عندما تزوجت الملكة ماري ملكة إسكتلندا زوجها الأول فارنسس دوفن ملك فرنسا وكان ذلك خلال عام 1559م، إرتدت بدلة بيضاء بل ناصعة البياض إذ كان اللون المفضل الأقرب لقلبها والمفضل لشخصيتها برغم كون اللون الأبيض كان اللون الذي يُلبس في المآتم لدي الفرنسيين آنذاك وكان يعبر عن قمة الحزن والمأساة. بيد إنه تاريخياً تعتبر فيليبا الإنجليزية أول أميرة في التاريخ ترتدي البدلة البيضاء في زفاف ملكي وكانت قد إرتدت قلنسوة بيضاء من الحرير أيضاً. وعليه، ظل اللون الأبيض إختيارياً لتقليد حفل الزفاف حتي جاءت المكلة فيكتوريا وجعلت منه تقليداً خالداً لم ينتهي حتي اليوم. من يومها، لم يصبح اللون الأبيض خياراً إجتماعياً ففي عام 1840م وهو العام الذي شهد زواج الملكة فيكتوريا من البيرت، كانت الملكة قد إختارت اللون الأبيض الشديد النصاعة ليعبر عن فرحتها بالزواج ويظهر بشدة ووضوح التطريزات الدقيقة التي تملكها وتم نشر لوحة الزفاف وبدت الملكة ساحرة في فستانها الأبيض. ومن ثم، بدأت كثير من السيدات تخترن اللون الأبيض مقتديات في ذلك بالملكة فيكتوريا. وبهذا كان التأريخ لأول من إرتدت الفستان الأبيض وسارت نساء العالم علي نهجها.
إنها ملكة بريطانيا العظمى وأيرلندا كما أصبحت إعتباراً من عام 1876م إمبراطورة الهند وحملت هذا القلب أيضاً حتي وافتها المنية. إنها سليلة أعرق العائلات الملكية الأوروبية فهي حفيدة الملك جورج الثالث وتنتمي لأسرة هانوفر ذات الأصول الجرمانية العريقة كما كانت فيكتوريا آخر حاكم بريطاني يترك بصماته الواضحة على الحياة السياسية في البلاد. عاشت الملكة فيكتوريا في لندن، أوزبورن، جزيرة ويت وهي من مواليد الرابع والعشرين من شهر مايو عام 1819م وكان تتويجها ملكة قد جاء إثر وفاة عمها الملك ويليام الرابع كما أنها تزوجت عام 1840م من ألبرت من ساكس-كوبرغ-غوتا والذي مات متأثراً بمرض التيفود عام 1861م ولم يكن قد تجاوز وقتها الثانية والإزبعين من عمره. أنجبت الملكة فيكتوريا تسعة أطفال منهم أربعة أبناء وخمس بنات وهم بالترتيب الأميرة فيكتوريا الإبنة، الأمير ألبرت إدوارد، الأميرة أليس، الأمير ألفريد، الأميرة هيلينا، الأميرة لويز، الأمير آرثر، الأمير ليوبولد والأميرة بياتريس وكانت الأخيرة الأقرب لوالدتها ومرافقتها الدائمة طيلة سنوات عمرها وحتي وفاتها. حصلت الملكة فيكتوريا علي لقب «أم أوروبا» وذلك لأن أغلب الأسر الملكية والعائلات النبيلة في أوروبا اليوم تنتسب لذريتها وتنحدر من نسلها ونسل أبناءها وأحفادها ويشترك معها في ذلك كريستيان التاسع ملك الدنمارك الذي نال لقب حمو أوروبا. كان لها أيضاً دوراً فعالاً علي صعيد الحياة السياسية إذ شاركت رؤساء الوزارة في إتخاذ القرارات وإصدار التشريعات وكانت إستشاراتها دوماً شديدة الفاعلية والموضوعية وجديرة بالإعتبار. ورغم ذلك، حرصت الملكة فيكتوريا -تمام الحرص- علي تفادي المواقف السياسية المعلنة فلم يكُن لها موقفاً معلناً إزاء الأحزاب والقوى السياسية في البلاد بوجه عام بل كانت تحاول دائماً الظهور كطرف محايد لا دور له في التأثير علي سير الحياة السياسية آنذاك.
إثر وفاة زوجها الأمير ألبرت عام 1861م، فضلت الملكة الإنسحاب شبه الكامل من الحياة العامة بأسرها بيد أن ذلك لم يمنعها من الإستمرار بمنصبها حتى أصبحت فترتها هي الأطول في تاريخ الحكم في بريطانيا العظمي. وعليه، تم تسمية تلك الحقبة التاريخية التي بلغت فيها بريطانيا أوج مجدها وعظمتها على إسمها «العصر الفيكتوري» والذي تميز بكونه العصر الذي شهد أوج توهج الإمبراطورية وقمة الثورة الصناعية في بريطانيا بالإضافة للتوسعات والإستعمارات ومناطق النفوذ الخارجية. وأخيراً، وفي عام 1876م وبمبادرة من رئيس الوزراء «بينجامين دزرائيلي» تم تتويج الملكة فيكتوريا إمبراطورةً على الهند، أكبر المستعمرات البريطانية. كانت جميع طوائف الشعب تُكن لها كثير من المحبة والإحترام كما حظت بشعبية لافتة ولعل أبلغ دليل علي ذلك لاإحتفالات التي تمت بمناسبة الإحتفاء بيوبيلها الذهبي (1887م) ثم الماسي (1897م) وسط أجواء شعبية عارمة. توفيت عام 1901م وخلفت العرش لإبنها إدوارد السابع.