصب علاوةً علي الشعور بالآخرين وضرورة دعم علاقاته معهم. لذلك ننصح الآباء والأمهات عدم تقييد الأطفال بالمنزل فممارسة اللعب والرياضة تساعدان علي نمو الطفل وتطوير قدراته. هذا ويختلف الأطفال في طباعهم وسلوكياتهم وهذا يرجع فى الوقت ذاته لطبيعة البيئة الإجتماعية التى ينشأون فيها وإلى العوامل الوراثية التى يولدون بها وتلك الإختلافات تتطلب من الآباء والأمهات توجيه أطفالهم ورعاية رغباتهم بما يضمن تبلور شخصيته على النحو الأمثل. ومن أحدث الدراسات المتخصصة برعاية الأطفال ومساعدتهم على بلورة شخصيتهم الخاصة والتي قام بها العالم الفرنسي كريستان موندال والمتخصص برياضة الأطفال وهي الدراسة التي تمكن الوالدين من إختيار الرياضة المناسبة بحسب ميوال وطباع كل طفل علي حدة. فلمن لديهم طفل ودود ويحب مصادقة الناس بسرعة تُنصح الأم بتوجيهه نحو كرة القدم بدء من سن 7 سنوات إذ تساعده على بلورة ميوله الطبيعية فى وضع مميزاته الشخصية فى خدمة الجماعة دون أن يؤدى لإنتهاء شخصيته وسقوطه بفخ التقليد غير التلقيدى الأعمى. أما إذا كان طفلك عنيد وسريع الغضب، يُنصح بتوجيهه لرياضة الجودو بدء من سن السادسة إذ تُعلمه أن مقياس القوة ليس فيمن يهاجم ولكن القوة فى ضبط الأعصاب وإختيار اللحظة المناسبة لإثبات قوته وقدراته. وأخيراً، إذا كلن طفلك عنيد ويميل إلي التسلط والتمسك الشديد بآرائه أو بعبارة أدق «دماغه ناشفة»، فيُنصح بتوجيهه نحو ركوب الخيل إعتباراً من سن الثامنة إذ تعلمه الإنضباط والمنهجة دون كبح تطلعاته للقيادة والرغبة في السيطرة والإمساك دوماً بزمام الأمور.