يُحاول 62% من الرجال كما يقول المثل «قطع رأس القطة منذ البداية» أي إقناع المرأة بأن العلاقة الزوجية بيد الرجل لكونه القائم علي حماية الأسرة والإهتمام بالنواحي المادية والإدارية. ظل هذا الأسلوب سائداً منذ خمس عقود أو أكثر، واليوم، تبدلت الأمور وأصبح من الصعب على الرجال تغيير شخصيات النساء فالمرأة أصبحت أكثر وعياً وذكاء وإدراكاً لحقوقها وإلتزاماتها. ومتي تجاوز الزوج حدوده فهي قادرة على التنبيه لتتغير الأمور. تتسع الفجوة إذ لا زال الرجل يحاول ممارسة أساليب كثيرة لإجبار المرأة على الرضوخ والتقليل من شأنها ودورها في الحياة الزوجية.
أوضحت دراسة برازيلية حديثة من خلال إستطلاع للرأي أجرته بين صفوف نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة إمرأة عبر الإنترنت، ومن جميع الجنسيات أن نسبة 35% من النساء لا يزلن عُرضة لما يُعرف بالتعذيب العاطفي أي ضرب الرجل على الوتر العاطفي لإشعار المرأة بأنها أقل شأناً منه فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية. فإهانة المرأة الشخصية تُمثل أكبر وأقذر طريقة لتعذيبها عاطفياً، وهناك رجال لا يكلون ولا يملون من محاولة إشعار المرأة بأنها المخلوق الذي ينبغي عليه أن يتبع الزوج في كل شيء وأي شيء وأنه ينبغي ألا يكون لها رأي في أي شيء. هذا ويُمثل التعذيب العاطفي كما أشارت الدراسة نوعاً من تحطيم القيمة الفردية فيما يُشكل إساءة كبيرة علي الصعيد النفسي لشخصية المرأة كما أن الجروح المعنوية للتعذيب العاطفي لا تقل خطورة عن الجروح النفسية الناجمة عن الأمراض والعقد النفسية.
هناك عدد من الأسئلة تُمثل في مجملها تعذيباً عاطفياً يمارسه الرجل بحق المرأة وجميعها ليست في محلها منها أن ينتقد الزوج طريقة إرتداء المرأة لملابسها مهماً بلغت درجة أناقتها. هناك أيضاً رجال ماكرون يمارسون أسلوب طرح أسئلة ليست في موضعها كنوع من أنواع التعذيب والإذلال وبهدف إشعارها بأنها ليست على ما يرام وبأنها ليست زوجة جيدة دون أن تعلم المرأة أن مثل تلك الأسئلة تهدف -في المقام الأول- إلى إشعارها بأنها عديمة الأهمية وأن وجودها غير ذي جدوي. وبرغم كون الزوجة تعلم جيداً أن تلك الأسئلة التي يطرحها الزوج ليست في محلها ولكنها تأخذ الإنتقادات التي يوجهها لها الزوج على محمل الجد بل ولا تأخذ في الإعتبار ذلك الأسلوب الساخر الذي يستخدمه لطرح أسئلة سخيفة. فمثلاً بعد أن تُعد الزوجة لزوجها طعاماً على الطريقة التي يريدها، فإنه يبدأ بطرح أسئلة مثل «أنت لن تتعلمي أبداً الطبخ» أو «أنت لا تعلمين ما الذي يحبه زوجك من طعام» أو «كمية الملح زائدة على الحد أو أقل مما يجب» برغم أن الزوجة قد تكون استخدمت كمية ملح مناسبة للمذاق الذي يُحبه الزوج وغيرها من تلك الأسئلة السخيفة التي لا يوجهها في الأغلب الرجل العادي الذي يحترم زوجته ويُقدر دورها الكبير سواء بحياته أو بحياة الأسرة والأبناء ككل..
تتُشير الدراسة إلي إن على المرأة التي تقوم بواجباتها الزوجية على أكمل وجه، والتي تتعرض دوماً لإنتقادات ليست منطقية من قبل الزوج أن تعلم جيداً أنها ليست المشكلة أي أن المشكلة ليست فيها وإنما في زوجها ورغبته في تحطيمها نفسياً وعاطفياً وربما إنسانياً أيضاً. ربما لا تُدرك المرأة كون الهدف الأساسي من مثل تلك المُمارسات وهو تعذيبها عاطفياً. وعليه، تُوضح الدراسة مجموعة من العلامات التي تُظهر نوايا الزوج الخفية في التعذيب العاطفي ومنها محاولاته لجعل المرأة دوماً في عصبية دائمة لتمشي على البيض دون أن تكسري أو مطالبته بتغيير وظيفتها إذا كانت موظفة برغم أن عملها أمراً ضرورياً بالنسبة لها. أحياناً يلجأ الرجل لمحاولة إظهار غيرة شديدة بدون مبرر، وقد يصل لحد إتهام الزوجة بمغازلة رجال آخرين لمجرد الإنخراط معهم بأحاديث ولو كانت قصيرة وسطحية. قد يُحاول زوجك المريض -كما تصفه الدراسة- أيضاً أن يعلم بشكل مستمر أين كنت وإلى أين تذهبين ومع من تتحدثين حتى ولو كنت مع صديقاتك المقربات التي يعرفهن جميعاً أو يجعلك تفقدين الثقة في نفسك علي كافة الأصعدة. جائز جداً أن يشتمك بكلمات بذيئة أو ينتقدك بشكل متواصل علي نحو يجعلك تشعرين وكأنك لا تعرفين كيفية القيام بأي شيء بشكل صحيح كما يضع اللوم عليك في أية مشكلة تقع في إطار العلاقة الزوجية. قد يقوم زوجك أيضاً بالتفتيش في هاتفك المحمول ويحول أي شيء إلى عاصفة عارمة ضدك كما يُجبرك على فتح صفحة الرسائل الإلكترونية الخاصة بك ليقرأ الإيميلات والرسائل الخاصة بك ومن ثم ينتهك بدون مُبرر خصوصيتك ويحرمك من التمتع بأي شيء خاص. قد يذهب الزوج لأبعد من ذلك فيُجبرك على تغيير أسلوب حياتك وشخصيتك كأن يُجبرك على التوقف عن ممارسة هواية تحبينها أو يتهجم على مبادئك وقيمك في الحياة.
تنصحك الدراسة أن تعلمي جيداً أن قيام الزوج بمثل تلك الأفعال لهو دليل قاطع علي رغبته في تعذيبك وإذلالك عاطفياً وليس جعلك أفضل وهُناك رجالاً يقولون إن المقصود هو تعليمك أصول الإتيكيت أو فن التعامل مع الآخرين وغيرها من الأكاذيب فإذا لم تكن بشخصيتك أية مشكلة، فإعلمي أن المشكلة فيه هو والأفضل أتركيه.