فى الربع الأول من كل عام، يحرص مشايخ ووجهاء قبيلتى المـزيــنة والتـرابـين وهما أكبر قبيلتين فى سيناء على تقليد بدأ منذ عشرات السنين وهو سباق الهجن الذي كان الهدف منه في البداية مجرد توطيد العلاقات بين شباب القبيلتين فى منافسة شريفة ويقوم بالإشراف عليها أكابر ومشايخ القبيلتين وتطور الأمر بمرور الزمن وأمسي سباق الهجن في سيناء من أهم الأحداث التي يحرص الجميع علي متابعتها كما أنها تكون فرصة جيدة لتبادل الآراء وحل المنازعات الفرعية فى جو أسرى يعبر عن مدى أصالة وترابط القبيلتين. وكذلك قد ينشأ من خلالها تعاون مشترك فى بعض أمور الحياة ما بيت سكان البادية. ورغم رغبة العديد من القبائل السيناوية الأخرى فى المشاركة، إلا أن المجلس المشترك لقبيلتى المـزينة والتـرابـين رفض ذلك تماماً وبصورة قاطعة.
حول القبائل السيناوية
سكان سيناء الأصليون هم من سلالة المصريين القدماء، إضافة إلي البدو ممن نزحوا إليها في عصور مبكرة من شبه الجزيرة العربية والأردن وفلسطين إبان الفتح الإسلامى لمصر. وحياة البداوة هي الغالبة علي هؤلاء السكان. أما عن الأنشطة الرئيسية فهي تربية الإبل والغنم بجانب زراعة النخيل والزيتون والخوخ ومنهم من يعمل بصيد الأسماك والطيور، وقد تطورت بعض تلك الحرف إثر إنتشار أنماط جديدة من الأنشطة الإقتصادية وبخاصة السياحة. أما التوزيع الجغرافي للسكان، فهو يرتبط بتضاريس سيناء ومصادر المياه، فالنسبة الكبيرة من السكان تتمركز في المناطق الشمالية المحصورة بين البحر المتوسط وتشمل العريش ورفح والشيخ زويد وبير العبد والقنطرة وتعتبر مراكز التجمع الأساسية للسكان، ثم السهل الساحلي الممتد بطول خليج السويس ويضم الطور وأبو رديس وأبو زنيمة ورأس سدر. وفي السنوات الأخيرة تزايدت تجمعات السكان بمناطق التنمية الجديدة التى إزدهرت فيها السياحية والزراعة والتعدين, مثل شرم الشيخ ودهب ونوبيع وسانت كاترين وطابا، كما تنتشر تجمعات سكانية عديدة وسط المناطق الجبلية بوسط سيناء مثل الحسنة ووادي فيران وغيرها. وتشيع بين قبائل البدو عدة قيم إيجابية كالشجاعة والكرم وحب الضيافة وعزة النفس وأغلب عادات وتقاليد البدو تُمثل تُراثاً ثقافياً هاماً يحرصون علي إحيائه والحفاظ عليه.
المـزيـنة.. من قلب الحجاز
أكبر القبائل السيناوية عدداً وإنتشاراً بمصر. تنحدر في نسبها وأصولها التاريخية من قبيلة مزينة العريقة وموطنها الأصلي الحجاز وإقليم نجد وهى من القبائل العربية القديمة. ويعود أصل المزينة بجنوب سيناء إلي سبعة رجال نزحوا من الحجاز قبل خمسة قرون إلى جنوب سيناء فيما تفرق منهم أربعة بفلسطين والشام وظل ثلاث فقط بجنوب سيناء. وقد كان لأبنائها دوراً بارزاً فى مساعدة قواتنا المسلحة خلف خطوط الإحتلال الإسرائيلى إبان إحتلال إسرائيل لسيناء عام 1967وإستمرت بطولاتهم أثناء حرب الإستنزاف حتى عادت سيناء بعد حرب أكتوبر 1973. ومؤخراً، إتجه أغلب أفراد المزينة للعمل بالسياحة ويمتلك عدد كبير منهم مخيمات سياحية وفنادق ومراكز غو، كما أن معظم الرحلات السياحية تتم بمناطق المزينة بشرم الشيخ ودهب ونويبع وهم معروفون بقدرتهم على تنظيم الرحلات السياحية.
التـرابـين.. والأصل وادي تربة
الترابين هي قبيلة عربية بدوية تنتمي إلى قبيلة البقوم بالحجاز وكانت منازلهم قديماً في وادي تـربـة شرقي مكة وأخذوا إسم الترابين نسبة للوادي وهى الأكبر تعدادأ فى القبائل السيناوية إذا أضفنا أبنائها المنتشرين بصحراء النقب غرب بئر السبع وداخل سيناء بشمال مصر وجنوب الأردن وداخل فلسطين. ويُروى قديماً أن السلطان عبد الحميد، السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية قام بإعطاء وثيقة بخط يده لتأمير قبيلة الترابين على منطقة جنوب فلسطين. وتتميز المناطق التى تحيط بهم بالمناظر الطبيعية الخلابة التى تجذب السائحين ومنها رأس شيطان ووادى وتير والكانيون الملون والمعجنة.
حول السباق
تم إختيار مكان السباق في وادى الزلجة القريب من مدينة نويبع ولم يكن الأمر وليد الصدفة فهذا الوادى يُعد من أوسع وأطول الوديان فى سيناء إذ يبلغ طوله قرابة 55 كم تقريباً كما أنه يتميز بالمناظر الطبيعية الخلابة والرمال الممهدة والبعد النسبي عن مناطق السيول المائية ولذلك لا تتأثر رماله كثيراً بما يعيق إنعقاد السباق والأهم أنه يتوسط المسافة بين الأراضى التى تعيش فيها القبيلتين. تمتد منازل المـزينة من الجزء الجنوبى لمدينة نويبع وتتجه جنوباً إلى مدينة الطور، أما منازل التـرابـين، فتبدأ من الجزء الشمالى لمدينة نويبع وتتجه شمالاً مع الحدود المصرية إلي رفح. هذا العام، كان أغلب المشاركين من الشباب ممن تتراوح أعمارهم ما بين العاشرة والرابعة عشر فيما كانت أحياناً تصل في الماضي إلي الستين. وفر إنطلاق إشارة البدء، إنطلقت الجمال وبجوارها سيارات الدفع الرباعي تقل العديد من أبناء القبيلتين لتحفيز ذويهم بالقيادة إلى جوارهم وشهد السباق عدد كبير من السائحين وزوار المنطقة بالإضافة لأبناء القبيلتين.
وكما جرت العادة، يتم إختيار الهجن وتعني صغار الجمال وشبابها على أساس القوة والصحة والسرعة حيث أن مسافة السباق تصل إلى 30 كم. وللعلم، قد يصل سعر الهجن واحد إلي 120000 جنيهاً مصرىاً ويحتاج لرعاية وتدريب تصل لشهور طويلة قبل فاعليات السباق فيما يبدأ تدفق المشاهدين والمشاركين على الوادى منذ اليوم الذى يسبقه بغرض المبيت والإستمتاع بالسفارى والمخيم والتحضير ليوم السباق. وكالعادة أيضاً، يتم التبرع لإقامة السباق من قبل وجهاء وأكابر القبيلتين بغرض شراء الكؤوس والجوائز النقدية والتي تفوق50000 جنيهاً وتتراوح عادة في الأساس ما بين 20000 و50000 جنيهاً.